الذاكرة و النسيان
خطان لا يلتقيان ، أو تراهما يلتقيان ، ربما ، و إن كان كذلك فكيف ؟
كنت أقرأ قبل أيام كتاب " نسيان " لأحلام مستغانمي و لكن استوقفني نص و هو كالتالي ( أحبيه كما لم تحب امرأة و إنسيه كما ينسى الرجال)
هل يعني هذا أن الحب امرأة و النسيان رجل ، أو أن النساء يبحثن عن الحب بينما يهرب منه الرجال إلى طرق النسيان ، أو أن المرأة خلقت كي تعلم الرجل الحب بينما يلقنها هذا الأخير دروس في النسيان ...
الحب و النسيان موجودان في قلب كل إنسان من دون تحديد جنسه ، لا يوجد شيء أكثر قوة من تسلسل الحب إلى قلب الإنسان و لا يوجد شيء أكثر لطف من هبوب رائحة النسيان على القلوب المكسورة .
توقف القلب عن ضخ دماء الحب لا يعني نسيان ، و الذاكرة لا تعني أنك لم تنسى ، فالذاكرة و الحب و النسيان بإمكانهم العيش داخل جسد واحد في زمن واحد و في نفس اللحظة
لا يوجد نسيان كلي و لا ذاكرة كلية ، فهما يأتيان عند الحاجة إليهما ، بإمكانك نسيان شخص ما و تذكره في ذات اللحظة
إن توقف حبنا لشخص ما فإننا سننعم بروعة النسيان ذات يوم و هذه الروعة لن تزول مادامت ذاكرتنا مروضة بشكل صحيح و لم تقتحم جدران عقلنا و نبضاته بسهولة ، إن سألنا أحدهم عن ذاك الحب القديم سنتذكر و هذه ذاكرة مؤقتة تأتي و تذهب كرائحة لطيفة لا تحمل خيراً و لا شراً .
كتبت الكاتبة ذاتها نصا أخر و هو كالاتي ( النسيان يؤسس الحب ذاكرته الجديدة ) و أنا أوافقها الرأي تماما
لا يمكن لحب أن يولد ما لم ننم على سرير ذاك الطبيب الذي يسمى النسيان مدة من الزمن تكفي لتضميد جروح و خدوش الذاكرة
فالحب الجديد يحتاج لذاكرة جديدة و لكنها ذاكرة لم تفقد ذاكرتها ، هي فقط ذاكرة لا تؤلم خبايا روحك أو تضرم النار في رأسك ، نصف ذاكرة و نصف نسيان بإمكانهما أن يعطيانك وزن مثالي على ميزان الحب .