سُمع دوي الارتطام فهُرعوا إلى موقع الحادث .
تحلقوا حول الصبي المضرج في دمائه.حوقلوا.نددوا بطيش السائق وتهوره.انبرى أحدهم ليتصل بالإسعاف.أخرجوا هواتفهم من الجيوب.نظر بعضهم إلى بعض خلسة.أعادوا الهواتف إلى الجيوب وحوقلوا.
سُمعت ولولة وصياح.أفسحوا ممرا للأم المفجوعة.ارتمت على الصبي وشرعت في النواح. لاذوا بالصمت برهة ثم حوقلوا.هرعت الجارات إلى صبيانهن المتحلقين في ذهول حملن صبيانهن وعدن إلى البيوت مسرعات .حس تضامني رفيع !
ولولت الأم المفجوعة ولطمت خديها.تفرس بعضهم في ملامحها.إنها هي.المليحة التي تصيب رواد المقهى بدوار حين تخرج للتسوق كل صباح مع الخالة. يعم المقهى صمت الراهبات حينها وتند عن القلوب المكلومة آهات. لا يزال القوام رشيقا و الوجه بدرا ليلة اكتماله رغم مضي بضع سنوات على الزواج.
صاح أحدهم: أين أبوه؟
لاذوا بالصمت وحوقلوا !
سُمع زعيق منبه سيارة الإسعاف فأفسحوا لها ممرا .حُملت الجثة الهامدة على لوح،و بسملت الجارات وهن يحملن الأم المفجوعة مغشيا عليها.كان الوقت ظهيرة و الشمس تلفح الوجوه .لمحوا الزوج يركض هائجا كثور.أفسحوا له ممرا وحوقلوا.
فور عودتهم إلى المقهى شرعوا في ترتيب الأحداث مجددا وتحليل الواقعة: قضاء وقدر.. جلسة نميمة مطولة مع الجارات.. سيارات خردة لا ينبغي الوثوق بها..طرق بلا علامات تشوير ..مجلس بلدي حقير..أبناء جيل قيمش..آباء بلا روح مسؤولية..زمن أغبر .إسرائيل.. أوباما.. البارصا..خروف العيد...
احتسوا قهوتهم ثم حوقلوا .
-
حميد بن خيبشكاتب شغوف