المرأة اللعبة في تقاطعات من الخوف والجمال - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

المرأة اللعبة في تقاطعات من الخوف والجمال

بقلم - أمل ممدوح

  نشر في 12 غشت 2015  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

في مهرجان دوم للحكي لهذا العام 2015 حيث عقد دورته الثانية في مدينة قنا بجنوب الصعيد، كان لعالم المرأة حضور في العروض، في كل من عرضي “اللعبة” لفرقة بيانولا وهو فكرة وإخراج أحمد الصاوي، والذي عرض على مسرح قصر ثقافة قنا، والفيلم التسجيلي المبني على الحكي “تقاطعات من الخوف والجمال” الذي عرض بإحدى قاعات مركز تنويرة الثقافي للمخرجة نورا أمين، ورغم اختلاف الوسيط في العرضين إلا أن بينهما العديد من نقاط التلاقي، وإن أخرجت الفيلم التسجيلي امرأة وأخرج عرض الحكي المسرحي رجل، فكلاهما غزته الروح الغربية وإن حاولا الاتجاه للمحلية، وكلاهما استخدم التعبير الراقص وحاول الولوج للعالم النفسي للمرأة وإن تفوق في هذه الجزئية الفيلم التسجيلي، لكن العرض المسرحي كان أكثر تكثيفا وجذبا في إيقاعه مع إشراكه الرجل بالحضور وإن كان عازفا يعزف أنغام وجع المرأة أو يرقص معه، بعكس الفيلم التسجيلي الخالي من الرجال، وسيزداد وضوح ذلك بالتحدث عن كل منهما منفردا بعرض ملامح كل عمل.

فأما الفيلم التسجيلي “تقاطعات من الخوف والجمال”، ومدة عرضه نصف ساعة وهو إنتاج 2009 وكتابة وإخراج نورا أمين، فيتناول العنف ضد المرأة من خلال 13 حكاية وتجربة شخصية لنساء من بلاد مختلفة هي: مصر والسويد وألمانيا، بحيث يصاحب السرد لكل قصة رقصة تعبيرية تلقي الضوء على الانفعالات الداخلية من خلال رؤية المخرجة، وهي نفسها مصممة الرقصات، مع مصاحبة موسيقية لرمز صبري، وزوايا تصوير أجاد اختيارها إسلام كمال، والفيلم يقدم لعوالم الخوف والصراع والألم داخل المرأة من خلال تجاربها المروية بلقطة افتتاحية تحتوي أقداما جميلة لعدة نساء يتراقصن بمرح، ونسمع صوت ضحكاتهن لتنتقل بنا هذه اللقطة التي تمثل روح المرأة وجمالها الذي ينبغي أن تحيا به ويملأ الحياة لعالم نفسي آخر لنساء متعبات من خلال سرد وصورة تنحصر أغلبها داخل غرف مغلقة تبين أسر النساء داخل حياتهن ونفوسهن، الذي يعكسه سرد المشكلات أو التجارب المختلفة وتعبر عنه برقص تعبيري بعض النساء اعتمد في الأغلب على إبراز إحساس التخبط والصراع والألم المتحرك باستخدام كل الجسد والشعر، وإن بدت الحركات طوال الوقت مكررة وعصبية أكثر مما ينبغي وتسبب إزعاجا في التلقي دون أن تتصاعد مع السرد واتضاح المشكلة، بحيث تميز مثلا كل حكاية عن الأخرى، والحقيقة أن السرد احتوى على جمل مميزة عميقة جاذبة لكن أيضا من الصعب عدم الإحساس بأن السرد مكتوب أو مصنوع، وهو ملقى باللهجة العامية ربما ليقترب لروح الحكي الشعبي، وهي في الحقيقة نظرة سطحية لأن فيلم كهذا لن تنتقل له روح المحلية بمجرد لهجة محلية وسط هذه الروح الأجنبية الطاغية، بل إن استخدام اللهجة المحلية ربما أبرز هذا التضاد ولفت الانتباه له، وجاءت معظم الحكايات تتحدث عن شعور الخوف وارتباط ذلك غالبا بتجربة مع الرجل وقهره للمرأة، أو الخوف من الفشل والخوف من المجتمع والعنف الأسري، وخوف الطفولة الذي يكبر معنا، والخوف من التحرش ومن الخروج وغير ذلك، إلا أن كل تعبيرات الحكايات على اختلافها جاءت متشابهة بل براقصات متكررات وقد كان الاختلاف أملاً بسيطًا لكسر النمطية والتمييز بين الحكايات.

وبالانتقال لعرض الحكي المسرحي “اللعبة” نجد ثلاث نساء كل منهن تأخذ وضعا كالتماثيل أو (اللعبة) موزعات في مسرح متسع واستخدام لعدة شمعات صغيرة كبديل للإضاءة في أغلب الوقت، بحيث تضاء كل شمعة عند بدء حكي واحدة من النساء مع إضاءة عامة في بعض الأحيان جاءت مناسبة للجو النفسي للسرد، أو حمراء حين الاقتراب من نقطة الصراع الداخلي، وهو ما أجادته إضاءة محمد حسني، أما الموسيقى فحية من خلال عازفي عود وجيتار لا يتلازمان بالضرورة بل قد ينفرد عزف أحدهما بآلته، وهذا الجو المصاحب في حد ذاته كان فعالا في نجاح الولوج إلى عالم الحكي النفسي لكل امرأة، بشكل يستجلب أيضا الهدوء النفسي لتلق وإنصات أعمق.

أما أولى النساء فسمراء تقف في ركن تغني أغنيةpardonne moie للمغنية الفرنسية ميراي ماتيو والتي يعني عنوانها “اغفر لي إنها نزوة طفولية”، ورغم جمال هذه الأغنية القديمة وأنها قد تحمل معنى الصراع في علاقة حب أتبعه ما يستحق الندم، إلا أن هذا المعنى يبدو بعيدا لا يصل بسهولة مع السياق العام للحكايات التي تتضمن صراعات الأنثى وقهرها، وتعطي تغريبا بمعنى الاتجاه الغربي، بعكس الحكي عن مجتمع محلي بأمراضه وعاداته الذي ساد في بعض الحكايات، لكن العرض هنا استخدم الرجل كراقص أساسي “طه مالك” مع كل النساء، وهو كاستخدام أدائي وحركي في صالح فكرة العرض والتعاطف مع المرأة “اللعبة” بعدم استخدام المرأة كجسد راقص أساسي، وكأنه بذلك يساهم في تحرير أطرها والانتصار لفكرته، ومن جهة أخرى كان استخدام رجل واحد يقوم بالرقص مع الثلاث نساء تجريدًا يبقى صفة النوع “الرجل” متكررا ومشتركا في الثلاث حكايات التي تتضمن الرجل بشكل أو بآخر، فهو جزء من جمود عالمهن ونمطيته وإن كان يراقصهن متحركا أو تدور حوله حياتهن، فهو المتحرك الساكن وهن الساكنات المتحركات، لكن في نفس الوقت جاءت القصص والشكايات إما غير واضحة المغزى بشكل كافٍ، كمن تتحدث عن حبها لفك شفرة الرجل ثم تركه، أو مستهلكة كتلك التي ظلت تحلم بالزواج وتتهيأ أنه الحلم الأكبر منذ صغرها ثم تفاجأ في كبرها بالاتفاق على زواجها، لتعلن هنا تعجبها من هامشية رأيها، وما زاد الأمر ضعف جمل هذا الجزء من الحكي واستهلاكه، ليجيء جزء “لعبة الزجاجة” بين الثلاث فتيات لينقذ شيئا من تفكك السرد السابق أو هزاله، فيبدو الحوار هنا طبيعيا جاذبا بتلقائية محببة في جلسة لفتيات، يضيء أركانا في نفسية الفتاة وعالمها العاطفي. أما على مستوى التمثيل والأداء فكانت الأبرز والأكثر حضورا الممثلة خلود عيسى مع أداء حركي حساس ومناسب، بينما كان أداء كل من داليا سمير وسندس محمد يحتاج المزيد من التدريب والإحساس بالدور.



   نشر في 12 غشت 2015  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا