مقال عن: ماهية الثورة الصناعية للجيل الرابع وتطبيقاتها التربوية

بقلم: أ.رجاء صلاح صندوقة

باحثة بدرجة الدكتوراة،

قسم المناهج وطرق التدريس، كلية التربية،

الجامعة الإسلامية – غزة، فلسطين

مما لا شك فيه أن الثورة الصناعية الرابعة تعتمد بشكل أساسي على الثورة الرقمية، حيثُ تعتبر التكنولوجيا جزءً لا يتجزأ من المُجتمع وحلقة الوصل بين العالم المادي والرقمي والبيولوجي أيضاً، حيثُ تتميز استخدام التكنولوجيا المُعاصرة في المجالات المُتنوعة، والتي تتمثل في الصحة والطاقة والطب والزراعة والإنتاج الذكي. وذلك بهدف تحسين الكفاءة وتعزيز التطورات في النمو.

تُثير الثورة الصناعية الرابعة الجدل حول ماهيتها، ويرجع سبب حُدُوث الارتباك حيال فهم كثير من المُصطلحات، أن بعضها يُطلق ويُراد به نفس الشيء، أو نفس الفكرة وبعضها يُطلق، ويُراد به أكثر من شيء، أو فكرة، وأن إيجاد لُغة مًشتركة عند وصف المُصطلحات أو المفاهيم أو الأفكار الجديدة يُساعد على زيادة التعلم وإزالة الغُمُوض المُتعلق بالمُصطلح، أما استخدام لُغة غير مُحددة ينتج عنها تداخُل في النص المُراد استخدامُه وزيادة في الغُمُوض وتراجع في فُرص التعلم، ويتم استخدام مفهُوم الثورة الصناعية الرابعة بصُورة صحيحة من خلال تعريف المعنى والنظام (البلشي، 2019م، ص42).

فمُنذُ عام 2011م بدأت حُكُومة الولايات المُتحدة الأمريكية سلسلة من المُناقشات والإجراءات والتوصيات لضمان استعداد الولايات المُتحدة الأمريكية لقيادة الجيل القادم من التصنيع، وفي 2012م أقرت حُكُومة ألمانيا خطة عمل بعنوان استراتيجية التكنولوجيا العالية 2020م لتطوير التقنيات المُتطورة، ومثل الصناعة 4.0 (Industrie 4.0) الطُمُوحات الألمانية في قطاع التصنيع، وفي عام 2013م بدأت في مُراجعة استراتيجياتها في مجال التصنيع حيثُ إنها اعتمدت 34 مُبادرة كأولوية للسياسة الصناعية الفرنسية، وفي نفس الوقت قدمت الحُكُومة البريطانية تصور لقطاع التصنيع حتى عام 2050م، بعنوان مُستقبل التصنيع، واهتمت المُفوضية الأُوربية أيضاً بمصانع المُستقبل عام 2014م، وفي نفس العام أعلنت الحُكُومة الكورية برنامج الابتكار في التصنيع 3.0 لتحقيق قفزة جديدة في التصنيع الكُوري، وفي عام 2015م أصدرت الحُكُومة الصينية استراتيجية صنع في الصين لتركيز الصين على عشرة مجالات في قطاع التصنيع لتسريع المعلومات والتصنيع في الصين، واعتمدت الحُكومة اليابانية الخطة الأساسية الخامسة للعلم والتكنولوجيا حيثُ أولت اهتمام خاص لقطاع التصنيع لتحقيق المُجتمع الذكي الرائد عالمياً، وفي عام 2016م خصصت حُكُومة سنغافورة 19 مليار دولار لخطة 2020م الخاصة بالبحث والابتكار والمشاريع، وتم تحديد ثمانية قطاعات صناعية رئيسية في مجال التصنيع، والهندسة المُتقدمة، كما تم تأسيس اتحاد الانترنت الصناعي لتحفيز وتنسيق الأولويات، وتمكين الإنترنت الصناعي كما استثمرت كبار الشركات العالمية في مجال إنترنت الأشياء (Liao, et al., 2017, P. 3609-3610).

حيثُ أسهمت كُل هذه الاجراءات في الدفع بقُوة لظُهُور الثورة الصناعية الرابعة حتى كانت الموضوع الرئيس للمُنتدى الاقتصادي العالمي 2016م (مُنتدى دافوس)، ومن وقتها أصبحت الثورة الصناعية الرابعة من أكثر الموضوعات التي نوقشت في المُؤتمرات والمُنتديات، والمعارض الصناعية، وتزايُد اهتمام مراكز البحث والجامعات والشركات من خلال التجارب المعملية أو التطبيقات الصناعية بها.

وتُعرف الثورة الصناعية للجيل الرابع: بأنها التغيير الثوري الذي يحدث عندما تنتشر التكنولوجيا المعلوماتية بشكل أُفُقي، وفي كُل الصناعات والمصحوبة بالاتصال الإبداعي بين التكنولوجيا والسُوق في جميع الصناعات القائمة على التكنولوجيا المعلوماتية

((Lee et al, 2018, P. 2-3.

وتعرفها الباحثة إجرائياً: بأنها تزويد المُتعلمين بالمهارات المُختلفة التي يحتاجونها بهدف النجاح في القرن الحادي والعشرين كما يُتيح التعلم الرقمي للمُتعلمين من أجل تطوير التفكير الناقد لديهم وحل مُشكلاتهم والتعاون فيما بينهم.

التطبيقات التربوية للثورة الصناعية الرابعة، والتي تتمثل فيما يلي: (الشوابكة، 2016م، ص201)، (الزين، 2018م، ص79):

1. البيانات الهائلة: ويُطلق عليها البيانات الضخمة كما أنها تتمثل في كمية البيانات الكبيرة جداً التي تفوق قُدرة التطبيقات المُستخدمة، ولا يُمكن إدارتها بقواعد البيانات العادية والشائعة، كما أنها حزمة البيانات الخام من نواتج شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت (الشوابكة، 2016م، ص201).

2. الروبوت الذاتي: فهو يتمثل بروبوت مُستقل ذاتي التحكم حيثُ إنه يُستخدم لأغراض مُختلفة منها الطبية والعسكرية.

3. المُحاكاة: ويُطلق عليها النمذجة، وهي تتمثل في النظام القائم على الواقع الافتراضي ومُحاكاة ما يحدث داخل هذا النظام لتوقع نتائج ما أو مُعالجة مُشكلة.

4. إنترنت الأشياء: والتي تتمثل في جيل جديد من الانترنت يُتيح التواصل مع الأجهزة المُحيطة والتحكُم بها عن طريق الإنترنت.

5. الحوسبة السحابية: فهي التي تتمثل في إتاحة البيانات إلكترونياً للمُستخدمين والتطبيقات والنُظُم الإلكترونية تحت الطلب عبر الإنترنت.

6. التصنيع المُضاف: ويُطلق عليها الطباعة ثلاثية الأبعاد كما أنها تُتيح طباعة أجسام ثلاثية الأبعاد، مما يُوفر إمكانية تفريد تصنيع الأجهزة.

7. الواقع المُعزز: والتي تتمثل في التكنولوجيا القائمة على إسقاط التصاميم الإلكترونية عبر بيئة المُستخدم الحقيقية (الزين، 2018م، ص79).

8. المُمارسات السُلُوكية والرقمية: وتتمثل في الفريق البحثي هو واقع تعامُل الطلبة مع أجهزة التقنية الحديثة، بوصفها تجارب شخصية في توظيف التكنولوجيا في الحياة العامة.

المراجع: 

البلشي، محمد. (2022). تمكين المعلم من متطلبات الثورة الصناعية الرابعة وتفعيلها في العملية التربوية، بحث منشور، محافظة دمياط، مصر.

الزين، حنان. (2018). "برنامج تعليمي مقترح لتنمية مهارات تصميم تقنية الواقع المعزز لدى طالبات جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن وأثرة على زيادة دافعية التعلم لديهن"، مجلة الفتح، السعودية، 14(74)، ص71-109.

الشوابكة، يونس. (2018). الوعي بمفهوم البيانات الضخمة لدى العاملين بالمكتبات الأكاديمية: دراسة حالة مكتبة الجامعة الأردنية، المؤتمر الرابع والعشرين لجمعية المكتبات المتخصصة، مسقط عمان.

ثانيًا: المراجع الأجنبية:

Lee, M. et all. (2018). "How to Respond to the Fourth Industrial Revolution or the Second Information Technology Revolution? Dynamic New Combinations between Technology, Market, and Society through Open Innovation", Journal of Open Innovation: Technology, Market and Complexity, Vo. 4, No. 3.

Liao, Y.; Deschamps, F.; Loures, E. & Ramos, L. (2017). "Past present and future of Industry 4.0- a systematic literature review and research agenda proposal", International Journal of Production Research, Vo. 55, No. 12, Retrieved from: http://dx.doi.org.