( و الله .. لم نكن نعْلم )
نشر في 25 فبراير 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
بعد جهْدٍ جهيدْ ، وافق أحد البرلمانيين - المحسوب على الأغلبيّة داخل البرلمان –
بحوار صريح مع أحد الصحفيين والذي بادره قائلاً :
- سيّدي هناك مفارقات وتناقضات جاءتْ في برنامجكم الانتخابي ، حيث كنتم تصرحون بالقضاء على الفقر وبالالتفات للجماهير المسحوقة .. لكن فاجأتم منتخبيكم بالموافقة على ارتفاع الأسعار أمام بقاء الأجور والرواتب على حالها فهل من تعقيبْ ؟
البرلماني وهو يحكّ قفاه :
- والله لم نكنْ نعلمْ.. أنّ اقتصادنا المحلّي تربطه مودّة وقربى بالاقتصاد العالمي.. وعلى الجميع أنْ يفهمْ أنّ العالم إذا أصيب بالزّكام فنحن حتْماً سنصابُ بالحمّى والإسهالْ .
الصحفي :
- طيّبْ ..كنتم أعطيتمْ للشباب العاطل وعوداً شبه سحريّة لتوفير سوق العمل لهم ..لكن فوجئوا بالهراوات تهوي عليهم كلّما خرجوا للاحتجاج .. فهلْ من تعقيبْ ؟
البرلماني وهو يحكّ إحدى أذنيه :
- والله لمْ نكنْ نعلمْ .. أنّ الدولة في حاجة ملحّة لمزيد من الجنود والمجنّدين وفي حاجة ماسة للشرطة بجميع تشكيلاتها وبدون خلق و تهْجين هذه البطالة ، والعمل على تفريخها فقد لا نجد منْ يحمي الحدودْ ولا منْ يبني السدودْ مستَقبلاً وكما يقول المثل ربَّ ضارّة نافعة.
الصحفي :
- جاء في وعودكم ، أنّكم ستهيّئون مناخاً جديداً للمثقفين وذلك بتوسيع هامش حريّة التعبير والتفكير .. إلاّ أنّ الأمر ازداد سوءاً وأصبحْنا متأكّدين أنّ الثقافة عموماً هي في مهبّ الريح .. هلْ من تعقيبْ ؟
البرلماني وهو يفرك إحدى عينيه :
- والله لمْ نكنْ نعلمْ .. أنّ الدولة العميقة أو دولة الظل سمّها كما شئت هي تعشق فقط السياسة و دهاليزها وبالتّالي فالثقافة وتوسيع هامشها يمكنْ أنْ يسلب منها حُلمها السياسي و الثيوقراطي المتعلّق بحلاوة الألعوبة أو لنقلْ اللعبة الديمقراطيّة .
الصحفي :
- سيّدي لوحظ في الآونة الأخيرة ، أنّ هناك كثيراً من البرلمانيين يفضلون النوم في مجلس النواب على النوم في منازلهم .. فهلْ من تعقيبْ ؟
البرلماني وهو يتفوّه :
- والله لم نكنْ نعلمْ .. أنّ للقيلولة -سبحان الله- في هذا المجلس لها من الراحة و الهناء والطّمأنينة قلّما نجدها في بيوتنا .. وخصوصاً عند طرح الأسئلة فالأجوبة تكون غالبا معروفة سلفاً و هذا يدفعنا أن نستسلم بكلّ أريحية للسبات البرلماني إذا صحّ التعبير .
الصحفي :
- سيدي سؤال أخير .. مادام أنه لم تكنْ تعلمْ .. فلماذا لا تستقيلْ ؟
البرلماني في غضب و هذه المرة يحكّ في مؤخّرته:
- والله لو كنتُ أعلمْ أنّكَ ستطرح هذا السؤال ، ما وافقتُ على هذا اللقاء .
بقلم : ذ تاج نورالدين .
-
تاج .. نورالدين .محام سابق- دراسات في الفلسفة والأدب - متفرغ الآن في التأليف والكتابة .- محنك في التحليل النفسي- متمرس في التحليل السياسي- عصامي حتى النخاع- من مؤلفاته :( ترى من هذا الحكيم ؟ )- ( من وحي القوافي ) في ستة أبواب وهو تحت الطبع .- ( علم ...