صناعة الأمل.. "فلاحياة بلا أمل ولا أمل بلا حياة" - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

صناعة الأمل.. "فلاحياة بلا أمل ولا أمل بلا حياة"

  نشر في 26 نونبر 2015 .

هل الأمل يُصنع؟ وهل رأيتم من يُعلِّم هذا الفن؟ وهل للأمل صورة فنية رائعة ولها ملامحُ وسمات مُتميّزة؟!.

إي والله، إن للأمل صُناع، وله فن، وصوره متنوعة ذات ألوان بديعة، تسُر العيون، وتخلب العقول، وتبهر البصائر والأبصار.

لابد للأيام أن تدور وبدورانها تتغير الامور، فيوماً نكون بسعادة ونشاط وفرح ويوماً بهم ويأس وإحباط ولنتقلب على الدوران المستمر للحياة لابد أن نتقن صناعة الأمل، صناعة تغيير حياة الإنسان من يتقنها، يتقلب على امواج الايام بمركب عنوانه الأمل لاتستطيع الامواج ايقافه ولا يمكن أن تجرفه الدوامات لأن الأمل قوة وطريق واضح، لذلك نحتاج جميعاً أمل نحيا به نعيش من اجله يدفعنا إن توقفنا، وينهضنا إن سقطنا، ويشجعنا إن أُحبطنا.

لهذا كانت صناعة الأمل وما أجمل وقود الحياة إن كان من النفس ذاتها، إن الإنسان من دون أمل كالسيارة من دون بترول، كيف سيعيش وكيف سيسير وكيف سيفكر وكيف سيعرف إلى أين هو ذاهب وماذا يُريد، الامل ولد معنا منذ أن أبصرنا ولمست أيادينا وجوه الاشياء، تعيش طفولتك بأمل الشباب يوماً وتعيش الشباب بأمل تحقيق أماني الطفولة .. وتعيش الرجولة بأمل التعلم من أخطاء شبابك، وتعيش الشيخوخة بأمل انك عملت صالحاً، هكذا هي الحياة بأمل.

عزيزي القارئ: آمالنا ضوء يصيب الجميع، ألا ترى أن كل السياسيين يجمعهم الأمل على قدر اختلافاتهم، فالأمل جمع النقيضان، السياسي الفاسد أمله استمرار الفساد والسياسي المصلح أمله الإصلاح.. نختلف في النية والوسيلة ونتفق إننا نحمل أملاً.. فلا يسلبك من كان هذا الأمل فهذا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم صنع الأمل في أحلك الظروف يوم الأحزاب وقلوب المؤمنين بلغت الحناجر خوفاً وخشيه عندها تجلت صناعة الأمل فيبشرهم الحبيب صلى الله عليه وسلم بفتح فارس والروم.. وذاك الناصر صلاح الدين الأيوبي صنع الأمل بعودة القدس منذ ان وحدت مصر والشام وهدفه غايته ان يوصل منبر نور الدين الى المسجد الاقصى فجسد قول الطغرائي: أعلل النفس بالاّمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل .

إن صناعة الأمل يحتاج لأرضية قوية من ثقافة التفاؤل والمقدرة على التغيير والتجاوب مع معطياته بالاضافة إلى القناعة، ربما لا تكون صناعة الأمل مكلفة وبضاعتها مطلوبة لدى الجميع.. لكن هل حقاً كلهم قادرون على الاستفادة منها؟.. ولأنني أطرح الأمل هنا على أنه صناعة فهو تعدى أن يكون مسؤولية فردية إلى مسؤولية جماعية يدخل فيها كل أركان المجتمع بأفراده ومؤسساته، ولأن هذه الصناعة تحتاج بشكل أولي وأساسي إلى إرادة والتي هي من مميزات الانسان، فعلينا أن نبدأ باعادة احياء هذا الانسان فينا وحولنا، وحريٌ بنا أن نتحول إلى فاعلين لأن الأمل يجب أن يرتبط بالعمل.

اذكر نفسي وإياكم بـ قاعدة أساسية في الحياة تقول: "نحن إما ننمو أو نموت" فالسكون يعادل الموت، والحركة هي الحياة.. هذه القاعدة تنطبق على الأشجار والمنازل، والزواج، والحياة، والأمل.. فالناس الذين لديهم أمل يفهمون أن الحياة هي رحلة لا وجهة؛ وهم يعرفون أيضاً أن "طريقة تعاملهم مع هذه الرحلة سوف تحدد وجهتهم"، ولديهم أمل هم المبادرون الذين يأخذون اليوم ويعيشوه بكل تفاصيله وكأن لن يكون هنا غداً.

نلاحظ كثيراً ما يتذمر الإنسان عندما يقوم بالعمل سواء جلس على مكتب أو عمل في أحد المواقع، همه الوحيد كيف يتخلص من أكوام العمل التي بين يديه إن أخلص في تخليصها، ولا يرى الدنيا إلا في هذه الزاوية، لا يخرج إلى العالم الآخر لتتنفس رئتاه الحياة، وينطلق نحو رسم إسمه مع الأبطال، فلا ينقصه شيء عمن كان قد حاز السبق وطار كالنجم وأصبح حديث الناس سوى العزيمة والإصرار والتحدي ومعاودة المحاولة حتى ينجح، فالحياة الدنيا ما هي إلا متاع، لذة وتزول، ولكن الذي يبقى هو ما تركه الإنسان بعد أن يرحل من إرث ثقافي وعلمي واجتماعي واقتصادي يطول ذكره به، وأستغرب فعلا ممن لديهم قدرات ومهارات يفضلون السكون والركون على الإقدام، ويحبذون البُعد بدل المسارعة والمسابقة والمنافسة التي تحدث عنها القرآن.

وللأسف هناك من يكتفي بأمل واحد في الحياة، فمادام يعمل ويجلب قوت يومه ويعيش بسلام، بعيدا عن الأمل المشرق في الحياة، منعزلا عن النجوم التي في السماء، يعيش ليله ونهاره في روتين لون نفسه به لا يخرج عن نطاقه أبداً، وأعجب ممن يكتفون بنوع واحد من المهارات والله عز وجل قد غرس فيه خلايا متعددة للإبداع والخروج عن المألوف، لا نطلب منه المستحيل بقدر ما نطلب أن يبذل الجهد الكافي لإعطاء المزيد مما لديه ولا يركن للراحة ولا يخلد للاستسلام، فالشاب مثلا له من القدرات العقلية والجسمية والنفسية ما يجعله يخدم أمته في جوانب عدة من الحياة، تصنعه الدولة وتمنحه الدعم الكافي فتنير طريقه وعندما يبصر ينطلق من زوايا عدة لاكتشاف قدراته في المجالات التي يرى نفسه فيها، ولذلك استطاعت الدول التي لا تملك ثروات طبيعية أن توظف القدرات البشرية للاضطلاع بدور مهم، لأن العالم اليوم يموج بالقدرات التقنية في كل مجال ويخترع كل يوم جديداً ويكتشف كل ساعة أمراً مثيراً، ولسنا نحن بمعزل عن العالم الجديد بل نحن جزء منه نستطيع أن نبني الإنسان كما فعلوا وأكثر من ذلك لأننا نمتلك جميع الثروات، لا نريد من الآخرين إلا أن يسبحوا في ملكوت الله الواسع، لا ينكمش الإنسان على نفسه ولا ينعزل، عليه أن يبادر حتى يكون صالحاً ونافعاً، ولا يجعل في نفسه عقدة يعيش معها طول حياته ويتمسك بسفاسف الأمور وخزعبلاتها ويجعل نفسه مريضة بأوهام بالية في ذهنه كانت نتيجة الخوف من المستقبل والرعب من المجهول، ولكن إذا حرر نفسه من القيود التي تكبله والأغلال التي تحد من حركته استطاع أن يطير إلى الأفق.

عزيزي القارئ : ذكِّر نفسكَ بأهدافك وسعيك لها، وبرمج في نفسك دائماً روح التفاؤل؛ لأن الله علَّمَك حُسنَ الظنِّ به سبحانه وتعالى، وعلى ذلك يُكرمُك مرةً بعد أخرى، ودائماً تفاءل؛ لأن الله تعالى ألهمك الاستغفار، وهذا يعني أنه سيكرمك ويوفقك، فإما أن يُكفر ذنباً، وإما أن يرفعك درجةً، وإما أن يدَّخِرَ لك ذلك زاداً لآخرتك، أفلا يكون ذلك خيراً؟!. أما التشاؤم ، فيرتبطُ بكلٍ من ارتفاع معدلات الإصابة بالاكتئاب، واليأس، والانتحار، والقلق، والوسواس القهري، والعصبية، والعداوة، والشعور بالوحدة، وهبوط الروح المعنوية، وتناقص الدافعية للعمل والإنجاز، والشعور بالحزن، والانسحاب الاجتماعي، والفشل في حل المشكلات، والنظرة السلبية لصدمات الحياة؛ ولهذا: أنا أريدك عزيزي القارئ أن تكون دائماً متفائلاً مبتسماً للحياة مهما كانت الظروف.

إذا كنت تريدُ أن تصنعَ الأمل لابد أن تُحدد هدفك في هذه الحياة، وهي أهم خطوة على الإطلاق؛ لأن تحديد الهدف هو الذي يرسمُ مسرحيةَ الإنسان، ومهما بذلتَ من جهدٍ وتعبٍ ونصبٍ فإنك لن تُحققَ شيئاً ما لم تكن قد حددت هدفك بدقة. إذاً: أول خطوة تقوم بها هي أن تكتب هدفك أولاً.

أما الخطوة الثانية: فهي: إتقان التخطيط، ولا يمكن أن تُحقق هدفك بدون تخطيط، وهذه سنة الله تعالى في خلقه، والتي تسري على كل الأهداف، سواءً كانت صغيرةً أم كبيرة.

أما الخطوة الثالثة: أن تكون إنساناً إيجابياً، فقد تجد بعض الأشخاص يضعون أهدافهم، ويخططون لها، ولكن لا ينطلقون لتنفيذها؛ لأنهم يُعانون من قيد السلبية والتشاؤم، وهذا سيشل فاعليتهم، ويعجزهم عن التقدم نحو تحقيق الأهداف وتحقيق الأمل، وما أحلى أن تكون نظرتك لكل الأمور إيجابية!

أما الخطوة الرابعة: فلابد أن تكتسبَ المهارات والقدرات، ولا تقل: إنني لا أستطيع؛ فأنت إنسان محب، ولديك قابلية عالية على تعلم المهارات والقدرات، وتستطيع أن تكتسبها من الآخرين، كالانضمام إلى المراكز الشبابية، وحضور دوراتٍ في تنمية الذات، والمشاركة في العمل الجماعي، ولا يمكن للإنسان أن يُحقق أكبرَ قدرٍ من الفاعلية إلا بإتقانه فن الجماعية، ومهارة التعاون الخلاّق مع الآخرين

عزيزي القارئ: سؤالك لي الآن هو: أين نجد الأمل؟

أحبتي في الله، لنعش الأمل.. حتى لانمل الحياة فواقعنا مرير وايامنا خلت من ابتسامة امل، وليكون الأمل منهجاً لنا وصناعة ننشرها ونغرسها في صغارنا، واليكم بعضاً من المفاتيح التي تأخذ بأيدينا نحو الأمل في حياتنا.

1- فى العمل أو الأفعال أيا كانت: اتخاذ الخطوات اللازمة للتحرك نحو الحياة التي تجعل قلبك يشدو و يغنى.

2- فى الحب: مشاركة الرغبات العميقة الخاصة مع من تحبهم والسماح للناس التي تحبك ان تساعدك في رحلتك. نحن جميعا في هذا معا. سيكون من الصعب طلب المساعدة، ولكن أفعل ذلك على أي حال. هم فى حاجة ليساعدوك بقدر ما أنت بحاجة إلى مساعدتهم. بالنسبة لى .. الحب فى حد ذاته أمل لانك عندما تحب شخص – أى شخص – يكون عندك أمل ان يبادرك هذا الشخص نفس الأمل وأن يفعل المستحيل لكى يراك سعيدا.

3- فى التعليم: "المعرفة هى القوة " مع تحفظى على هذه الجملة فإن من المفضل قول (استخدام المعرفة هو القوة The use of knowledge is a power) عندما تتعلم الكثير يكون سهلا عليك التقدم والتحرك للأمام، اما إذا كنت لا تعرف ما يكفي، فإنه من الصعب عليك أن تتخذ الإجراءات المناسبة.

4- فى العطاء: أعط جزء من وقتك، وموهبتك، وثروتك لأولئك الذين يحتاجون للعطاء، حول انتباهك إلى شخص آخر "يستحق العطاء"، وسوف تنشئ الأمل بالنسبة لك ولهم.

5- في الامتنان: كن ممتنا لحياتك والفرص الخاصة بك كل يوم، فعندما تكون على درجة من الوعى على مدى النعمة والخير الذى أنت فيه، يأتى أمل كبير.

6- فى الثقة: ثِق بنفسك والآخرين لتكون مغير الحياة ومغير العالم، لديك القدرة على جعل الأمور أفضل أو مختلفة.

7- فى الحدس: إستمع إلى الصوت الذي يأتي من داخلك، فهذا الصوت يعرفك ويعرف نفسك جيدا، فهذا الصوت سوف يدلك.

8- فى التغيير: الشئ الوحيد الثابت في هذا العالم هو التغيير.. أمشى مع التيار وجرب كل ما يقدمه لك هذا التغيير.

9- فى التنقل: أترك خوفك وحزنك، وقلقك أو أي شيء آخر يؤخرك أو يقودك للخلف، الأنتقال للأفضل سوف يعطيك أمل .

10- فى الأماكن التى لا تتوقع أن يكون بها أمل اصلا: لا يمكنك التنبؤ دائماً أين ستجد الأمل أو من الذى سيمنحه أو يعطيه لك، حافظ دائماً على قلب مفتوح وعقل مرن متقبل للأمور وكن جاهزاً على أن الأمل سيقدم مفاجأة لك.

عزيزي القارئ: في النهاية لدينا جميعاً آمال متتالية تبحر بنا في بحر الحياة الكبير، لا نعرف نهاية لبحرها ولم يصل إنسان لمرساها الأخير.. مهما اختلفنا يبقى الأمل يجمعنا، التقي العابد أمله الجنة، والفاسق أمله الهداية ، الناجح أمله الاستمرار والفاشل أمله النجاح.

ولا ينسى أحداً منا أن يحاول صُنع الأمل في حياة الآخرين فهناك يوم سيحتاج كل منا إلى من يصنع الأمل في حياته.. تقبلوا مودتي وتقديري.

الدكتور / رمضان حسين الشيخ



  • د. رمضان حسين الشيخ
    باحث في العلوم الإنسانية وفلسفة الإدارة ☆ خبير التطوير الإداري والتنظيمي ☆ استشاري التدريب والموارد البشرية ☆ مدرب مهارات الحياة الذاتية وتكوين الكاريزما الشخصية ☆ إستشاري ريادة وتطوير الأعمال.
   نشر في 26 نونبر 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا