اقتصاديات كورونا
ايجابيات وسلبيات
نشر في 18 أبريل 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
لا بد من التأكيد فى البداية على أن انتشار مثل هذه الفيروسات وتحولها إلى أوبئة على هذا النحو، هو شيء ليس بالغريب أو الاستثنائي في عصر العولمة، فمنظّمة الصحة العالمية تستقبل سنويًّا أكثر من 5 آلاف بلاغ مبكر عن أوبئة متفشية حول العالم. كما أن الاقتصاد العالمي يتحمل تكلفة سنوية تتراوح بين 500 مليار دولار و570 مليار دولار بسبب الأوبئة، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي، وهي القيمة التي تُمثّل نحو 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، كما أنها تعادل التكلفة التي يتحملها العالم بسبب أزمة التغير المناخي كل عام. ومن ثمّ فإن وباء كورونا الجديد ليس إلا وباءً جديدًا يُضاف إلى سجل الأوبئة العالمية لدى منظمة الصحة العالمية، ويُرجّح أن تنحسر مخاطره على الاقتصاد العالمي قريبًا.
وفي دراسة أعدها البنك الدولي أشارت إلى أن انتشار الأوبئة والأمراض يكلف الاقتصاد العالمي نحو 570 مليار دولار سنوياً أو ما يوازي نحو 0.7% من حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ولكن يبقى الأثر الاقتصادي لفيروس كورونا الجديد رهنا بتطورات جهود منع انتشاره والتي تتخذها بشكل متسارع مختلف دول العالم.
فمن سلبيات انتشار الوباء أن أغلب العالم بقطاعاته المختلفه أثبت أنه على غير استعداد تام أو مدروس لمواجة أزمات عالمية طارئة (كفايروس كورونا ) فكثير من القطاعات ليس لديها خطة طواريء لإدارة الأزمات. ومع ظهور أزمة كورونا يعتبر عامل الوقت هو الأغلى ثمنا إذ أنه إلى الآن لايستطيع العالم تحديد التكلفة المالية و الاقتصادية من جراء انتشار وباء بسبب عدم وجود وقت محدد للقضاء على الفايروس فتكون جميع التوقعات الاقتصادية المستقبلية مطروحة و جميع المخاطر و الخسائر رهن الاعتبار .
بالمقابل مع انتشار الفايروس الشرس ظهر أن كثير من القطاعات الصحية لدول متقدمة اقتصاديا غير مستعدة لمواجهة الأزمات الصحية الطارئة و أدى ذلك الى فقد كثير من الأرواح.
كذلك تكبدت آلاف المصانع فى العالم لخسائر هائلة لاغلاق أبوابها ، وتوقف شركات الطيران وبالتالى خسائر هائلة فى قطاع السياحة العالمية ، وانهيار البورصات وأسواق الأسهم ، وهبوط أسعار النفط ، شلل تام فى كافة النواحى الاقتصادية ، وصارت الدول تعتمد على مدخراتها واحتياطاتها الاستيراتيجية وحزم الإنقاذ لاستمرار تحريك عجلة الاقتصاد المنهار.
ومع ذلك وفى وسط هذا الانهيار الاقتصادى يرى الكثير من الاقتصاديين الوضع على عكس ذلك فالاقتصادات القوية قبل كورونا من الممكن أن تمتص هذه الصدمة خاصة إذا لم يستمر الوباء كثيرا وتعود للنهوض مرة أخرى خاصة الصين وأمريكا بحزم الإنقاذ وشركاتها الراسمالية القوية ، كذلك ويرى جانب آخر من الاقتصاديين أنه فى ظل نار الأزمة هناك مؤشرات اقتصادية إيجابية مطمئنة..
ففى استجابة سريعة لانتشار الوباء قررت البنوك المركزية في العديد من الدول خفض أسعار الفائدة لتقليل تكلفة الاقتراض، وبالتالي تشجيع الإنفاق، ثم تعزيز حالة الاقتصاد، كذلك سجلت شركات كبيرة إنتعاش وارتفاع أسهم مثل شركات صناعة الاقنعة الطبية واللقاحات مثل شركة (تاوباو) الصينية التى باعت أكثر من 80 مليون قناع طبى فى أول يومين من انتشار الوباء ، كما حققت شركات الفيديو عبر الانترنت أرباحا غير مسبوقة للاقبال عليها من قبل الماكثين فى البيوت من اجل التسلية والمتعة خلال العزلة..
كما خفت صوت البنادق والرصاص فى أكثر من منطقة تشهد صراعا فى العالم ، كذلك زيادة التعاون الدولى بين الدول لكبح انتشار الوباء خاصة مساعدة الدول الاكثر فقرا ، وأصبحت ممارسة الأنشطة عن بُعد، مثل التعليم والعمل، ضمن الأساليب الرئيسية التي لجأت إليها الدول لمواجهة تداعيات انتشار الفيروس ، الاهتمام بالقطاع الصحى المهمل فى دول نامية منذ عدة عقود وكذلك تسليط الضوء على أهمية دور الاطباء والعلم والعلماء، وحصر العمالة اليومية والاهتمام بمعاناتهم وهم المهملون دائما ... وأخيرا لعل المستفيد الأكبر من انتشار الفيروس كانت البيئة فلقد أظهر نظام الحجر الصحي، الذي تفرضه العديد من الدول بسبب انتشار فيروس كورونا، تأثيرا إيجابيا على البيئة من خلال التقليل من تلوث الهواء.
كانت هذه نظرة سريعة عامة لتأثير الوباء على الاقتصاد فى العالم والذى نرجو من الله تعالى أن تزول الازمة فى أقرب وقت وتعود الحياة لطبيعتها مرة أخرى..
يسرى محمود السيد
السبت 18/4/2020