خالتي صفية والدير - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

خالتي صفية والدير

ورد الفعل المشترك

  نشر في 06 فبراير 2018 .

بالطبع لم يكن كافيا أبدا ؛ أن تكون لافتة المسرح القومي معلقة فوق عرض ( خالتي صفية والدير) وأيضا هذا الكم من أسماء النجوم ؛ لكي يكون العمل جيدا أو حتى يقترب من الجودة. فهناك البعض من هؤلاء لم يحفظ دوره جيدا سواء على مستوى الحركة والأداء ؛ كما أن هناك بعض الأدوار المكتوبة بالكثير من السطحية وفي نفس الوقت كان تواجدها قليلا على مستوى الفعل ؛ ولا تحتاج أبدا لنجم أو حتى ممثل متمكن ليقوم بها ! ولكن ربما كانت للأزمة العالمية دورا في قبول البعض لهذه الأدوار؛ مع عدم إغفال الإشادة بالممثل إيهاب مبروك الذي قام بدور الأب بشاي؛ فهذه تقريبا كانت الشخصية الوحيدة المتحققة على مستوي الكتابة والأداء. فنص العرض الذي كتبه حمدي زيدان لا يتوازى مع جودة العمل الأصلي لبهاء طاهر ؛ كما أن السردية أصبحت هي السمة المسيطرة على العمل؛ ولم يكن هناك مستويات متعددة ؛ بل هو خطاب أحادي ؛ حاول المخرج والمعد معا أن يركبا موجة رد الفعل على بعض الأحداث الآنية التي حدثت في صعيد مصر على طريقة ( كلنا إيد واحدة يا بهجت) ؛ وجاء الأمر بصورة مفتعلة إزاء هذه الصلوات التي يقوم بها المصريون معا ؛ والخطب المنبرية؛ وبعض الآيات القرآنية والنصوص القبطية في تجاور مفتعل، وغني عن الذكر هذا الافتعال يأتي بنتيجة عكسية؛ فمن المنطقي أن افتعال شيء ما هو برهان على عدم وجوده في الأساس . وكان كافيا أن يتم التعامل بصورة بسيطة وصادقة لما يتم فعلا لكي تؤكد الرسالة المراد توصيلها ؛ وفي نفس الوقت لا يتم اختصار دلالات العمل على هذه الرسالة البسيطة إدراكيا؛ فحتى في نص العرض المسرود هذا ؛ لم يتمكن المعد من الخروج كلية من مستويات النص الأصلي ودلالاته ؛ فالنص لأصلي قد اتكأ على أن المصريين جميعا منذ القدم والى الآن يعيشون في وفاق مهما اختلفت مشاربهم ؛ ثم خرج من هذا إلى تقلبات النفس البشرية وكيف أن الحب والكره وربما الحقد يمكن أن يكونوا جميعا وجوه لعملة واحدة؛ فنحن أمام يتيمين هما صفية وحربي وهما في مرحلة الصبا حيث يكفلهما خريج الأزهر وكيف أنهما يلعبان دائما أمام الدير الموجود في البلدة وكيف يحنو عليهما الأب بشاي ويعطيهما البلح والحلوى ؛ ونلمح قصة حب تنمو بين هذين الصغيرين، ولكن عندما يشب حربي وتصبح كل عاطفته مركزة نحو من اتخذه أبا ثانيا ؛ ألا وهو المسمى بالقنصل صاحب النفوذ والثروة والأصل الأرستقراطي ؛ لدرجة ان هذا القنصل حينما يرى صفية ويريد أن يتزوج منها ؛ لا يعارض حربي هذا الرأي بل يباركه دون أي تردد؛ بل بفرحة عارمة! أما صفية التي كانت تنتظر أن يتخلص حربي من صمته ويذهب إليها خاطبا ؛ فقد صدمت حينما علمت أنه قد بارك زواجها من هذا القنصل وتقبل الأمر، وحينما تضع صفية مولودها الأول ؛ يتبرع الحاقدون بإخبار القنصل أن حربي عازم على قتل هذا الوريث لأنه سلبه أمله في أن يرث هذا القنصل ؛ ويصدق الرجل الأمر وتبدأ معاملته لحربي في التغير؛ بل ويشرع في إذلاله أمام الآخرين؛ وهنا تنطلق رصاصة التحول الثانية من البندقية التي في يد حربي وتقتل هذا القنصل ؛ ليظهر أثر رصاصة التحول الأولى التي أصابت صفية ؛ وتطلب الثأر من قاتل زوجها؛ أي من حربي رغم علمها بأنه كان شبه مدافعا عن نفسه وعن كرامته الذي انتهكت ؛ ولكن كرامتها المهدرة حينما وافق حربي في البدء على زواجها من غيره لا تكترث لهذا الأمر ؛ ويصبح همها كيف تأخذ الثأر من حربي ؛ وعندما يخرج حربي من السجن عليلا ؛يرى الشيخ أن السبيل الوحيد لحماية حربي من حقد صفية هو مكوث حربي في الدير حيث الأمان هناك ؛ ونرى كيفية حنو من في الدير على ضيفهم خاصة الأب بشاي الذي عاصر بواكير القصة ؛ ويموت حربي متأثرا بمرضه في الدير دون أن تأخذ صفية ثأرها ؛ ويظهر التحول العكسي وترتد العاطفة إلى طبيعتها ؛ أي من حقد وكره إلى الحب مرة ثانية . كل هذه التحولات لم تجد العناية الكافية عل مستوى الفعل الإجرائي سواء كتابة أو تفعيلا على خشبة المسرح؛ واقتصر الأمر كما قلنا سابقا على محاولة تأكيد المؤكد أن المصريين جميعا أخوة ؛ حتى في هذه الفرضية التي حاول محمد مرسي أن يركز عليها أعمته عن رسالة بالغة في الأهمية بل وتخدم غرضه الأساسي الأحادي ، وهو عندما أرادت صفية أن تقوم يقتل حربي وهو في الدير لم تستطع الدخول طبعا لحرمة الدير ؛ حتى عندما أرادت الاستعانة بالغير للقيام بهذا الأمر لم تجد إلا خارجا على القانون وخائنا في نفس الوقت ليقوم بهذا الأمر ؛ ويصف الأب بشاي هذا الخائن بيهوذا الجديد الذي قبض الفضة الجديدة ، وهذا اليهوذا قد لقي مصرعه قبل أن يصيب حربي ؛على يد خارج آخر عن القانون ولكنه ليس خائنا ؛ وهذه الدلالة التي تؤكد أن حرمة بيوت العبادة المصرية لا تنتهك أبدا سواء من داخلها أو خارجها إلا على يد الخونة الخارجين على القانون ؛ وهم عندما يقومون بهذا لا تصبح لهم أي صفة دينية أو إنسانية؛ ولا يوجد غير الخيانة والطمع في الفضة وصفا لهم ، ولكن الأمر قد مر مرور الكرام.

وربما غاب عن المخرج أن التعامل مع النصوص التي تتسم بالسردية مثل نص العرض الذي بين أيدينا؛ يجب ان يفسح مجالا لخيال المشاهد لكي يضع هو تصوره المكمل للصورة ؛ أو أن تكون هناك صورة لا تسمح أبدا لخيال المشاهد أن يذهب بعيدا عنها ؛ فما بالك لو كانت صورة يقوم المشاهد بنقضها كل دقيقة ؟!. فالديكور الذي قامت بتصميمه هدى السجيني روعي فيه_ ربما بالاتفاق مع المخرج _ ألا تكون هناك مساحة كافية للتمثيل خاصة في عمق المسرح ؛ فقصر القنصل من الداخل ؛ استحوذ على أكثر من نصف المكان؛ مع هذا السلم الممتد إلى الدور الثاني، ولك تكن هناك أي دالات لهذا التصور فكل الفعل الذب قام به القنصل أو صفية بعد أن أصبحت زوجته كان وهما على المستوى الأرضي ؛ أما المستوى الثاني الأعلى فلم يستخدم في حالة فعل إلا في ذهاب صفية والقنصل إلى غرفة النوم؛ ثم مع صورة حاولت أن تتسم بالواقعية نجد أن هناك بابان واضح جدا أنهما مرسومان يمين ويسار المكان دون أن تكون لهما أي وظيفة! ثم شرعت مهندسة الديكور في الاهتمام بالتفاصيل على مقدمة يمين ويسار المسرح حيث المنزل الصعيدي وباب الدير ؛ ووجدنا هناك الأوعية المصنوعة من الليف وأيضا لمبة الكيروسين المعروفة ، ولكن هذا التعامل مع التفاصيل ربما غاب عن المخرج ؛ ففي المشهد الافتتاحي لحربي عندما أصبح شابا وهو يقوم برش النقود على الغانية أمونة التي ترقص له.. الخ ،ينتهي المشهد وتخرج أمونة ويدخل القنصل وآخرون ومازالت هذه النقود على الأرض! وغني عن الذكر أنه واقعيا لو كان حدث هذا لسارت الأمور في حتمية منطقية درامية غير ما أراده لا بهاء لا طاهر ولا حمدي زيدان ولا محمد مرسي نفسه ؛ وإذا كنا قد أشرنا سابقا إلى أن الممثل إيهاب مبروك ربما كان هو نقطة الضوء الوحيدة على مستوى الأداء التمثيلي في ليلة الافتتاح للعرض؛ فالواجب يقول أن موسيقى أحمد الحجار أيضا كانت على نفس المستوى من الجودة لم يعيبها إلا حينما استخدمها المخرج في بعض المشاهد كمشهد زفاف صفية والقنصل كأداة لتطويل زمن العرض .

ومن المعروف أن هذا العرض جاء نتيجة لإعجاب بعض المسئولين بهذا العرض في ظروف إنتاج مختلفة . فقرروا الاستعانة بالمخرج ليخرج عمى بالمسرح القومي، لو كانت فكرة إعادة نفس العرض من المسئولين؛ فهم قد جانبهم الصواب في حق المخرج وحقنا ؛ وإذا كان الاستسهال قد جاء من جانب المخرج ؛ وحاول بالاشتراك مع المعد أن يعيدا كتابة بعض الأجزاء لتتسق مع بعض الظروف الآنية؛ فهو قد أخطأ في حق نفسه ثم حق من آمن به .

وربما وجب عليما أن نشير انه في خلاصة الأمر لهذا العرض ؛ ان المخرج قد نجح بعض الشيء في توحيد رد الفعل الجمعي للعرض ، فالبعض قد خرج وهو يردد طوبى للصابرين؛ والآخرون رددوا إنا لله وإنا إليه راجعون ؛ فهل هذه الإرادة التعبيرية المشتركة هي ما قصده المخرج؟!

مجدى الحمزاوى 



   نشر في 06 فبراير 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا