حين تختلف أساليب الوالدين في تربية الأبناء - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حين تختلف أساليب الوالدين في تربية الأبناء

  نشر في 06 أبريل 2016  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

في الكثير من الأسر تتعارض أساليب التربية بين الأم و الأب، و قد يختلفون في منهجية تنشئة أبناءهم، و ذلك لأن الأساليب و المناهج تفتقر إلى مباديْ أساسية في التعامل مع الطفل، تستطيع من خلالها أن تتجنب الكثير من الحالات السلبية التي يمكن أن ينشأ عليها الطفل و هو مهزوز الشخصية أبينا ذلك أم كرهناه، و هو في حد ذاته خطأ تربوي قد يكلف الكثير، و قد يكون ذلك بسبب اختلاف في النشأة و التربية التي تلقاها الوالدين في الصغر، فبقي أثرها عند الكبر....

و مع كثرة البحوث العلمية و التطبيقية حول أفضل الطرق التربوية.. يعد اختلاف الأب و الأم في تربية الأولاد من أكثر المشاكل تكراراً في الأسر، و من أعمها ضرراً، و أبلغها أثراً، و أسرعها ملاحظة و ظهوراً. وتأتي هذه الحالة عندما يقوم أحد الطرفين (الأب أو الأم) بتربية أحد أبنائهم بطريقة معينة وفق فكر معين، و يأتي الطرف الآخر لينقض تلك التربية و ذلك الفكر، بفكر أخر و طريقة مختلفة، قد تصل حد التضاد، مما يوقع الابن في حيرة مربكة، و يضيع بالتالي تعب الطرفين في تحقيق أي أثر ناجح في تربيته.

فالبعض من الوالدين يربي إبنه بالصرامة و الشدة، و البعض يربي إبنه على اللين و التدليل. و لننظر معا في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم، و لنتأمل كيف نص الحديث على مسؤولية كل واحد من الأبوين، ليؤكد استقلال كل واحد بهذا التكليف، و في حديث الفطرة يظهر أيضا كيف أن التوجه الديني للأبناء مبني على توجه أبويهم معا، و ليس واحداً منهما فقط، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : ( مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَ يُنَصِّرَانِهِ وَ يُمَجِّسَانِهِ). رواه البخاري و مسلم.

يقول الدكتور عبد الرحمن العيسوي في كتاب له يحمل عنوان (مشكلات الطفولة و المراهقة): "إن من بين المشاكل التي قد تظهر على الأبناء نتيجة هذه الطريقة المتضاربة في التربية :

1- قد يكره الطفل والده و يميل إلى الأم، و قد يحدث العكس بأن يتقمص صفات الخشونة من والده.

2- قد يجد هذا الطفل صعوبة في التميز بين الصواب و الخطأ، أو الحلال و الحرام، كما يعانى من ضعف الولاء لأحدهما أو كلاهما.

3- و قد يؤدى ميله و إرتباطه بأمه إلى تقمص صفاتها الأنثوية، فتبدو عليه علامات الرقة و الميوعة. قد يصل الحد إلى هذه الدرجة: و تبدو المشكلة أكبر من ذلك في مراحل متقدمة عند حدوث تعمّق في الاختلاف بين الأب و الأم حول تربية الأولاد.. و هذا أحد المدرسين يروي حالة غريبة حدثت مع أخيه فيقول: "أبي و أمي كثيراً ما يختلفون حول تربية أخي الصغير، بل إن 90% من مشاكلهم بسببه و هو ما وَلَّد حالة متنامية بين الطرفين اتجهت بهما نحو التطرف في التعامل معه". و يوضح المدرس الذي طلب عدم ذكر اسمه حالة التربية الخاطئة في منزله فيقول: "عندما يطلب والدي من أخي الصغير أمراً يرفضه أخي.. تبادر أمي إلى التدخل إلى صف أخي الصغير.. و تطلب من والدي الكف عن تحميله ما لا يطيقه، أو تركه يعيش حراً، أو أن ينتظره حتى يكبر كي يكلفه ببعض الأشياء، و هذه الحالة المتكررة وَلَّدت لدى والدي، حالة من الغضب الدائم على أخي الصغير.. فزاد من ضربه له و تأنيبه بشكل مستمر، و محاسبته له في كل صغيرة و كبيرة، و هذا زاد بالتالي من دلال أمي له، و الاعتناء و الاهتمام به أكثر فأكثر".. و يتابع المدرس بالقول: "المشكلة الأساسية أن ذلك بات يؤثر على أخي الذي يبلغ الثانية عشر من عمره.. أحسه في كثير من الأحيان غير طبيعي في أفكاره و تصرفاته و حركاته.. ربما بسبب الضغط النفسي و اختلاف التربية المتناقضة في المنزل، و أكثر ما أخافني مؤخراً كلمة قالها لي: إنه عندما يكبر سيصبح والدي مسناً و لن يستطيع ضربه مجدداً.. عندها سيقوم هو بضرب والدي"!!.

كما ذكرنا آنفا أنه على الرغم من كثرة الكتب و المحاضرات التي تتكلم و بشكل مستمر عن اختلاف الأبوين في تربية أولادهما، و السلبيات الناتجة عن هذه التصرفات، فإن هذه التربية السلبية لا زالت إلى اليوم تضرب بأطنابها في مجتمعنا و تفاقم من المشاكل التي تحدث داخل العائلات، كما بينته قصة هذا الطفل الذي ينتظر أباه حتى يكبر ليصبح هو الذي يضرب أباه و العياذ بالله، و غني عن البيان أن مثل هذا التفكير السقيم لدى هذا الطفل هو نتاج لعدم تحكم الأم و الأب في عاطفتهما في محاسبة و تربية الطفل، مما جعل هذه التربية بعيدة تماما عن العقل و المنطق.

إن الوازع الديني الذي يجب أن يحضر أمام أعين الطرفين هو: أن التربية مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المؤسسات الاجتماعية و أن كلاً منها راعٍ و مسؤول عن رعيته، كما أخبر نبينا محمد _صلى الله عليه و سلم_ "كلكم راعٍ و مسؤول عن رعيته"، و من باب أولى بالتالي أن يتولى الأب و الأم تقديم نفس الرسالة التربوية لأبنائهما، و إن اختلفت الطريقة بينهما.. بل على العكس قد تكون سبباً في ثبات هذه الرسالة التربوية و رسوخها في ذهن أطفالهما.

و هذا خبير في التربية و هو د. المطوع يقول: تذكر أم عمر (إحدى المهتمات بالعمل التربوي) خلال مشاركة لها في إحدى المنتديات التربوية المتخصصة، بعض الأفكار المفيدة التي قد تساعد الآباء و الأمهات على تحديد بعض السلوكيات لدى أبنائهم، قائلة: "إن اهتمام الرجال بموضوع التربية ليس بمقدار اهتمام المرأة، لذلك أرى أن هذه مسؤولية ملقاة على كاهل المرأة، و ذلك بأن تدعو زوجها دائماً للنقاش في أمور تربية أبنائهما، و ذلك قبل أن تنجب حتى أول طفل، تحثه على قراءة المقالات، تناقشه فيما يقرآن، تلخص معه النتائج، و عليها أن تكون واضحة في جملها، فتخبره مثلاً : - لو حدث الموقف التالي مع أولادنا يجب أن نتصرف بالطريقة التالية، يجب أن نتعامل مع الأبناء بهدوء و بحزم.

- إذا طلب ولدنا من أحدنا طلباً فلينظر أحدنا بوجه الآخر ليرى في وجهه الرضا أم الرفض، و بالتالي قرارنا يجب أن يكون موحد، لا أن أقول: نعم و أنت لا، فهذا أبلغ في نفس الطفل.

- نوم أطفالنا يجب أن يكون بين 8-9 على أن نوفر لهم الأجواء المناسبة فتتوقف النشاطات قبل ذلك بنصف ساعة ليشعروا بالهدوء. - نوقظ الطفل لصلاة الفجر دون تهاون في ذلك.

- فلنضع قاعدة بأن لكل طفل 3 ألعاب في السنة، لعبتين على عيدي الفطر و الأضحى، و لعبة عند تفوقه في المدرسة، و جوائز صغيرة عندما يحسن عملاً.

- يجب أن نعود الطفل على الترتيب، و أن يكون موقفنا واحداً من حيث ترتيبه لغرفته و ألعابه.

- يحفظ الطفل عدداً من الآيات محددة يومياً، و لا تنازل عن ذلك تحت أي سبب، إلا لظروف قاهرة جداً نتفق عليها.

- يجب أن نعوّده و نحثه كلانا على المساعدة في البيت في أمور يتم الاتفاق عليها.

- يعاقب الطفل إن تلفظ بالألفاظ البذيئة.

- نسمح للطفل باللعب مع أبناء الجيران الصالحين، و نحذره من اللعب مع السيئين مع تبيان السبب له"

و مفاد هذا الكلام أن التربية السليمة تتطلب بالضرورة حسن التوافق بين الأبوين حتى لا تتعارض الذي توجيهاتهما و تتضارب أوامرهما عند التعامل مع الطفل الأمر الذي يربكه ويضعه في حرج إذ لا يدري لأيّهما ينصاع و قد يدفعه ذلك إلى التمرد عليهما هما الاثنين معا فيخسرانه إلى الأبد كما يخسره معهما المجتمع هو الآخر و تلك هي الطامة الكبرى...




  • 4

  • أمال السائحي
    لقد صدق من قال "ان القلم أمانة" لنحيي به الفضائل، ونميت به الرذائل، ونغرس مبادئ الحق، والخير، والجمال...
   نشر في 06 أبريل 2016  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات

ممتاز أختي الفاضلة الأستاذة أمال
1
أمال السائحي
ممتازة غاليتي في تعليقاتك كلها تشجيعات ...شكرا لك اديبتنا الفاضلة

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا