كارثة في الجو وصراع في البر .

عن ملابسات سقوط الطائرة المصرية في البحر المتوسط مؤخراً لا احُب إستباق الأحداث و الحديث بغير علم ويقين لأني غير متخصص في هذا الشأن ، لكن ومن خلال متابعتي الدائمة لما يأتي من التحقيقات منذ الإعلان عن سقوط الطائرة ، أكاد أجزم أن هناك معركة خفية تدور رحّاها في الكواليس بين أطراف ثلاثة يسعى كل منهم إن يبرأ ذمته من دماء الضحايا و إبقاء سمعته بعيداً عن الشبهات .

الطرف الأول هي الشركة المصنعة للطائرة (إيرباص) فبعد حدوث الفاجعة أسرعت وأعلنت مشاركتها في التحقيقات الجارية للوقوف علي أسباب سقوط الطائرة ، وبالطبع فهي ستحاول بكل قوة أن تبرأ ساحتها من أي مشاكل فنية لأجهزة الطائرة قد تكون تعرضت لها في رحلتها الأخيرة ، لذلك ستسعي لتبنى أي سيناريو يبعد أي شبهة تنتقص من سلامة الطائرة من الناحية الفنية ، لآنه في حالة ثبوت ذلك قد يعرضها لمخاطر تعويض الضحايا ، بخلاف ما قد يسبب ذلك من مشاكل تسويقية للطائرة مستقبلاً .

الطرف الثاني هي فرنسا التي أقعلت منها الطائرة فبطبيعة الحال كانت في طليعة المشاركين في التحقيقات فمن جانبها تحاول وبكل قوة غلق أي منافذ قد تسبب في تسرب أي أضرار من عواقب هذه الفاجعة ، لأن ثبوت فرضية حدوث خلل أمني في منظومة مطار شارل ديجول الذي أقلعت منه الطائرة أدى إلى رزع قنبلة على جسم الطائرة ، قد يسبب لها حرجاً بالغاً ناهيك عن التعويضات المادية لاسر الضحايا ، لذلك تسعى وبكل قوة إلى إثبات عكس ذلك تماماً حفاظاً على سمعة مطاراتها الدولية ، كما لا يجب أن ننسى أنها مقبلة على تنظيم بطولة كروية كبرى (يورو 2016) على أراضيها وستستقبل الملايين في مطاراتها خلال الايام المقبلة .

الطرف الثالث الدولة المصرية وهي أيضا معنية بنتائج التحقيقات وتتمنى أن تكون الطائرة تم إسقاطها بفعل تفجير (عمل إرهابي) و من ثم تستطيع أن تقول للجميع بأن ما حدث من قبل حين سقطت الطائرة الروسية في سيناء بالرغم أنه ناتج عن عمل ارهابي لكن ليس بقاصراً على المطارات المصرية (شرم الشيخ) فحسب بل هناك أيضاً في مناطق أخرى ، حتي في فرنسا !!. مما قد يخفف عنها العبء المعنوي على أقل تقدير مستقبلاً . كما أن (مصر للطيران) تتمنى وتلح على فرضية العمل الإرهابي ، لأنه لو ثبت أن الطائرة لم تنفجر بفعل عمل إرهابي و أنها لم تسقط بسبب خلل فني في محركاتها ، إذا سيكون الإحتمال الأخير وهو سقوطها بسبب خلل فني نتيجة اإهمال في أعمال الصاينة أو بفعل الرحلات الخمس (المجهدة) التي قامت بها الطائرة في ذات اليوم فستكون الكارثة بعينها ، لأن إثبات ذلك يعني وبكل بساطة خروج شركة مصر للطيران من الخدمة نهائياً حتى اشعارا آخر ، ولا ننسى حجم التعويضات التي ستتكبدها الشركة اذا ما ثبتت هذه الفرضية .

وبرغم أني لا اؤمن بنظرية المؤامرة لكن لا أستبعد إطلاقاً أن يتم إلصاق التهمة بشركة مصر للطيران وتبرأة فرنسا و الشركة المصنعة من أي تقصير ، وهذا ما بدأنا نلمحه في الساعات الأخيرة من التسريبات التي تخرج من المحققين في هذه الكارثة ، لكن في كل الأحوال علينا الإنتظار حتي تتبين كافة الملابسات .