كل فنان التزم بإيديولوجية، أصبح بوقا دعائيا دون فن. مواطن العالم محمد كشكار
كل فنان التزم بإيديولوجية، أصبح بوقا دعائيا دون فن. مواطن العالم محمد كشكار
نشر في 11 ديسمبر 2014 .
كل فنان التزم بإيديولوجية، أصبح بوقا دعائيا دون فن. مواطن العالم محمد كشكار
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 19 نوفمبر 2011.
الفنان الواقعي وفيّ لشيء غير الفن، هذه هي آفته. عبد الله العروي
لفنان الملتزم: الفن و الالتزام بإيديولوجية محددة مفهومان متناقضان لا يمكن أن يلتقيا في شخص واحد و إن التقيا فسيُحذف أضعفهما. إذا التزم الفنان بإيديولوجية محددة، سيصبح حتما منحازا لإيديولوجيته على حساب فنه. الفن حر بطبعه و الالتزام الحزبي انضباط بطبعه. خذ مثلا فنانا "يساريا" ملتزما كمارسيل خليفة، غناءه و موسيقاه راقيان رقيقان، لا تشكيك و لا جدال في ذلك، فهو إذن ملتزم بفنه و وفيٌّ لفنه فقط و ليس لإيديولوجيته، و في نفس الوقت ملتزم أيضا بتجميع و تنمية ثروته، التي بلغت حسب الإشاعات 20 ألف مليون دولار. يتغنى بعذابات الملايين و يكسب الملايين من تحويل هذه العذابات إلى فن جميل و يشارك في تنويم و استغفال العمال و الفلاحين - هذا إن أتاحت لهم قدرتهم الشرائية على اقتناء تذكرة من تذاكر حفلاته الغالية - و يساهم في تبليعهم حربوشة نسيان الفقر بواسطة الفن. يغني للفقراء و يدعو لهم بالنصر صباحا مساء و يوم الأحد و في نفس الوقت تتهاطل الهزائم على رؤوسهم كالمطر الموسمي، و يقيم أو يساهم في مشاريع خيرية مثله مثل كل البرجوازيين بهدف تبييض أمواله أو تحليلها (من الحلال). يقولون: جمع ثروة من إبداعه و فنه و اجتهاده و عبقريته و لم يستغِل أحدا و لم يشغّل عاملا واحد. أقول: جمع ثروته و استغل الملايين استغلالا أفحش من استغلال الرأسماليين الصناعيين لأنه لم يخصم من ربحه ثمن شراء و تركيب وسائل الإنتاج (ماكينات و حواسيب و روبووات و مصانع و وسائل نقل السلعة و غيره) و لم يخصص حصة من ربحه للبحث العلمي الموسيقي. استغل وعي الفلاحين و العمال بالفكر و الساعد دون أجر و لم يؤسس لهم موطن شغل واحد، جمع الملايين و هو يغني دون عناء مادي أو معنوي، و أوهم الملايين و هم سكارى يضحكون و يرقصون ثم يرجعون آخر السهرة إلى بيوتهم راضين عن أنفسهم و عن النضال الوهمي الذي قدموه في السهرة، حالمين مستعدين للنعاس و السبات إلى أبد الآبدين و يعود هو إلى بيروت بمليون دولار من دم الفقراء و المساكين. هو وفيٌّ لفنه و حريص على تنمية ثروته لكنه ليس وفيا ليساريته و لا حريصا على قضية الفقراء. الشيخ إمام فنان محترم لكنه ليس ملتزما بقضية معينة و الدليل أنه وُظف من قبل اليسار و اليمين التونسي في آن.
إمضاء م. ع. د. م. ك.
قال الفيلسوف اليساري المغربي العظيم عبد الله العروي: "لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه". و مجتمعنا التونسي عربي مسلم أو لا يكون مع احترام حقوق الأقليات العرقية و العقائدية.
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد الهدام المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
قال الشاعر العراقي سعدي يوسف: "أسير مع الجميع وخطوتي وحدي". هذه وضعيتي أنا و قلة من اليساريين التونسيين داخل العائلة اليسارية الموسّعة التي تجمع أربع عائلات ضيقة وهي العائلة الفوضوية و العائلة الماركسية و العائلة القومية الاشتراكية و عائلتي أنا، أعني العائلة الاشتراكية الديمقراطية على النمط الأسكندنافي و ليس على شكل حزب الديمقراطيين الاشتراكيين التونسي (M. D. S).