الرجل هو عماد الأسرة ، وهو العمود الفقرى للبيت ، وهو المسئول عن إدارته وسيره والنفقة عليه ومتابعة الأبناء والمشاركة في تربيتهم وتقويمهم ، هذا ما نشأنا عليه منذ قديم الأزل ، وهذا ما يتفق مع مبادئ الدين الإسلامي بل وكل الأديان السماوية ...
ولكننا نلاحظ أن كثيراً من الآباء يتجاهلون هذه المهام كاملة واكتفوا بمهمة الإشراف العام والتمويل ، وهو بذلك يرى في نفسه الأب المثالى الذى يلبى كل حاجات أبنائه ، ولا يدعهم يطلبون شيئاً إلا وأتى لهم به ، وكأن واجبه الوحيد نحو أبنائه وبيته فقط التمويل وتوفير مستوى معيشى مرتفع ...
فمن أين أتى السادة الآباء بهذا الفكر إذاً ؟! ولم كل هذا الجفاء الذى صنعه بينه وبين أبنائه بشكل غير مباشر ؟!
وكيف يرى في نفسه الأب المثالى رغم الفجوة الكبيرة الحادثة بينه وبين أبنائه ؟!
فلا هو يتحدث معهم ولا يشاركهم في أي أمر يخصهم ، ولا يتدخل في مشاكلهم الدراسية والنفسية ولا يستمع إليهم ولا يتحاور معهم ..
بل اقتصر الحوار بينه وبين أبنائه على سؤاله عن طلباتهم فقط!! وراح يلبى لهم فيها تاركاً شأن تربيتهم كاملاً للأم ....
ومبرره في ذلك إنهماكه في العمل لتلبية إحتياجات الأبناء !!
فقد غفل هؤلاء الآباء أن لأبنائهم إحتياجات أخرى لا علاقة لها بالماديات على الإطلاق ، فالأبناء كما يحتاجون لرعاية الأم وإحتضانها لهم وحنانها يحتاجون أيضاً إلى صرامة الأب وقوته وعقابه أحياناً ، هذا الدور الذى لم تستطع الأم القيام به ليس تقصيراً منها ولكن لعاطفة الأمومة التي جبلت عليها .
فغياب الأب في هذه الحالة يصنع أطفالاً تخطئ وتتجاوز دون خوف أو تردد ، فلا عجب أن نرى في مجتمعنا الآن أبناء يتطاولون على آبائهم بالقول والفعل فهؤلاء الأبناء نشأوا في غياب الأب .
أيها السادة ، إن الأبناء في حاجة إلى أب يتخذونه قدوة لهم ومثل أعلى من خلال أسلوب التعامل في البيت ، فيتعلمون من الأب كيفية معالجة الأمور وحل المشاكل وأسس تكوين الرأي .
كما يحتاجون إلى النصح ، والإرشاد ، والتوجيه ، والتقويم ، وكيفية إحترام الوالدين ، وتنفيذ أوامرهم دون تراخى أو تكاسل ، واحترام آرائهم وإن خالفت رغباتهم الشخصية ...
فمن واجبك أيضاً عزيزى الأب بث القيم الأخلاقية فيهم ، وتشجيعهم على ممارسة هواياتهم ومشاركتهم في الحوار .
فالمسئولية غير يسيره ، وتحتاج لإهتمام بالغ ، بل يجب أن يكون تربية أولادك أهم المهام وفى مقدمة الأولويات .
ولا تبرر تقصيرك معهم بإنشغالك في العمل وغيره فمهما بلغت من نجاح وتقدم في عملك فهذا لا يساوى شيئاً بجانب تربية أولادك وإصلاحهم ، فالابن استمرار لأبيه وامتداد له .
والأب يسعد لسعادة أبنائه ويشقى لشقائهم ، ليس هذا فحسب بل يمتد هذا النفع المتبادل إلى الآخرة ، فالابن عندما يكون صالحاً مستقيماً فإن جميع صالحاته تُكتب في صحيفة الأب ويُثاب عليها ، قال تعالى : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم يإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء )
وقديماً قالوا : ( ابنى ابنك بدلاً من أن تبنى له )
فهنيئاً لكل أب أدى حق أولاده وسعد بهم في الدنيا والآخرة
فادية صقر