فلسفة النهي عن المعروف والأمر بالمنكر..! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

فلسفة النهي عن المعروف والأمر بالمنكر..!

هل حانت لحظة كشف كل الوجوه الخبيثة التي تسعى جاهدة لإعادتنا إلى نقطة ما قبل يناير 2011.. حيث الفكر الواحد والحزب الواحد والحاكم الفرد..؟

  نشر في 02 يوليوز 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

بقلم/ محمد أحمد فؤاد

قد يرى البعض في عنوان المقال دعوة للانحراف أو التجديف في حق الأديان والعقائد.. لكنه ليس كذلك البتة، ولا هو دفاع عن عنف أو تخريب أو إضرار متعمد بالمصالح.. فالمقصود بالنهي عن المعروف هنا هو وأد العقول وقمع الفكر وكبت الحريات وتحطيم الآمال، وممارسة السطوة والعنف ضد كل معارض أو رافض أو مغاير للمزاج العام المفروض قسراً..  منهج بغيض تبنته ومازالت كل الأنظمة الحاكمة لسنوات طالت، وانتهى الأمر إلى إفراز طاقات غاضبة ومكبوتة ربما تنفجر دفعة واحدة أو على مراحل في وجه السلطة والقانون، ليس كرهاً فيهما.. ولكن تمرداً على مناهج تفعيلهم التي أخفق أغلب الحكام وجوقاتهم بها في تحقيق أي مساواة حقيقية، أو توفير قدر ولو زهيد من العدالة الاجتماعية..!

أما الأمر بالمنكر فهو محاولة فرض حالة من التغييب الجماعي على الشعب عن واقعه الحقيقي، وإيهام من هم في مواقع السلطة لأنفسهم بأنهم في مأمن طالما لا توجد معارضة مسموعة أو مرئية.. ناهيك عن محاولات الترويج لحالة زائفة من الانتعاش الوهمي ليعيشها الجميع بالأمر المباشر مع كل ما يحيط بهم من ممارسات تسئ عمداً إلى هذا الشعب وكرامته وثقافته ووضعه الحضاري والتاريخي، ويظهر هذا جلياً في منظومة إعلامية مترهلة تتعمد تغييبه وتضليله وحجب الحقائق عنه، بل وتسلبه حقوقه قسراً وطواعية، وربما تستمتع أحياناً بإبراز عوراته التي عجز عن سترها ليس عن ضعف، ولكن لتعاظم أثقال همومه اليومية، وأيضاً لضيق ذات اليد...

إنها لسخرية الأقدار تلك المتتالية المدهشة من التحولات الوحشية التي تحاصرنا بضراوة في كل أركان هذا المجتمع المسكين، والتي يحاولون إخفائها وراء مشاريع إنشائية ليست ذات جدوى إلا حين يتواجد من يستطيع الحفاظ عليها وصونها وتطويرها..! فمن بيئة نقية نظيفة تجمع كل مقومات الحياة الأساسية، نتحول إلى أحد أكبر معاقل التلوث والنفايات على وجه الأرض، ومن بلد زراعي من الطراز الأول نتحول على يد مجموعة من العصابات إلى أكبر مستورد للمواد الغذائية في الشرق الأوسط، ومن منظومة صناعات ثقيلة ذات انتاجية متميزة تتحول مصانعنا ومؤسساتنا إلى خرائب وأوكار للفساد ثم تعرض في مزادات الخردة بثمن بخس، ومن دولة صدرت تعاليم الأديان السمحة، واستوعبت كافة المعتقدات على أرضها، نتحول الى دولة مصدرة للفكر المتطرف والتعصب الأعمى وللحركات الراديكالية..

وعلى الصعيد الفردي أيضاً نجد الأمر لا يخلو من التناقضات المدهشة.. فأنظمة الحكم لدينا قبلت بصفقات مشبوهة سمحت لإرهابي سابق بأن يتحول إلي داعية وواعظ ديني، ولفنانة مغمورة مشتبه في سلوكياتها أن تتحول إلى راعية لحقوق المرأة والطفل، ولرجل أعمال شهير قضى عقوبة السجن لإستئجاره لضابط أمن كي يقتل عشيقته بأن يفرج عنه لأسباب صحية ويتحول مرة أخرى إلى أسطورة في عالم الإنشاءات والتشييد، ولإستاذ جامعي وفقيه في التربية بأن يتحول إلى وحش كاسر لا يستطيع التحكم في شهواته أمام الطالبات، ولرجل قانون من المفترض أنه رمز للعدالة أصابته شهوة الأضواء فتحول إلى مخلوق بذئ يحيا مع الفضائح، ويوزع السباب والشتائم في كل مكان دون حساب، ليس هذا فقط ولكنه للعجب يدير قلعة رياضية عريقة، ويكتمل الهزل بأنه كان أيضاً مرشح ليكون حاكم محتمل لهذا البلد.. ناهيك عن وجوه إعلامية ورجال دين يقولون بالشئ ونقيضه في آن واحد، بل ويؤكدون على ذلك بإختلاق الأكاذيب وتحريف النصوص.. إنها للأسف متتالية من الفوضائيات انتشرت كما النار في الهشيم، اجتماعياً ومدنياً وعقائدياً وإعلامياً وسياسياً وتجارياً، حتى أنها أصبحت وبدون مبرر ولا سند قانوني أو إنساني جزء لا يتجزأ من معاناتنا اليومية التي تسمى زوراً حياة كريمة..!

معدلات الجريمة مفزعة، وحالات الإنفصال الأسري أكثر من مخجلة.. وتفشي الإبتذال والعنف اللفظي والجسدي هو سيد الموقف.. وللعجب فهناك مدافعين عن ذلك، والأداء الاقتصادي هزيل مع الإعتراف بمحاولات التغلب على التحديات للوصول إلى معدلات الأمان..

هذا هو الموقف بلا رتوش أو تجميل.. وبات عهدنا بالحلول بأن تكون تقليدية، وليس فيها أي تطور يواكب متطلبات العصر أو يحقق بالفعل تحسن ملموس لدى القطاعات الأقل حظاً من الشعب.. فهل أتى الوقت لرفع هذا الظلم عن كاهل المجتمع..؟ وهل حانت لحظة كشف كل الوجوه الخبيثة التي تسعى جاهدة لإعادتنا إلى نقطة ما قبل يناير 2011 حيث الفكر الواحد والحزب الواحد والحاكم الفرد..؟

كان الأمل معقوداً على من يصعد لسدة الحكم رئيساً أن يحترم القسم ويطبقه حرفياً.. لكن أتت الرياح بما لم نشتهي.. ويبدو أننا مازلنا في مواجهة شرسة مع مراكز القوى التي تسيطر على مفاصل الدولة.. أن الشعب لم يمنح ثقته لرئيس ونظام حكم كي يمارسوا رفاهية الاعتماد على حاشية فاسدة او مضللة.. ولهذا سيكون المخرج الآمن الوحيد من تلك المتتالية المعقدة من الفوضائية هو تفعيل مواد الدستور بحزم وشفافية وعدم السعي للمزيد من التشويه النيابي في الدولة، وكذلك تطبيق القانون على الحاكم قبل المحكوم، وبالطبع جمع شتات الأمة وليس الترسيخ لحالة الإنقسام العام الذي طاول كل طوائف الشعب، وهذا الذي أظنه سيكون التحدي الأكبر..!

ما لم يتم القضاء نهائياً على فئة المرتزقة وكهنة المعبد ومحترفي النفاق سيظل الأمر على ما هو عليه.. المطلوب حاكم من طراز خاص.. ذو رؤية واضحة ومعلنة، لا يحنث بالقسم، لا تغريه شهوة السلطة، والأهم ألا يخضع للابتزاز.. فهل من مجيب يسعى لإيجاد المعروف فينا، حتى نتبرأ جميعاً وهذا الوطن من الأمر المنكر..؟       



  • mohamed A. Fouad
    محمد أحمد فؤاد.. كاتب حر مؤمن بحرية الفكر والمعتقد والتوجه دون أدنى إنتماء حزبي أو سياسي.. مهتم بشأن الإنسان المصري أولاً..!
   نشر في 02 يوليوز 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا