أتساءلُ : ما الذي كان يزعجُنا ويقضُّ مضجعَنا في اعتداء تنظيم داعش على ريف السويداء في تموز ٢٠١٨ ؟

هل كان الاعتداءَ على مدنيين مطلع الفجر؟ أم لأن الدواعشَ قد أخذوا النيامَ على حين غرّة؟ أم كان الاعتداءَ الوحشي على النساء والأطفال؟

أظنُّ أن إجابتنا ستكون بجميع ما ذُكر .

نعلمُ جميعاً أن هذا التنظيم لديه حجّةٌ وهدفٌ ، ألا وهو "إرساءُ قواعد الاسلام الصحيح ومحاربةُ الكفرة ونبذُ البدع والتجديد الذي ابتدعتهُ الحداثةُ!. "

واتبع التنظيم منهجاً لبلوغ هذا الهدف وهو إدارة التَّوَحش.

هَبْ أن هذا التنظيمَ قد رغِبَ عن إدارةِ التوحشِ منهجاً ، واتبعَ منهجاً دعويّاً بدلاً عنها ، بنفسِ الأفكارِ والمطالبِ آنفةِ الذِّكر .

هل كان سيحارب ُ بتحالفٍ دوَليّ ؟

هل كانت ستتناوله ماكيناتُ الإعلامِ حولَ العالمِ حتى الإسلاميّةُ منها!؟

أزعمُ أن سياسات الدولِ والحكوماتِ تتخذُ السلوكَ القابلَ للقياسِ والتقويمِ أساساً لها في صنعِ قرارتها ورسمِ سياستِها إزاءَ هذا السلوكِ موضوعِ القرار لدى الدولِ والتنظيماتِ والجماعات.

لم يشهد التاريخُ المعاصرُ حروباً حتى الباردةَ منها ،ضدَّ فكرٍ بمعزلٍ عن سلوكٍ قائمٍ قد يتوافقُ وقد يتعارضُ مع مصالحَ دولةٍ معينة.

لم تكن حرباً على نظريّة ، بل كانت حروباً على المخرجاتِ السلوكيّةِ للنظريّة.

المقاومةُ نظريّةٌ وفكرٌ، مخرجاتُها سلوكٌ من المفترضِ أنّه يردُّ الاعتداء َ على حقوقٍ يزعمُ الحفاظ عليها ، وكان انتهاكُها سببا في نشوءِ هذا السلوك.

تجريدُ عدوِّك من القيمِ الإنسانية والكرامةِ الإنسانية فعلٌ شائنٌ ومرفوض في القانون الدولي وفي وجدان الأفرادِ على اختلافِ مشاربِهم، فالمدنيّون أينما وجدوا ومهما كانت جنسياتهم ، لهم كراماتُهم الإنسانية التي يتمتعون بها فقط لكونهم بشراً ومن غيرِ المقبولِ المساسُ بها .

لقد تأخَّرَ العلمُ الوضعيُّ وخاصة في الطّب، وكذلك في التربية، في العصرِ الحديثِ لأن الكرامةَ الإنسانيّة تحرّمُ التجريبَ على الإنسان .

توافقتِ الإنسانية بعد أحداثٍ مروّعة ارتكبها المتحاربون على أنّ أسرَ المدنيِّ هو فعلٌ شائنٌ ومرفوض، قتلُ العُزّلِ هو فعلٌ جبان ومرفوض.

كانت الجيوشُ ولم تزل أداةً للموتِ والقتال وهدفاً لهما، ولازالَ أسرُ الجندي المدجج هو فعل مدعاةُ فخرٍ ويعتبرُ مشروعاً. وعلى النقيضِ يقعُ استسهال أسر المدنيّ .

إن انتهكتَ هذه القيمِ الإنسانيّةِ فأنت تديرُ التوحّشَ.

وأنت بهذا تبتعد عن الحريّة بقدرِ زعمِك اقترابَك منها.

                         تمّام صلاح الشوفي 

                                 ١٠/١٠/٢٠٢٣