عدم صحة الاستدلال بالقرآن على جواز نكاح المتعة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

عدم صحة الاستدلال بالقرآن على جواز نكاح المتعة

  نشر في 30 أكتوبر 2021 .


استدل لنكاح المتعة وهو و هو النكاح المنعقد بمهر معين إلى أجل معلوم بقوله تعالى (فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) وستعرف انه لا دلالة فيه على الجواز بل هو دال على المنع. قال في الوسيط - { فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً } والاستمتاع : طلب المتعة والتلذذ بما فيه منفعة ولذة . والمراد بقوله { أُجُورَهُنَّ } أى مهورهن لأنها فى مقابلة الاستمتاع فسميت أجراً . و { مَا } فى قوله { فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ } واقعة على الاستمتاع والعائد فى الخبر محذوف أى فآتوهن أجورهن عليه . والمعنى : فما انتفعتم وتلذذتم به من النساء عن طريق النكاح الصحيح فآتوهن أجورهن عليه . ويصح أن يكون { مَا } واقعة على النساء باعتبار الجنس أو الوصف . وأعاد الضمير عليها مفرداً فى قوله { بِهِ } باعتبار لفظها ، وأعاده عليها جمعا فى قوله { مِنْهُنَّ } باعتبار معناها . ومن فى قوله { مِنْهُنَّ } للتبعيض أو للبيان . والجار والمجرور فى موضع النصب على الحال من ضمير { بِهِ } : والمعنى : فأى فرد أو الفرد الذى تمتعتم به حال كونه من جنس النساء أو بعضهن فأعطوهن أجورهن على ذلك . والمراد من الأجور : المهور . وسمى المهر أجراً؛ لأنه بدل عن المنفعة لا عن العين . وقوله { فَرِيضَةً } مصدر مؤكد لفعل محذوف أى : فرض الله عليكم ذلك فريضة . أو حال من الأجور بمعنى مفروضة . أى : فآتوهن أجورهن حالة كونها مفروضة عليكم . ثم بين - سبحانه - أنه لا حرج فى أن يتنازل أحد الزوجين لصاحبه عن حقه أو عن جزء منه ما دام ذلك حاصلا بالتراضى فقال - : { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ الفريضة إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } . هذا ، وقد حمل بعض الناس هذه الآية على أنها واردة فى نكاح المتعة وهو عبارة عن أن يستأجر الرجل المرأة بمال معلوم إلى أجل معين لكى يستمتع بها . قالوا : لأن معنى قوله - تعالى - : { فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } : فمن جامعتموهن ممن نكحتموهن نكاح المتعة فآتوهن أجورهن . ولا شك أن هذا القول بعيد عن الصواب ، لأنه من المعلوم أن النكاح الذى يحقق الإِحصان والذى لا يكون الزوج به مسافحا . هو النكاح الصحيح الدائم المستوفى شرائطه ، والذى وصفه الله بقوله { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً } . وإذاً فقد بطل حمل الآية على أنها فى نكاح المتعة؛ لأنها تتحدث عن النكاح الصحيح الذى يتحقق معه الإِحصان ، وليس النكاح الذى لا يقصد به إلا سفح الماء وقضاء الشهوة .

وقال في زاد المسير - قال الزجاج : ومعنى قوله : { فما استمتعتم به منهن } فما نكحتموهن على الشريطة التي جرت ، وهو قوله { محصنين غير مسافحين } أي : عاقدين التزويج { فآتوهن أجورهنَّ } أي : مهورهن . ومن ذهب في الآية إلى غير هذا ، فقد أخطأ ، وجهل اللغة . وقال في البحر المديد - يقول الحقّ جلّ جلاله : { وأُحل لكم } أن تتزوجوا من النساء ما سوى ذلكم المحرمات ، وما سوى ما حرمته السنة بالرضاع ، كما تقدم ، والجمع بين المرأة وعمتها ، وبين المرأة وخالتها ، فقد حرَمتْه السُنة ، وإنما أحل لكم نكاح النساء إرادة أن تطلبوا بأموالكم الحلال ، فتصرفوها في مهور النساء . . . حال كونكم { مُحصنين } أي : أعفة متحصنين بها من الحرام ، { غير مسافحين } أي : غير زناة ، تصبون الماء في غير موضعه ، { فما استمتعتم به منهن } أي : من تمتعتم به من المنكوحات { فآتوهن أجورهن } أي : مهورهن ، لأن المهر في مقابلة الاستمتاع { فريضة } ، أي : مفروضة مقدرة ، لا جَهْلَ فيها ولا إبهام ، { ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به } من زيادة على المهر المشروط ، أو نقص منه ، { من بعد الفريضة } ، التي وقع العقد عليها ، { إن الله كان عليمًا } بمصالح خلقه ، { حكيمًا } فيما شرع من الأحكام . وقيل قوله : { فما استمتعتم به . . . } إلى آخره . نزل في نكاح المتعة، التي كانت ثلاثة أيام في فتح مكة ، ثم نُسِخَ. انتهى أقول روايات تحليل المتعة لا تثبت فلا تحليل أصلا فلا نسخ، والمصدق ان النهي كان لعمل كان يعمل قبل الإسلام وليس لأنه حلل ثم نسخ وحرم، فلاحظ جيدا. ومن هنا يعلم ما في التسهيل لعلوم التنزيل قال وقيل إنها في نكاح المتعة وهو النكاح إلى أجل من غير ميراث وكان جائزا في أول الإسلام فنزلت هذه الآية في وجوب الصداق فيه ثم حرم عند جمهور العلماء فالآية على هذا منسوخة بالخبر الثابت في تحريم نكاح المتعة وقيل نسختها آية الفرائض لأن نكاح المتعة لا ميراث فيه وقيل نسختها والذين هم لفروجهم حافظون وروي عن ابن عباس جواز نكاح المتعة وروي أنه رجع عنه. انتهى أقول قوله نسختها أي على قول ان الاية في نكاح المتعة وقد عرفت انها في النكاح الدائم. والرواية عن ابن عباس تفسيرا وتحليلا للمتعة ظن لا شاهد له بل خلاف القران. وروي عنه خلاف ذلك ما هو مصدق صحيح ففي الدر المنثور – قال وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله { فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة } يقول : إذا تزوّج الرجل منكم المرأة ثم نكحها مرة واحدة فقد وجب صداقها كله « والاستمتاع » هو النكاح . وهو قوله { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } [ النساء : 4 ] .

واما ما فيه قال وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان متعة النساء في أوّل الإسلام ، كان الرجل يقدم البلدة ليس معه من يصلح له ضيعته ولا يحفظ متاعه ، فيتزوّج المرأة إلى قدر ما يرى أنه يفرغ من حاجته ، فتنظر له متاعه وتصلح له ضيعته ، وكان يقرأ { فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى } نسختها { محصنين غير مسافحين } وكان الإحصان بيد الرجل ، يمسك متى شاء ويطلق متى شاء . أقول ومع ان الرواية غير ظاهرة في المدعى فانها من التأويل وتطبيق ظاهر اللفظ على موضوع خارجي ويزيده وضوحا نسبة ابن عباس التاويل الى (كانوا يقولون) ففي الدر المنثور: أخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : كانت المتعة في أول الإسلام ، وكانوا يقرأون هذه الآية « فما استمتعتم به منهنَّ إلى أجل مسمى . . » الآية . وهو ظاهر انه اخذه من صحابي تأول الاية وهو يتعارض مع روايات التفسير، فالروايات في هذه الايات مضطربة وهذا ما اعترف به صاحب التحرير والتنوير قال والذي استخلصناه أنّ الروايات فيها مضطربة اضطراباً كبيراً.

وقال في الدر المنثور - وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر والنحاس من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله { فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة } قال : نسختها { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } [ الطلاق : 1 ] . { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } [ البقرة : 228 ] . { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر } [ الطلاق : 4 ] . وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر والنحاس والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال : نسخت آية الميراث المتعة . وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر والبيهقي عن ابن مسعود قال : المتعة منسوخة ، نسخها الطلاق ، والصدقة ، والعدة ، والميراث . وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن علي قال : نسخ رمضان كل صوم ، ونسخت الزكاة كل صدقة ، ونسخ المتعة الطلاق والعدة والميراث ، ونسخت الضحية كل ذبيحة . أقول وهنا النسخ يحمل على النهي لأنه المصدق ورغم ان ظواهر هذه الروايات وغيرها مخالفة للقران وناتجة عن تأويل لآية فيه الا انني نقلتها استيفاء للكلام وبيانا انها لا تصح مستندا ومعتمدا وهكذا ما دل على التحليل والتحريم. فان نكاح المتعة مصدره الحديث وهو مخالف للقران فيكون ظنا ومتشابها ومن احكامه انه يحمل على ان نكاح المتعة من اعراف الجاهلية فنهى عنه الإسلام والاية ليست فيه بل في الزوجة الدائمة. ومن هنا تعلم ما في النكت والعيون - (ج 1 / ص 287) { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَئَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً } أي آتوهن صدقاتهن معلومة ، وهذا قول مجاهد ، والحسن ، وأحد قولي ابن عباس . والقول الثاني : أنها المتعة إلى أجل مسمى من غير نكاح ، قال ابن عباس كان في قراءة أُبيّ : { فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى } ، وكان ابن عباس كذلك يقرأ ، وسعيد بن جبير ، وهذا قول السدي ، وقال الحكم : قال عليّ : لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي ، وهذا لا يثبت ، والمحكي عن ابن عباس خلافه ، وأنه تاب من المتعة وربا النقد . أقول فحديث يروى رواية وليس مصدق من القران لا يصح القول به. قال في أحكام القرآن للكيا الهراسى - والذي ذكره هؤلاء في معنى قوله تعالى: {فَما اسْتَمْتَعْتم بهِ مِنْهُنَّ} الآية, لا يحتمل ما ذكره هذا القائل الذي حمله على نكاح المتعة, فإن الأجر بمعنى المهر, قال تعالى: {وَلا جناحَ عَلَيْكم أنْ تَنْكِحوهُنَّ إذا آتَيْتُموهُنَّ أجورَهُنَّ}. فلما ذكر النكاح علم أنه إراد به الصداق. وقال تعالى: {وآتوهُنَّ أجورَهُنَّ بالمعْروفِ مُحصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ}. فدل على أن محصنات ومحصنين عنى به التزويج, لأن محصنات ذكر مع النكاح, لقوله تعالى: {فانْكِحوهُنَّ بإذنِ أهْلِهِنَّ وآتوهُنَّ أجورَهُنَّ بالمعْروف مُحصَناتٍ غَيرَ مُسافِحاتٍ}. قوله تعالى: {ولا جُناحَ عَلَيْكُم فيما تراضَيْتُم بهِ مِنْ بَعْدِ الفَريضَةِ}. معناه جواز الإبراء عن بعض الصداق أو هبة بعضه. وتقدير الكلام: أن تبتغوا بأموالكم محصنين - أي متزوجين - بهن, فإذا استمتعتم بهن فآتوهن أجورهن, ولا تنقصوا شيئاً, وإن جرى فراق أو سبب، إلا أن تكون قد حطت شيئاً من الصداق, فالحق لها, والمحطوط لا يجب توفيره عليها إذا استمتع. انتهى

وقال في التبيان في تفسير القرآن - وقوله: (فما استمتعتم به منهن) قال الحسن، ومجاهد، وابن زيد: هو النكاح، وقال ابن عباس، والسدي: هو المتعة إلى أجل مسمى، وهو مذهبنا، لان لفظ الاستمتاع إذا أطلق لا يستفاد به في الشرع إلا العقد المؤجل، ألا ترى أنهم يقولون: فلان يقول بالمتعة، وفلان لا يقول بها، ولا يريدون إلا العقد المخصوص. انتهى اقول لا انصراف بل عرفت ما تقدم من الوسيط ان الاستمتاع والتمتع والتلذذ كله حاصل بالوطء. هذا وان الكلام هنا معطوف على الكلام على التزويج والنكاح الدائم المعهود فلا مجال لشكل من النكاح غيره وهذا ما يجب التنبه له فعلا.

ثم قال رحمه الله تعالى : ولاي نافي ذلك قوله: " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم "لانا نقول: إن هذه زوجة، ولا يلزم أن يلحقها جميع أحكام الزوجات، من الميراث، والطلاق، والايلاء، والظهار، واللعان، لان احكام الزوجات تختلف، ألا ترى أن المرتدة تبين بغير طلاق، وكذلك المرتد عندنا، والكتابية لا ترث، وأما العدة فانها تلحقها عندنا، ويلحق بها أيضا الولد، فلا شناعة بذلك) انتهى أقول ان القران يصدق بعضه بعضا وحينما يطلق الزوجة فهو يريد الدائمة لا غير وسترى ان الشيخ يسلم فرضا لكونها ليست زوجة.

قال (ولو لم تكن زوجة لجاز أن يضم ما ذكر في هذه السورة إلى ما في تلك الآية، لانه لا تنافي بينهما، ويكون التقدير: إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم أو ما استمتعتم به منهن وقد استقام الكلام. انتهى أقول ليس ظاهرا من تتبع الكلمات انها كانت تسمى زوجة بلا مجاز وتكلف فلا مجال للقول باشتمال اللفظ لها، كما ان توجيه الثاني يشهد لذلك وليس المسالة مسالة توجيه بل مسالة تحقيق. هذا ولقد اشترط في هذا الاستمتاع الاحصان والمتعة لا تحصن لا لغة ولا شرعا.

ثم قال (وفي أصحابنا من قال: قوله: (أجورهن) يدل على أنه أراد المتعة، لان المهر لا يسمى أجرا، بل سماه الله صدقة ونحلة، وهذا ضعيف، لان الله سمى المهر أجرا في قوله (فانكحوهن باذن أهلهن وآتوهن أجورهن) وقال: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن) ومن حمل ذلك كله على المتعة كان مرتكبا لما يعلم خلافه). أقول وكلامه الأخير يتوافق مع ما قلناه ان الآية ليست في المتعة اذ ان القرائن تشير الى إرادة الدائم والاجر هو المهر فلا احتمال اخر.

ثم قال رحمه الله تعالى وقوله: (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) قال الحسن، وابن زيد: أي تراضيتم به من حط بعض الصداق أو تأخيره، أو هبة جميعه. وقال السدي وقوم من أصحابنا: معناه: لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من استئناف عقد آخر بعد انقضاء المدة التي تراضيتم عليها، فتزيدها في الاجر وتزيدك في المدة. انتهى أقول من الواضح ان العبارة هي ظاهرة في المعنى الأول ويصعب حملها على استئناف عقد جديد وزيادة مدة وزيادة اجر بل هو من الإضافة المعرفية والتأويل ولأنه لا شاهد له فيكون ظنا. قال في تفسير الأمثل - ثمّ إِنّ الله سبحانه قال: ـ بعد ذكر وجوب دفع المهر ـ (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) وهو بذلك يشير إِلى أنّه لا مانع من التغيير في مقدار الصداق إِذا تراضى طرفا العقد، وعلى هذا الأساس يكون الصداق نوعاً من الدين الذي يخضع للتغيير من زيادة أو نقصان إِذا تراضيا. (ولا فرق في هذا الأمر بين العقد المؤقت والعقد الدائم وإِن كانت الآية الحاضرة ـ كما شرحنا ذلك سلفاً ـ تدور حول الزواج المؤقت). ثمّ إنّ هناك احتمالا آخر في تفسير الآية أيضاً وهو أنّه لا مانع من أن يقدم الطرفان ـ بعد انعقاد الزواج المؤقت على تمديد مدّة هذا الزواج وكذا التغيير في مقدار المهر برضا الطرفين. ) انتهى فانت ترى كيف انه قدم القول بانه من الصداق وان أورد الاحتمالات الأخرى على ما يتبانه من الجواز.

قال في تفسير مجمع البيان – و قوله « فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة » قيل المراد بالاستمتاع هنا درك البغية و المباشرة و قضاء الوطر من اللذة عن الحسن و مجاهد و ابن زيد و السدي فمعناه على هذا فما استمتعتم أو تلذذتم من النساء بالنكاح فأتوهن مهورهن و قيل المراد به نكاح المتعة و هو النكاح المنعقد بمهر معين إلى أجل معلوم عن ابن عباس و السدي و ابن سعيد و جماعة من التابعين و هو مذهب أصحابنا الإمامية و هو الواضح لأن لفظ الاستمتاع و التمتع و إن كان في الأصل واقعا على الانتفاع و الالتذاذ فقد صار بعرف الشرع مخصوصا بهذا العقد المعين لا سيما إذا أضيف إلى النساء فعلى هذا يكون معناه فمتى عقدتم عليهن هذا العقد المسمى متعة فأتوهن أجورهن. انتهى أقول ان الالفاظ في النصوص تحمل على حقائقها الواقعية الوضعية وليس على ما يتكون في فكر المجتمع تبعا لمعارف تتكون عندهم والنص في زمن وبنفسه ليس فيه اختصاص بالمتعة بل هو في الاستمتاع والالتذاذ بالزوجة.

ثم قال رحمه الله تعالى (ويدل على ذلك أن الله علق وجوب إعطاء المهر بالاستمتاع و ذلك يقتضي أن يكون معناه هذا العقد المخصوص دون الجماع و الاستلذاذ لأن المهر لا يجب إلا به. انتهى أقول ان الاستلذاذ والجماع الموجب للمهر هو جماع النكاح واستلذاذه، مع ان القران يستعمل أحيانا كلاما مختصرا واحيانا مجملا كما هنا فقد اختلف في الاستمتاع هل هو الجماع ام الخلوة او غيرهما وهل (ما ) عي النساء ام الاستمتاع لكن الظاهر انه بيان لأصل وجوب الوفاء بالمهر كما إشارات آيات أخرى فهنا اصل للحكم وهو الوفاء بالمهر وتفصيله في محل اخر.

ثم قال رحمه الله تعالى (ومما يدل أيضا على أن لفظ الاستمتاع في الآية لا يجوز أن يكون المراد به الانتفاع والجماع أنه لو كان كذلك لوجب ألا يلزم شيء من المهر من لا ينتفع من المرأة بشيء وقد علمنا أنه لو طلقها قبل الدخول لزمه نصف المهر ولو كان المراد به النكاح الدائم لوجب للمرأة بحكم الآية جميع المهر بنفس العقد لأنه قال «فأتوهن أجورهن» أي مهورهن ولا خلاف في أن ذلك غير واجب وإنما تجب الأجرة بكماله بنفس العقد في نكاح المتعة. انتهى أقول وفيه ما تقدم انه لا مفهوم له والآية في بيان أصل وجوب الوفاء لهن وتفصيله في محل اخر، فهنا بيان فرض المهر كما انه بيان لإمكان العفو فيه من الطرفين. قال في أضواء البيان -قوله تعالى: { فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } الآية. يعني : كما أنكم تستمتعون بالمنكوحات فأعطوهن مهورهن في مقابلة ذلك ، وهذا المعنى تدل له آيات من كتاب الله كقوله تعالى : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أفضى بَعْضُكُمْ إلى بَعْضٍ } [ النساء : 21 ] الآية . فإفضاء بعضهم إلى بعض المصرح بأنه سبب لاستحقاق الصداق كاملاً، هو بعينه الاستمتاع المذكور هنا في قوله: {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ } الآية . وقوله: { وَآتُواْ النسآء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً } [ النساء : 4 ] وقوله : { وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً } [ البقرة : 229 ] الآية . فالآية في عقد النكاح، لا في نكاح المتعة كما قال به من لا يعلم معناها، فإن قيل التعبير بلفظ الأجور يدل على أن المقصود الأجرة في نكاح المتعة . لأن الصداق لا يسمى أجراً ، فالجواب أن القرآن جاء فيه تسمية الصداق أجراً في موضع لا نزاع فيه . لأن الصداق لما كان في مقابلة الاستمتاع بالزوجة كما صرح به تعالى في قوله : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ } [ النساء : 21 ] الآية . صار له شبه قوي بأثمان المنافع فسمي أجراً ، وذلك الموضع هو قوله تعالى : { فانكحوهن بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } [ النساء : 25 ] أي : مهورهن بلا نزاع ، ومثله قوله تعالى : { والمحصنات مِنَ المؤمنات والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } [ المائدة : 5 ] الآية . أي مهورهن فاتضح أن الآية في النكاح لا في نكاح المتعة. وفي التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزى - (ج 1 / ص 246) فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة قال ابن عباس وغيره معناها إذا استمتعتم بالزوجة ووقع الوطء فقد وجب إعطاء الأجر وهو الصداق كاملا.



   نشر في 30 أكتوبر 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا