قوالب - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

قوالب

النمطية في التعامل.

  نشر في 01 غشت 2018  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

ذكرت من قبل اننا نملك جميعا رسمة عن "الكاتب"، وفي هذا الموضوع سأعمق المفهوم أكثر، لذا دعنا نسميها "نملك جميعا قالبا عن الكاتب".


لنتخيل معا أنك بمفردك على جزيرة ما، لقد استيقظت من نومك ووجدت نفسك على جزيرة نائية، بدون اي وسيلة للتواصل مع العالم الخارجي...كم سيكون هذا مريحا <3..

في البداية، ستحاول التعرف على المكان، ستصنع سلاحا ثم تبدأ عملية البحث والتنقيب عن المأوى والزاد، هذا ما سنفعله جميعا، ولكن ماذا لو وجدت شخصا أخر أثناء عملية البحث؟

في البداية سيتخذ عقلك وضع الطواريء، وستكون ردة فعلك مضطربة، وسيصير الأمر برمته مقرونا "بماذا لو كان عدوا؟"، ولكن مع بدأ التعامل-حتى وان كان مجرد القاء تحية-سيضعه عقلك في قالب ما تلقائيا، وعلى هذا الاساس سيكون رد فعلك.


اذا كل التعاملات بين البشر منذ قديم الأزل ترتبط بقولبة الشخصيات في العقل..

أعلم انك الان تحاول تقريب الجملة الاخيرة الى معنى تفهمه مسبقا، وبالمناسبة هذه ايضا تدعى قولبة.

دعني أساعدك قليلا..

للإنسان عقلان، عقل يفكر وعقل يخزن، حيث يمكنك الانشغال في مكالمة ما أثناء قيادتك للمنزل وبعد الانتهاء منها تجد نفسك أمامه مباشرة بدون حتى تذكر ما مررت به في الطريق..هذا ما يفعله العقل المخزن.

وايضا هذا سبب سهوك في الصلاة..


لتلك الحقيقة فؤاد عظيمة، فأنت لا يمكنك التعامل مع كل شيء في الحياة بعقلك الواعي، فهذا سيسبب الكثير من الضغوط النفسية والأرق، مما سيدمرك تدريجيا..

ومن هذا المنظور يؤسس عقلك الباطن مجموعة من القوالب على أساس كل ما مر به من تجارب في حياتك..فهناك قالب للشخص الخير، وقالب للشخص السيء، وقالب للتافه، وقالب للمُثل الأعلى، وقالب للحبيب، وهلم جرا..

بمجرد تحدثك مع أحدهم سيضع عقلك هذا الشخص في قالب ما تلقائيا، ومعه يكون تعاملك معه أكثر أريحية.

ومن هذه الفرضية ايضا، يقسم البشر الى نصفين، نصف يكره الأمور البعيدة عن قوالبه، أو التي على الرف المظلم المهجور، كما انه يرفض تماما إضافة اي قالب جديد، فهو مؤمن بكماله العقلي في هذه اللحظة.

والنصف الأخر يعشق كل ما هو جديد، يريد إنشاء العديد من القوالب، ويريد تضخيم مكتبته العقلية في كل لحظة، وهؤلاء يصيبهم الركود إن وجدوا كل المحيط بهم معلوم مسبقا..

ومن هذا المنظور ايضا، يأتي الحب، ويأتي الركود منه، وتأتي الرغبة في التغيير,


لمّ أتحدث عن القولبة؟ ولمّ أشرح تلك الفرضية؟

منذ عدة أسابيع إلتقيت بصديق قديم لي، وبلغة القولبة، هو "صديق الشر في أيام الثانوية"، وبلغة القولبة ايضا، هو "مجنون بالسيارات والسرعة"، وبلغة القولبة هو "أجوف"، وبكونه في ظل هذا الفراغ الداخلي وضغط والده عليه لأدارة شؤون العمل أصبح مع الوقت من أكبر مدمني المخدرات..

اكتشفت من وقوفنا هذا انه يعشق هذا الطريق، وانه فضله عن مظهره الأجتماعي، ومعظم علاقاته العامة..في الحقيقة انا لا احب هذا الطريق، ولا احب سالكيه، إن كنا نشتكي من ان الحياة تمر بإيقاع سريع على عقولنا، فما بالك بمن لا يملك عقله طوال الوقت!

بالطبع لم أرد نصحه عما يفعله، وكيف يدير حياته، حتى لا أشعره بتقليل في التقدير الشخصي بيني وبينه، فأنا لم أقابله منذ مدة، كما أنني لا أعلم ما يمر به في العمل أو الدراسة..ولكنه رغم هذا باغتني بالتحدث عن طريق الكتابة، وقال بنظرة حسرة وآلم، وكأنني في موقف يحتاج الى نصيحة، بل ويد إنقاذ تنتشلني من هذا الطريق الخاطيء:

- الصراحة يا صحبي الطريق ده مش لايق عليك..
فسالته بلين:
- ايه اللي تعرفه عن الطريق ده؟
فقال:
- لا شيء.

فسريعا ما حدثته عن طريقه الذي أعلم عنه الكثير..


ما علاقة هذا الموقف بالموضوع؟

دعنا نحلله بمنظور القولبة..هذا الصديق يمتلك عدة قوالب عن الشخصيات في الحياة، ومنها شخصية الكاتب، والمخدرات..وعندما أتى الوقت الذي رأى فيه شخصا عزيزا عليه يبتعد غير ملتفتا في هذا الطريق الذي لا نهاية جيدة فيه، حاول إنتشاله..في الحقيقة انه نبل من نوع ما..

لدي صديق اخر يملك قالبا جيدا عن الكاتب، وهو الان فخور بما افعله، كما انه يذكرني دائما بحلمي في هذا الطريق..

قولبة سلبية


اذا، هل القولبة جيدة؟

ربما، ولكن إن ساقتك نحو الحكم الخاطيء على البشر، فهنا الظلم البين، وشاهد على عدم العدل، كما انها تساعد على زيادة الكراهية في المجتمعات، بل إنها تعطي الشرعية لهذه الكراهية.


لم أذكر في هذا الموضوع أن القولبة الفكرية أمر واقع لا يد لك فيه، أنت سيد قرارك، وعلى هذا الاساس ستحاسب في النهاية، فلا تساهم بضيق فكرك وعدم رغبتك في تغير ثوابتك-التي من الممكن أن تكون خاطئة-في صناعة عنصرية من نوع ما، بل تعلم معنى التقبل، ومرونة الحكم على الأشخاص-دائمي التغير-في الحياة..

وتذكر هذا جيدا..

"إن استسلمت لعدم تغير الفكر، ستكون بيدقا جيدا لأي يد.."

!!



التوقيع


محمود جاويش



  • 2

  • Mahmoud Gawish
    محمود صلاح جاويش، من مواليد 12/4/1996 في مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، أدرس هندسة الحاسبات بجامعة الاهرام الكندية..كاتب شاب، كان لي رواية بعنوان "كازانوفا والفصول الأربعة" عن جريدة الجمهورية، وقصتان قصيرتان بعنوان "ليلة في ا ...
   نشر في 01 غشت 2018  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا