قديمًا، وإلى الآن ..
وأنا أسمع وأرى الجدل الذي يحدث في يوم الأم، وفي أي يوم ومناسبة يحتفل بها العالم ..
المعارضين لهذه المناسبة ولغيرها من المناسبات حجتهم هي حديث الرسول ﷺ : "حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه".
وأنا هنا لا أعترض على الحديث ولا أشكك بصحته وأعوذ بربي من أن أرفض شيئًا من الدين، وأن أكون ممن يقبل بعضه ويُعرض عن بعض !!
ولكن ما أود التنويه له :
هل هذا الاستشهاد في محله ..؟
وهل المقصد من هذا الحديث هو ذم المسلمين الذين يشاركون غيرهم لمثل هذه المناسبات ..؟
لكي تكون الأمور أوضح، نحن نحتاج أن نعرف ماذا يقصد نبينا الكريم بهذا الحديث، ونقارنه مع حديث آخر حتى نتبين ونضع الأمور في نصابها الصحيح ..
في حديث آخر، كان يروي النبي ﷺ لأصحابه :
"دعيت إلى حلف في الجاهلية، لو دعيت لمثله في الإسلام لأجبت".
وهذا الحلف يُدعى بحلف الفُضول ..
وهو حلف أقامته قريش في الجاهلية لينصروا به كل مظلوم مهما كان عرقه ونسبه، ويعاقبوا به كل ظالم مهما كانت مكانته ونسبه ..
وقد كان الرسول ﷺ مشاركًا بهذا الحلف في شبابه قبل النبوة ..
ويقول الرسول ﷺ أنه لو أن أحدًا من غير المسلمين دعاه لمثل هذا الحلف وهو نبي المسلمين لأجاب النداء !!
هذا معناه أننا نشترك مع الآخرين بالمبادئ والقيم السامية مهما كانت دياناتهم، وأفكارهم، وقناعاتهم، وسلوكياتهم ..
نشترك معهم بمبادرات حقوق الإنسان ..
نشترك معهم بنبذ العنصرية ومحاربتها ..
نشترك معهم بالتوعية لحقوق الطفل، والمرأة، والنبات، والحيوان ..
نشترك معهم بكل ما هو خير للبشرية والإنسانية ..
ومن هذا المنطلق :
ما المانع من أن نهدي لأغلى امرأة في حياة كل منا هدية تفرح بها ..؟
نعلم أن الأم لها أيامنا كلها، وأنه ليس هناك يوم واحد نسعد به أمهاتنا ..
ولكن ما المانع من أن نشترك بهذا اليوم العالمي لنجعل كل أمهات هذا الكوكب سعداء، ولكي تعلم كل أم أن هذا اليوم هو يومها، "يومها وحدها".
أما التقليد الأعمى حتى في الأخطاء فبلا شك أنه يبقى فعلًا مذمومًا، لأنه ليس هناك أجمل من الشخص الذي يكون كما يحب أن يكون، لا أن يكون كما يكون الآخرين.
أخيرًا :
ليس من الخطأ أن نختار أيامًا نسعد بعضنا فيها،
الخطأ في أن نظن أن ديننا ضيق، ولا يستوعب مثل هذه المناسبات.
-
صالح الطويّانمُدَرِّب وكاتِب | الحَيَاة الطَّيِّبَة، هِي مَا أُرِيدهَا لِنَفْسِي، ولِلْعَالَمِين ..⚘