قراءة في كتاب ( مصائر الفلسفة بين المسيحية والإسلام ) - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

قراءة في كتاب ( مصائر الفلسفة بين المسيحية والإسلام )

طرابيشي يرد على الجابري

  نشر في 15 مارس 2016 .

كتاب ( مصائر الفلسفة بين المسيحية والإسلام (

======================================

هذا الكتاب هو من سلسلة من الكتب بعنوان ( نقد نقد العقل العربي) للمفكر العربي جورج طرابيشي رداً فيها على سلسلة كتب ( نقد العقل العربي) للمفكر القومي محمد عابد الجابري.

في هذا الكتاب يستعرض طرابيشي الفلسفة وتقبلها في الحضارة الغربية، وأيضاً في الحضارة الإسلامية، ويناقش على ضؤوها أسباب تقدم الغرب بعد التخلف في العصور الوسطى، واسباب تخلف المسلمين بعد النهضة، والتطور في القرون الاولى.

يستعرض طرابيشي معرض شرح (( أسباب تخلف المسلمين وتقدم غيرهم )) ويشير إلى فقرة ذكرت في هذا المعرض التي تقول : (( أما في الثقافة العربية فلم يكن قد تم الاعتراف بالمنظومة الارسطية بنفس الصورة التي اعترف بها في اوروبا المسيحية، لأن السلطة المرجعية في الثقافة العربية لم تكن في حاجة إليها، لا إلى منطقها ولا إلى علومها، كما كانت في حاجة إليها السلطة المرجعية المسيحية : الكنيسة... هذا عن أسباب (( تخلف المسلمين ))، أما عن (( أسباب تقدم غيرهم ))، وبالضبط عوامل النهضةالأوروبية، فترجع بدورها إلى نوعين من (( الموروث )) : الموروث اليوناني المسيحي من جهة، والموروث العربي الفلسفي والعلمي من جهة ثانية. أما الاول فيتمثل بكيفية خاصة في عنصرين: نضال الكنيسة ضد الغنوص ( = العقل المستقيل ) نضالاً متواصلاً طوال القرون الاربعة الاولى من ظهور المسيحية، مما كنت نتيجته إقصاءه بصورة تامة من حظيرتها. وقد استعانت الكنيسة في نضالها ضد هذا الغنوص، وكذلك في نضالها ضد البدع الاخرى وفي المناقشات اللاهوتية حول العقيدة بالمسيحية ذاتها بــ (( المعقول العقلي )) اليونان، وفي مقدمته المنطق، مما جعل (( العقل الكوني )) يبقى حاضراً باستمرار في الفكر المسيحي )).

يرد طرابيشي عن إدعاء بأن السلطة الكنسية وظفت (( المعقول العقلي اليوناني )) في نضالها المتواصل ضد الغنوص (( طوال القرون الاربعة الاولى من ظهور المسيحية))، بينما استغنت عنه من البداية (( السلطة المرجعية الدينية في الثقافة العربية ))، فهو نموذج لوعي ايديولوجي لا واعٍ، وبالتالي لا نقدي، أو لا تفكيكي. ويرد بأن هذه الصورة المغلوطة سوف تستوضح تاريخياً خلال التاريخ الكنيسي. فطرابيشي يقول انه لا توجد سلطة دينية عادت الفلسفة واستغنت عن الموروث العقلي اليوناني كما عادتها واستغنت عنها مسيحية القرون الاولى. وثانياً يقول طرابيشي ان السلطة المرجعية الدينية في الثقافة العربية لم تقاطع المنظومة الارسطية كما يقول محمد عابد الجابري.

.

يقول طرابيشي ان نهر الفلسفة اليوناني قبل ان يأتي إلى الحضارة الغربية، قد مر بتحويلة شرق- أوسطية واستطالت إلى فارس. ويقول طرابيشي ان هذه التحويلة بدت وكأنها تشكل خرقاً للاحتكار الاوروبي الغربي لامتياز (( التفكير بالعقل في العقل ))، فقد جرى إما إغفالها في العديد من تواريخ الفلسفة المتداولة وإما - وهذا أدهى _ الطعن في واقعيتها. ويستعرض طرابيشي اقتباسات من كلام إرنست رينان من اكبر المتعصبي ضد الإسلام ، وأحد كبار معماريّي المركزية الإثنية الاوروبية، وصائغ أسطورة تفوق الجنس الآري ودونية الجنس السامي في القرن التاسع عشر، فهو صاحب المقولة المشهورة : (( من العسف أن نطلق اسم فلسفة عربية على فلسفة لا تعدو أن تكون استدانة من اليونان، وما كان لها أي جذر في شبه الجزيرة العربية. فهذه الفلسفة مكتوبة بالعربية ليس إلا، ثم انها لم تزدهر إلا في الأجزاء النائية من الامبراطورية الإسلامية في إسبانيا والمغرب وسمرقند؛ وبدلاً من ان تكون نتاجاً طبيعياً للروح السامي، فقد مثلت بالأحرى رد فعل عبقرية فارس الهندية- الأوروبية على الإسلام، أي على ذلك النتاج الأكثر روحاً للروح السامي )).

ويذكر طرابيشي قول محمد عابد الجابري ان الفلسفة عندما مرت بتحويلة شرق أوسطية اصيبت باللاعقلانية المشرقية، وبعد طول تخبط في مستنقع اللاعقلانية المشرقية - (( اعاد التأسيس مرة ثانية )) في (( المشروع الثقافي المغربي- الأندلسي )) كما تجسد في (( نقدية ابن حزم وعقلانية ابن رشد وأصولية الشاطبي وتاريخية ابن خلدون ))، ويضيف محمد عابد الجابري ان المشروع المغربي اعاد للفلسفة عقلانيتها لقربها من اوروبا بفعل وجود البحر، ولكنه عاد إلى اللاعقلانية المشرقية حتى سدد الغزالي ضربته القاضية على الفلسفة في كتابه (( تهافت الفلاسفة ))، وينتقد طرابيشي هذا القول ويستعرض من خلال صفحات الكتاب التكفير، والاتهام بالهرطقة، بل والحرق لكل من تكلم بالفلسفة، وعلم النجوم، أو خرج عن الارثوكسية المسيحية. واستشهد طرابيشي بهذا الشيء ما دشنه الرسول بولس المؤسس الثاني للمسيحية ليحذر اتباع الدين الجديد مما أسماه (( خدعة الفلسفة الباطلة ))، بل واعلن عن الاستغناء عن الحاجة إلى الحكمة البشرية من اساسها بعدما بزغت الحكمة الإلهية قائلاً : (( إنما عن الحكمة نتكلم فعلاً، لكن لا عن حكمة هذا العالم، ولا عن أمراء هذا العالم المكتوب عليهم الدثور. فإنما نحن نعظ بحكمة الله، الخفية، الباقية مستورة، الحكمة التي أعدها الله قبل قرون وقرون لمجدنا، والتي ما عرفها قط أحد من امراء هذا العالم، فليعمل على أن يكون مجنوناً كيما يصير حكيماً؛ إذ حكمة هذه الدنيا جنون امام الله )). ويذكر الكثير من العذابات التي تعرض لها مؤسسو، وعباقرة الفلسفة في المسيحية.

.

وعلى الجانب الاخر يذكر طرابيشي تطور الفلسفة القرون الاولى من الثقافة الإسلامية، وحتى فتنة بغداد بين السنة والشيعة حيث سيطر المذهب الحنبلي الفقهي، النصي على بقية مذاهب السنة من المعتزلة، والاشاعرة بسبب قتال السنة والشيعة، ثورة القرامطة. ويقول ان هذه الفتنة والصراعات التي حدث في العالم العربي لم تكن بيئة جيدة لنمو الفلسفة، أو تطورها، وبالتالي اضمحلت، وانتهت بدورها، بخلاف ما يقول محمد عابد الجابري ان الغزالي هو من قضى عليها. ويذكر طرابيشي التاريخ، والثقافة العربية والصراعات، ومن ثم الهجوم على المعتزلة، والإبقاء على النص الحنبلي، وعدم تحرير النص، من النص، وتحرير العقل من النص؛ فتم بهذا القضاء على بقية المذاهب السنية والإبقاء على الحنبلية لفترة طويلة، وأيضاً القضاء على المعتزلة، والكلام وأثبت بهذا كلام ابن تيمية.

ويقول ان الغزالي هو فيلسوف طرد الفلسفة من الباب، وقام بإعادتها من النافذة باسم المنطق، ومع هذا لم يتم الاخذ بكلام الغزالي فقد قيل (( من تمنطق فقد تزندق )).

.

ثم يظهر طرابيشي الكثير من الاختلافات ويعلن في الجزء الاخير من الكتاب ان الفلسفة هو السبيل الوحيد إلى النهضة، والتطور، وان اي ثقافة اخذت بالفلسفة وانتقدتها، وتعلمت منها، وحدثتها وجددتها سوف تقوم، وتتطور، وتتنصر. وان العقل هو السبيل إلى الخلاص، ويكون العقل بمشاركة العقل الديني، ولكن دون قيود للحرية، أو قيود للفكر



   نشر في 15 مارس 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا