لا تقوم الثورات من الفراغ بل لابد من اسباب حقيقية مادية ملموسة يعانى منها الناس تلك الاسباب بدورها تتمثل فى مطالب محددة لازالة مظالم سياسية واقتصادية فعندما تاتى الثورة ويتم محاولة لاجهاضها ولايصل ابناءها الشرعيين للحكم ؛بل تنجح نظم معادية لحركة التغيير فى الوصول للسيطرة على الوطن الثائر تظل الاسباب الاولى للثورة قائمة دون علاج وقطعاً لايقوى نظام من الثورة المضادة على اى حلول لمشاكل الناس وبينما تتفاقم الكوراث القائمة فى صلب الدولة المنهارة التى لولا انهيارها لماقامت ثورة من الاساس عندها فقط لايستقر اى حكم قائم على اعمدة النظم المعادية للثورة المحقة ممايجعل قطار الثورة عودته للخلف لم تكن سوى وقود لانطلاق فائق السرعة للامام!
فكل ثورة لم تعالج اسبابها وتحقق مطالبها تظل جذوتها مشتعلة فى اركان الدولة وابناء الثورة وجماهيرها وهذا ما لايفهمه قادة الثورات المضادة الذين تحتم سنن التاريخ سقوطهم..
من ناحية اخرى الثورات الكبرى هى صاحبة العقول المفكرة ؛فلاتنجح الثورات التى لاتعتمد على بناء فكرى متناسق يخضع له الجميع وتعمل قوى الشعب الحية على تحقيق افكارها وتخلق نخب فكرية وسياسية وحركات طلابية قائمة على منهج فكرى واضح يحقق شعارات الثورة فى عقول ابنائها ..لنستدعى نموذج الثورة الايرانية التى لم تغير النظام فحسب بل غيرت ارض ايران وسماها ! فهل كان من الممكن ان تنجح لولا اعداد مثالى لطلاب وشارع سياسى مؤمن بالتغيير وباهداف حقيقية يروها ماثلة امامهم بسنوات من الصحوة قادها مفكرين كبار للثورة على راسهم المفكر العظيم الشهيد علي شريعتى الذى اعد جيلا كاملا من الطلاب وابناء الطبقة المتوسطة فجعل الثورة بالنسبة اليهم كائن حي يروه وليس مجرد شعارات جوفاء لايفهموها..وهكذا مضى اعلام مفكرين الثورة الايرانية سنوات من عمرهم فى تحريك الشعب من خلال قواه الحية وخصوصا طلاب الجامعات ومرتادى المساجد والانشطة العامة ومن اعلامهم كان المفكر( اية الله الطالقنى) و(آية الله مطهرى) وغيرهم...حتى استطاعو ان يخلقوا مجتمع ثائر وليس نخبة فحسب..

نفس الحال واكثر كان للثورة الفرنسية ونهضتها التى قادت نهضة اوروبا باسرها على مر قرن كامل من الثورة والثورات المضادة والحروب الاهلية والخارجية تمكن مفكرون عمالقة من تغيير بنية جمهور الثورة الفرنسية الفكرية فى وجهات نظرهم الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى الفنية كان من اهمهم
( بوك - ليبنتز - فولتير - ميرابو - ساى كويزناى.. وغيرهم الكثير..)

لذلك لاتنتصر ثورة بدون مفكرين يشعلونها فى العقول البسيطة والمتعلمة ويُنّظرون لافكارها ويبنون صحوة ابنائها ويكونون العقل لجسدها القوى الهادر..
فقط تستمر الثورات عند انتشار الوعي الجمعى للشعب بسبب مشاكل حياتهم اليومية فى المواصلات والخدمات والعمل والعلاج بل وحتى جذور مشكلاتهم الاجتماعية لابد ان تربط بتغيير شامل لادارة الدولة الفاشلة ؛و عند انتباه اذهان الجموع لحقوقهم يبدأ التغيير الحقيقى فى كل بنية النظم بل فى مشاركة الجمهور نفسه فى تقديم حلول لكوارث وطنه ؛فالوعي بقيمة الحرية لايتأتى لخيال شعب جائع الا بتحديد الطريق له كيف يأكل ومن ثم كيف ينال الحرية والعدل..
ان الاستمرارية للتغير الجذرى بالثورات الحقيقية تكبر كلما وسعت دائرة الاحتضان الشعبى الواعى لمطالب الثورة كحقوق تخصهم هم ويتضررون من فقدها هم وليس النخب السياسية ..
يقيناً تُكلل اى ثورة بنجاح حقيقى اذا اعدت سنوات من مفكريها وجمهورها لتُخرج قادة سياسين واقتصاديين من ابنائها ؛وان كانت الثورة لاتملك كل ماسبق فهى بلاشك انتفاضة عابرة وليست ثورة كبرى قابلة للاستمرارية والنجاح..
-
mahmoud emamمواطن مصرى قررت عدم الصمت عن الظلم ولن اتراجع حتى يتحقق العدل