العصابات الإسلامية و الثورة ، من هدم الدولة إلى هدم الإنسان
نشر في 16 فبراير 2018 وآخر تعديل بتاريخ 09 نونبر 2022 .
شكلت سوريا ما بعد 2011 أهم الحقول البحثية للكثير من الدراسات ، و كان من بين أهم هذه المباحث المسألة السياسية خصوصا ، و ما تعلق بدينامية صراع النظام و حلفائه مع الثوار من جانب ، و صراع هؤلاء مع الجماعات الإرهابية كتنظيم داعش من جانب آخر ، غير أن مباحث هذه الدراسات لم تهتم بشكل كافي بمبحث التغير الإجتماعي و الثقافي في سوريا الذي عقب صعود التيار السلفي الجهادي ، بعد الإنتفاضة . ذلك ما جعل هذا الكتاب يُخصص أفسح مجال لتتبع أهم حوادث الثورة ، ثم محاولة رصد التغيرات التي حدثت بسببها ، و الآثار التي اختلفت درجة سلبيتها على جسم المجتمع و الثقافة السوريين.
يستهل الكتاب بالإشارة إلى تميز سوريا ، بخليط من الأقوام و الأعراق و السلالات و الأديان و الطوائف ، حيث يوجد في سوريا تاريخيا بشكل عام ، الأكراد و العرب و الدروز و السرياليانيين ، و من الأديان المسيحيين و اليهود و المسلمين ، و من الطوائف السنة و الشيعة و الأردثودوكس و الأرمن و الشركس و غيرهم ، إذ تعتبر بذلك الثقافة السورية ثقافة معقدة الأنماط و متعددة الأوصال . غير أن مدى تعايشها كان مختلف الدرجات وفق الظروف السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية عبر التاريخ ، فقد كان هذا الخليق قبل 2011 ، يتميز بتعايش مضبوط سياسيا في الجملة بين الأعراق و الأديان ، إلا السنة و الشيعة الذي كانت بينهم حزازيات طائفية ، تظهر و تخبوا نعراتها حسب شدة رقابة الدولة . إلى أن تفجرت الإنتفاضة و خرج هذا الكبت على شكل حرب تميزت بطائفية عمياء ، على اعتبار أن رأس النظام ينتمي إلى الشيعة ، و أن الثوار ينتمون حصرا إلى مذهب أهل السنة و الجماعة. إذ أدارت سريعا هذه الإختلافات الطائفية بين المتصارين رحى الحرب.
سيلعب التيار السلفي المتشدد دورا بالغا في الأزمة ، و من أجل فهم دينامية نشاطه في هذه الأحداث الذي تأسس على رؤية فكرية من نوع خاص، تحتم علينا الرجوع تاريخيا من أجل التعرف على سيرورة ظهوره و مراحل تحولاته ، هكذا إنتهينا إلى كون مصطلح السلفية كما هو شائع ، يشكل في الوعي الجمعي المرادف لكملة الوهابيّة أو الإرهاب في الزمن المعاصر، إذ يتم تحميل مصطلح السلفية من جهة و الوهابية من جهة وزر التطبيق والفهم الحالي للتيارات التي تحن إلى الماضي بأثر رجعي دون أن تدري -أوربما تدري- أن السلفية جاءت في زمانها كحركة تجديدية ضد واقع أو موروث رجعيّ متخلف .
من ذلك تدين السلفية التقليدية في سوريا بالفضل في إحيائها وتفعيل نشاطها في سورية إلى الشيخ "محمد ناصر الدين الألباني" 1914-1999 ، و الشيخ "عبد القادر الأرناؤوط" و تلميذه الشيخ "محمد عيد العباسي" الذين نشطوا ضمن المعاهد الشرعية و ركزوا على نشر الدعوة وأفكار التيار السلفي من "دون" الإنغماس في العمل السياسي في المرحلة الأولى ، كل هذا من أجل إصلاح منهجه ينبع من جوف الدين الإسلامي و متعظا بالتجارب السياسية و أزمات التاريخ الإسلامي ، حيث ترجع جذور الحركة السلفية في سورية إلى ما اصطلح على تسميته بـ "السلفية الإصلاحية" ، بمعنى أنها كانت حركة تثقيفية نشأت لمواجهة حالة الإستبداد و التخلف الموروثة من العهد العثماني ، لعل من أبرز رموزها آنذاك الشيخ عبد الرحمن الكواكبي ، الشيخ جمال الدين القاسمي ، و الشيخ محمد رشيد رضا .
أما في المرحلة الثانية لهذا التيار فسينزع إلى تغيير استراتجية الفعل و سيقتحم الحقل السياسي ، إذ في ظل الإخفاق الشامل لأنظمة ما بعد الإستعمار ، لوحظت عودة محمومة للتراث و الدين و صعودا كاسحا للحركات الإسلامية ، خصوصا في النصف الثاني من القرن العشرين ، ممكن أن نقول أن هذا التحول في المشهد الديني-السياسي و الإتجاه نحو استدماج الأديان مع السياسات كان الظاهرة الأكثر بروزا في هذه الفترة ، فبحلول أواخر الستينات كانت الأحداث التي تجري في الشرق الأوسط تثبت أنها الأكثر حسما بالنسبة لمستقبل السلفية و التطرف الإسلامي بشكل عام ، فخلال حرب الأيام الستة في 1967 ، أنزلت اسرائيل هزيمة مفجعة بالدول العربية ، بقيادة النظامين العلمانيين في مصر و سوريا ، و قد اعتبر السلفيين ذلك هزيمة للقومية العلمانية و للأمة الإسلامية بشكل عام ، و شخصت أسباب الهزيمة في البعد عن الرؤية الدينية للسياسة و البعد و الصد عن الأحكام الشرعية المؤطرة لها .
و مع تغير مجريات الوضع السياسي و الإجتماعي ، تغيرت كذلك الرؤية السلفية ، فاختارت بذلك الدين كحل مقدس ، تحول مع مرور الوقت إلى حركة راديكالية ، لا تبقي و لا تذر مما اختلف مع الدين إلا و دعت إلى تدميره .
و مع انطلاق الإنتفاضة في سوريا ، و ما رافقه من اعتداء سافر على الشعب من طرف النظام ، سوف يُستحيى هذا التيار ، إذ سيتغله كل أطراف الصراع بما فيهم النظام ، و ذلك بعد حدث اعتبرنا أحد أهم الإنحرافات الكارثية عن نهج التحرر الذي رفعته الثورة ، و نقصد بالضبط حدث "أسلمة أو تديين الثورة" الذي دفعت إليه كل الأطراف و على رأسها النظام، فما إن انطلقت الإنتفاضة حتى أطلق النظام معظم المتطرفين الجهاديين الذين سبق لهم الإنخراط في حرب العراق من سجونه ، و على رأسهم سجن "صديانا" ، حيث زج بهم في ساحة الميدان الساخن ، حتى إذا تدخل بعنف لفض المظاهرات و قتل المتظاهرين ، يكون لتدخله ذريعة و هي وجود إرهابيين بين صفوف المتظاهرين الذي وجب القضاء عليهم ، الإرهابيين الذين وضعوا وسط المظاهرات بتخطيط من النظام نفسه .
و بهذه الإنعطافة ، ستعرف سوريا أحد أسود فصول تاريخها المعاصر ، إذ ستصبح الحرب ذات طابع ديني لإعلاء كلمة الله ، بعد أن استحدثت من أجل إعلاء كلمة الحقوق و الحريات ، و في هذا السياق سيظهر وحش "داعش" الذي أزاح مطالب الشعب و أقحم بدلها مطالب الإله على الطريقة المغولية ، إذ سيسعى هذا التنظيم إلى تصحر الثقافة السورية ، عبر محاربة باقي عناصرها و الإبقاء فقط على ما له صلة بالإسلام على مذهب أهل السنة و الجماعة على المنهج السلفي حصرا .
يناقش الفصل الثالث أهم إجراءات الجماعات السلفية ، التي شرعوا في تطبيقها عقب سيطرتهم على مساحات شاسعة من التراب السوري ، و من ذلك إسقاط العمل بالدستور و القانون و تغيير نوعية القضاء و أشكال العقاب ، و فرض قيم قديمة و مكبلة للمرأة ، ثم تغيير مناهج التعليم و تحوير مضمون التربية ، ثم تقويض البنية الإجتماعية و السياسية التي أسس لها النظام و خلق بنية اجتماعية و سياسية مختلفة تماما ، تتميز بالأحادية و التحريم داخليا ، و الإباحة في القتال و الإجرام على جبهات الحرب . كما عملت هذه التنظيمات الإسلامية على محاولة طمس الذاكرة الثقافية السورية ، عبر سرقة و نهب الآثار و هدم المعالم التاريخية و المواقع الأثرية ، بل طالت يد الجنون السلفي الفن السوري أيضا ، الذي منعت كل مظاهره و تعويضه بفن موظف للسلطة و الدعاية الجهادية ، و الذي تجسد في أناشيد هذه العصابات المخصصة للتحريض و استنهاض الهمم من أجل القتال .
أما آثار هذا التغيير فكانت موضوع للفصل الرابع ، إذ رافق تغيير مناهج التربية و التعليم ، تغير بل إسقاط الأخلاق ، و النزوع إلى العنف و العدوان ، يظهر ذلك من الأشرطة المصورة في المناطق التي تسيطر عليها هذه التنظيمات ، التي يظهر فيها الأطفال متطلعين بشغف إلى أن يصبحوا مقاتلين و انغماسيين و انتحاريين ، ثم تحويل المدرسة إلى معسكر لإنتاج و إعادة إنتاج القيم والثقافة السلفية ، و ذلك عبر الإبقاء على التلقين لتقييد العقلانية و تحريم الفكر النقدي ، أي بعبارة أخرى سعت هذه التنظيمات إلى خرفنة من تحت سلطتها من السوريين ، من أجل ضمان عدم إسقاط هذه السلطة من تمرد قد يخرج من جوف الشعب إذا حاز على قدر واف من الوعي و الفهم و التحرر.
من جانب آخر ، معلوم أن النظام السياسي الهيكلي لدولة ما ، يرتبط ببنية اجتماعية و يؤطر نشاطها و دينامينها ، على هذا الأساس و بما أن التنظيمات السلفية في سوريا هدمت نظام سياسي و بنت آخر إسلامي بديلا له ، هذا يعني أن النظام السياسي الإسلامي الجديد بقيامه لم يقضي فقط على نظام سياسي آخر ، بل ثم هدم كذلك البنية الإجتماعية التي ترتبط به و قيام أخرى بديلة عنها . أي أن تغيير بنية سياسة النظام السوري بنظام إسلامي يستتبعه بالضرورة تغير في بنية إجتماعية ترتبط به و تعويضها بأخرى من طراز النوعية و الخصوصية ، بمعنى آخر أن البنية الإجتماعية تغيرت نوعيتها و خصوصيتها عندما تغيرت بنية السياسة التي تؤطرها . فضلا عن ذلك عندما تغير القانون تبعه بالضرورة "تغير نسق التصرف و الفعل" في البنية الإجتماعية التي يؤطرها ، إذ غدى ما كان محضورا مباحا ، و ما كان مباحا محضورا .
هكذا فانفلات السلوك و التصرف في سوريا ، هو نتيجة لغياب الدولة-القانون في المناطق التي سلطة هذه الأخيرة فيها متحللة أو متفسخة ، إذ لا يستساغ حضور الدولة إلا بنظام يؤطره القانون ، و بالتالي غياب الدولة في شكل القانون مجتمعيا ، أعقبه غياب التصرف الإجتماعي المنظم فبرزت الفوضى ، و هكذا ظهرت الجريمة و الإرهاب و السلوك الطائفي و التهريب ، لأنه لا يوجد قانون يردع فإما تم تجاوزه أو استبداله و تغييره .
كما تأثرت الديموغرافية السورية بشكل سلبي فادح ، ذلك عبر الهجرة أو الموت و انخفاض معدل الولادات ، ذلك ما حَجَّمَ معدل النمو الديموغرافي إلى 0.3% فقط ، و هي النسبة التي كانت تبلغ أحيانا في تاريخ سوريا القريب %3 كما كان ذلك في في سنوات الثمانينات.
ثم كان من نتائج إلباس الخطاب السياسي في سوريا لبوسا إسلاميا ، أثر ذو وجهين على السياسة و الدين معا ، فيما يخص "السياسة" يمكن القول أن جبهة المعارضة تقوت أكثر دوليا و محليا سواء في شقها الجهادي - العسكري أو الديبلوماسي ، كما لا يمكن إغفال في نفس الوقت ما غنمه النظام على الساحة الدولية جراء التشهير بخطاب المعارضين على أنه إرهابي يسعى إلا تخريب البلد ، ما دفع عدة دول إلى الرجوع خطوة للخلف من المعارضة ، و بالمقابل التحاق روسيا و ايران و غيرهما إلى جهة النظام سياسيا و عسكريا .
أما من "الجانب الديني" فإن أسلمة الخطاب الذي يسمعه السوريين بشكل يومي ، جعلهم من جانب مقبلين على التدين بشكل مفرط و عاقدين آمالهم على مجهودهم و توكلهم على إلههم ، ذلك يظهر في الثقافة القتالية المتداولة بالنسبة للثوار الشباب ، أما مجتمعيا فقد برزت مناظرات و نقاشات دينية و شرعية بإيزاء هذه الظروف حول جملة من القضايا الخلافية في العقيدة و الأصول و التاريخ الإسلامي ، أما من الجانب الآخر فإذا كان بعض السورين تقدموا خطوات نحو الدين خصوصا في الداخل ، فإن بعضهم استدار عنه و هرب ، أقصد هنا بروز ظاهرة "اللادينية و الإلحاد" في صفوف السوريين خصوصا في الخارج السوري (أي المهاجرين أو اللاجئين) ، حيث طفحت الظاهرة بسبب عدة أسباب لعل من بينها تغير الخطاب من السلمية إلى الإسلامية الإرهابية .
هكذا فإذا أردت أن أصف ماذا فعلت التنظيمات الإسلامية بسوريا ، فلن أجد كلمة أفضل من "الدمار الشامل" ، فعلى هدي "النظرية البنيوية " في العلوم الإجتماعية ، التي تقول بأن المجتمع يتكون من بنى اجتماعية تربطها علاقات وثيقة فينا بينها ، إذ أن حدوث خلل في علاقات أحد البنى كفيل بحدوث خلل في بنى المجتمع كله . يمكن أن نشبه هذه البنى بحلقات سلسلة ، فعندما تفكك هذه الحلقات لا يعود هناك شيء اسمه سلسلة ، نفس الشيء مع بنى أو أنساق المجتمع، إذا تفككت بناه انهار كله على بعضه ، هذا نفسه ما قامت به الجماعات السلفية في سوريا ، حلت كل علاقات بنى الإجتماع السوري ، و عوضته ببنى مشوهة ، ما أثر على الثقافة و الأخلاق و المجتمع و أحدث فيهما تغيرات عميقة جدا .
أما في الفصل الخامس و الأخير ، فيناقش الكتاب مدى تضارب اعتقادات المسلمين بإزاء ممارسات العصابات الجهادية ، و ذلك عبر استحضار إحصائيات حول استنكار الرأي العام العربي لممارسات داعش من جانب ، و مطالبة معظم الشرائح الإجتماعية في الوطن العربي بتطبيق الشريعة و إقامة الخلافة الإسلامية . إذ تتضح من ذلك هوة كبيرة جدا في انطباعات المسلمين و رغباتهم ، فهم يرغبون تقريبا بالإجماع في تطبيق الشريعة الإسلامية في شكلها القروسطي الغابر ، غير أنهم في ذات الوقت لا يوافقون على من يطبقها مثل داعش ، فعجيب أن تطلب شيءا و لا توافق على من له هذا الشيء، كيف يستنكر المسلمون داعش التي تطبق الشريعة ، بالإزاء يرغبون في تطبيق هذه الشريعة و تنزيل مساطرها في واقع بلدانهم ، إذ يوضح هذا الفصل مدى تهافت انطباعات و تطلعات المسلمين إذا اتصلت بما هو مقدس ، و ما هي العوامل التي تتداخل في ظهور هذه الشيزوفرينية الجماعية .
فالأرقام التي اعتمدنا عليها في هذا الفصل توضح أن غالبية المسلمين يؤمنون بعناصر الشريعة الإسلامية "نظريا" بما فيهم داعش ، غير أنهم لا يطبقون هذه العناصر و المقتضيات "عمليا" ، في حين أن داعش تطبقها و تقلبها إلى واقع معاش ، من ذلك نستنتج أن غالبية المسلمين يتفقون مع داعش "نظريا" لكنهم يختلفون معها "عمليا" فقط ، لذلك أستطيع القول حسب بعض التسميات الشائعة ، أن من يقال له "مسلم معتدل" هو من يؤمن بالشريعة "نظريا" فقط ، أما "المسلم المتطرف" هو من يتجاوز النظر إلى الفعل العملي التنزيلي التطبيقي لمقتضيات الشريعة الإسلامية في الواقع ، و عليه فإن المسلم المعتدل يتطابق جوهريا مع المسلم المتطرف ، لكن الشكل الخارجي لهذا الجوهر مختلف ، هذا هو الفرق الوحيد .و لعل هذا من الإستنتاجات الزعجة للكتاب ، غير أنها تبقى خلاصة مسنودة بالواقع و الأرقام .
ما يمكن أن يستفاذ من الدراسة ، و إلى ما تأكده من خلاصات ، هو أن الميكروب الهمجي للإرهاب دليل على ضعف الدولة الوطنية في الوطن العربي المعاصر ، إذ لم تفلح المقاربة التوفيقية للنهج الوضعي العلماني مع النهج الإسلامي السكوني ، الذي تتأسس عليه أغلبية الدول العربية ، فذلك يسمح باستغلال الدين من طرف الحكام من أجل الإستفراد بالكرسي السياسي ، و استغلال الدين من ناحية أخرى من طرف الشعب لإسقاط هذا النظام أو ذاك بطريقة لا تخلوا من بربرية ، أفلم يحن الوقت لفصل شامل للدين أن حقل السياسة ؟ كم ينتظر الساسة و الحكام من جثة و كم من وطن ضحية ، كي يقتنعوا بتأسيس الدولة على القانون الوضعي و ليس على الأديان و الطوائف .
و ما حل بسوريا إلا نتيجة كارثية ، للنهج التوفيقي ، فما يمكن أن يطالب به هو تأسيس دول مدنية عمادها القوانين و الدساتير القابلة للتغير و التطور وفق تغير الأوضاع و الأزمان ، ما يمكن أن يطالب به هو فصل السلطة الزمانية عن نظيرتها الدينية ، بل يجب إسقاط و تجريد الدين من أي سلطة ، و الإبقاء عليها حصرا لجهاز الدولة ، ليس على إطلقية السلطة بل بتأطير مقونن و مدستر يحدد بدقة قواعد دينامية السلطة و التداول السلمي على حيازتها ، يجب تحرير الدين من السياسة ، كما يجب فك سراح السياسة من معتقل الدين في الوطن العربي ، فمادام الدين مرتبط بشكل عضوي بالسياسة فلن تعرف هذه الأمة إلا الضنك و التخلف و الإنحطاط.
في الختام ، تضمن الكتاب دعوة إلى الخروج من حالة العطالة التاريخية ، التي يساهم في استمراريتها كل مكونات التيار السلفي ، إذ يجب استهلال مبادرة نقد هذا التيار فكريا و عمليا ، و تجاوز ذلك إلى التأسيس لرؤية إصلاحية للدولة و المجتمع ، كلما ابتعدت عن الدين كان في ذلك خير للإنسان و لكرامته .