فى الليلة الثانية من الليالى القمرية .. تلك الليلة التى بات ينتظرها طوال الشهر ، يأتى فيها القمرُ بدراً و يُحدثه بكل سكينة ووقار ..
كان كُلما نظر إلى الهلال فى الأيامِ الخالية سمع صوته يقول: " اصبر حتى أكتمِل فأجد لك حلاً" ، ..
فى الشهر الماضى وقفَ البَدرُ حائراً عاجزاً عن إيجاد حل لكل المشكلات التى استعمرت قلب صاحبنا المنتظِر .. حتى أن البدر لم يُكلف نفسه بوعدٍ صغير يقطعه من أجل صاحبنا ليطمئنه بأنه سيبحث عن حل! و لكنه رحَل سريعاً فى الليلة التى تلتها .. تماماً كما يرحل الجميع .
و لكن الأيام تعود من جديد و يأتى ميعاد اللقاء المُنتظر ، و يهرع صاحبنا إلى نافذته فى شوقٍ و حُب و يقول :" السلامُ على من غاب فأطال الغياب ، و السلامُ على من حضر فأحسَن الإستماع " ..
ينظر البدر إلى اليمين قليلاً و يبتسم و يقول فى جمال:" دَعنى أُعرِفك على صديقى القديم ، إنه المُشترى ... "
يقاطعه صاحبنا فى غضب :" لا أريد التعرف على أحد ، أنت تعلم أنى انتظر تلك الليلة شهراً كاملاً حتى أختلى بك وحدنا ، فما كان منك إلا أن أتيت بصديقك هذا ! ، بالطبع أنت تُفضله عنى فهو يفهمك أكثر منى ، هنيئاً لكما ."
يُغلق النافذة بقوة .. يُطفئ الأنوار .. يُدير موسيقاه الصاخبة و يظل حبيساً داخل وهم أفكارٍ بائسة اختلقها الإنسان الذى بداخله ! .
فى حين ينظر المُشترى إلى البدر باستخفاف و يقول : " أهذا الذى جلبتنى أنا و أقمارى السبع و ستون من أجل إيجاد حل لمشاكله الحمقاء مثله !؟ "
يقول البدر مدافعاً :" هلَّا عذرته ! لو كُنتَ من بنى البشر لفعلت مثله .. فَهُم تتحكم فى حياتهم أفكار غريبة يفرضونها و يقعون فى حُبها .. جَهلهم أعمى يا صديقى ، و سترى أنه سيأتى الشهر القادم مُطأطئ الرأسِ بعيونٍ آسفة مُعتذراً عن جهله الذى مَحته الأيام .. "
يَرُد المُشترى فى حِكمة: " هيا لا وقت لدينا ، قُم للرقص."