حزن المسيح وفرح قيامه من الموت.. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حزن المسيح وفرح قيامه من الموت..

فرح قيام المسيح من الموت..

  نشر في 01 يناير 2018  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

حزن المسيح وفرح قيامه من الموت..

هيام فؤاد ضمرة..

كيف ألبس أهل الملة المسيحية يوم حزن المسيح وتعرضه للآلام والصلب لبوس الفرح والألوان البهيجة؟

عيد الفصح هو بالأصل عيد لأهل الديانة اليهودية توافقوا على تاريخ موعده في 14 نيسان، وتم اعتماده في نفس تاريخ خروج اليهود من مصر، حين ولوا هاربين من بطش فرعون، وقادهم في ذلك موسى النبي، كما جاء في سفر التثنية على أن الله أنقذهم بهروبهم من عبودية فرعون، وكان اليهود انتقلوا إلى مصر في زمن سابق حين أصبح سبط يعقوب يوسف النبي عليه السلام عزيز مصر، فأحسوا باقترابهم من السلطة مما يمهد لهم عيشاً آمناً ورزقاُ وفيراً، ولكن حين عادوا للتآمر كعادتهم للحصول على السلطة، بطش بهم فرعون مصر، فاتخذوا قرار الهروب سراً تحت جنح الليل.. على هذا اعتمد يوم الهروب عيداً للفصح وهو يوم نشوء الشعب اليهودي فصار هذا العيد يجمع بين الناحيتين الوطنية والدينية

استقوا مراسم عيد الفصح اليهودي وطقوسه من متن التوراة التي جاءت مفصلة بكل دقة، يشارك فيه الكبار والأبكار والأطفال، يسبقه صيام وينتهي بالاحتفال بمأدبة عيد الفصح حيث يعد لذلك الخبز الخالي من الخميرة (ماتسا) ويحرقون فيه الخبز المختمر (الحميتس) وتعود قصة العجين لاستعجالهم الرحيل عن مصر سراً قبل اختمار عجينهم فخبزوه على عجل، وعيدهم يستمر سبع أيام حيث يشكل الرقم سبعة رقما مقدسا في الديانة اليهودية، فصلاتهم التي يصلونها مرتين في اليوم هي بسبع ركعات، يقرأوون فيها أيضاً الفاتحة الخاصة بهم، ويتوقفون عن العمل والحديث إلى الأغراب خلال اليوم الأول والأخير، ويقدمون في عيد الفصح وليمة العشاء (السيدر) بمعنى المنهاج ويتلى فيها سفر الخروج (هاغادا) ويتخذون البيض المسلوق رمزاً إلى ضحايا الهيكل، ويقدمون العشب المُر رمز المعاناة في العبودية في مصر، والماء المالح رمز الدموع التي ذرفوها، والخمر المخلوط بقطع التفاح والجوز والقرفة (حاروسيت) رمز الخلاص

فيما أصحاب الملة المسيحية يحتفلون بعيد الفصح تزامنا مع الجماعة اليهودية كون قيام المسيح من الموت جرى بعد عيد الفصح اليهودي، لكنهم تفردوا بطقوسهم التي تصور العيد كيوم لقيام المسيح من الموت بعد الصلب، وفيه ينتهي الصوم الكبير لمدة أربعين يوماً، يوم 21 مارس لمتبعي التقويم الغربي أما متبعي التقويم اليوناني فيكون يوم 4مارس، ويتم الصوم بالامتناع عن أكل كل ما هو مرتبط بحيوان أو طير أو سمك، وتقدم خلاله طقوساً للاحتفال تختلف تماماً عن طقوس اليهود، ويمنحون العيد أسماء متعددة منها يوم البصخة وأحد القيامة وعيد القيامة وعيد البيض، يتم به عرض رحلة الآلام إلى الصلب التي رضخ لها المسيح عليه السلام، والقيام بزيارة موقع المغطس على نهر الأردن وتقديم صلاة الغطاس وتغطيس الصليب، ويكون مؤدي هذه الطقوس قد قام بالحج وسميَّ حاجاً، وقداس العيد يكون جماعياً داخل الكنيسة وهو الاحتفال الليتورجي، لاحقاً ليوم سبت النور، ويتم حول النار الفصحية أو أنوار الشموع فيما الشمعة الكبرى رمز المسيح نفسه وقيامه من الموت، وتنشد ترانيم العيد، وقراءة أجزاء من العهد القديم، وعرض تضحية النبي اسحاق وعبور موسى البحر الأحمر، والتنبؤ بقدوم المسيح ونشد ترانيم الهيلوليا تليها الموعظة، ويتخير الناس وقت العيد للقيام بالمعمودية تباركاً.

وقد اتخذ القرار في مجمع نيقيا المنعقد عام 325م في الاسكندرية على أن يعتمد تاريخ عيد الفصح في الأحد الأول بعد اكتمال القمر من شهر ابريل، لعدم اتباع الحسبة اليهودية الذين عميت قلوبهم وعقولهم وغمسوا أيديهم بأعظم الجرائم فظاعة على وجه الأرض.. هذا حسب قول الاميراطور قسطنطين.

وكان الامبراطور قسطنطين اعتنق الديانة المسيحية متأثراُ بوالدته المسيحية وبعد مشاهدته الواقعة الطبيعية التي تحصل في ظل ظروف ما بعد افتراش الأرض بالثلج، ثم بروز الشمس، فيحدث تصالب ضوئين على قرص الشمس، معتقداً أنها إشارة لرسالة من السماء، واهتم الامبراطور في توحيد المحتوى للانجيل، فأصدر فرماناً لجمع الأناجيل المختلفة بين عامة الناس التي نافت عن المائة انجيل غير متشابهة، وردها إلى لجنة العلماء والفلاسفة والأساقفة لتوحيدها فكانت النتيجة الأربع أناجيل المعتمدة حالياً، وبناء على توجيه منه على أنه من غير اللائق أن يجتمع عيد فصح المسيحيين مع عيد فصح اليهود، تم تحديد توقيت عيد الفصح المسيحي خارج موعد عيد الفصح اليهودي

رغم اختلافات طقوس الاحتفال بين كثير من الكنائس إلا أن هناك أساسيات لا بد منها يجتمع عليها الجميع، واتخذ الأرنب رمز الخصوبة والتكاثر من أصل الأساطير الشعبية الألمانية، ورمز البيض على أنه مبتدأ الحياة على وجه الخليقة، وقد تم ربط العيد بالألوان الزاهية للخروج من أجواء الحزن المرتبط بعذاب المسيح وآلامه للتعبير عن فرح قيامه من الموت، وهنا تجلى الفرح الأكبر الذي استحق له الاحتفال وبسط الفرح، ومع تقدم الصناعات والفنون واختلاف الحضارات دخلت في أدوات زينة عيد الفصح عند المسيحيين الكثير من التجديدات، فصار للعيد أدوات ومفارش وفوط سفرة وألعاب وتماثيل وزينة شجرة وزينة بيت، وزينة مداخل المنازل، وتفننوا بالجديد والمستحدث من تلك الرموز، أما الشجرة وبابا نويل فهي استحداثات لاحقة مصدرها القارة الأمريكية، حيث كان لابتداعات أدوات العيد وحتى مناسبات الأعياد الجديدة متطلب نفسي هام للتغلب على صعوبات العيش مع الأحوال الجوية وأحداث الطبيعة القاسية التي كثيراً ما كانت تهاجم الأمريكتين وتقضي على المحاصيل الزراعية وعلى حضارة الإنسان.

للبيت الأبيض الأمريكي طقوسه الخاصة بالاحتفال في عيد الفصح، فيفتح حديقته لتجمع المحتفلين من العائلات وأطفالهم، ويأتون بالبيض الملون ويمارسون الألعاب والمسابقات للأبناء بإخفاء البيض وجعلهم يبحثون عنه ويدحرجوه بالمعالق، ويقدم البيت الأبيض الهدايا والشوكلاتة للأطفال، وبدأت هذه العادة عندما دعا الرئيس لوثر كنغ الأطفال للعب في حديقة البيت الأبيض ردا على إدارة الكونغرس التي منعتهم من اللعب بحديقتها يوم عيد الفصح، ومنذ ذلك الوقت صار تقليداً اجتماعياً تعد له العدد.

في أمريكا الجنوبية اتخذوا الكثير من مظاهر العيد المختلفة عن باقي الشعوب، كمثل صناعة دمى ورقية محشوة بالحلويات وضربها بالعصي حتى تتمزق وتسقط الحلويات، وأيضاً صناعة دمية تمثل (بوداس) الذي خان المسيح وأرشد أعداءه على مكانه فتسبب بصلب المسيح فيستخدم للشتيمه والبصق عليه وقذفه بكل ما يشفي الغليل.

وفي عيد الفصح عند الهنكاريين يتراشقون بالعطر من باب التعبير عن مشاعر الحب والفرح والسلام، فيما عند البولنديين يحتفلون بالطرق ويتراشقون بالمياة لاعتقادهم بأنها رمز الطهارة، وتعود هذه العادة إلى عام 966م منذ معمودية أمير بولندا آنذاك ميزكو

وهكذا فعيد الفصح عند المسيحيين هو غيره عيد الفصح عند اليهود لا تلتقي أهدافه ولا معانيه ورموزه، إنما تقارب موعدهما هو بسبب موعد صلب المسيح الذي جاء متزامنا مع عيد الفصح عند اليهود، ومعنى عيد الفصح عند المسيحيين هو قيام المسيح من الموت بعد أيام ثلاثة.. ومعنى عيد الفصح عند اليهود هو هروبهم من مصر تخلصاً من العبودية التي يدعونها، والتي أعادتهم إلى شرق نهر الأردن من جبال مادبا حين تجارؤا على نبيهم موسى وقالوا له " إذهب أنت وربك فقاتلا" حين دعاهم لاحتلال مدينة أريحا غرب نهر الأردن، ثم انتقالهم بعد عهد موسى النبي إلى غربه كمحتلين ليس إلا، فاحتلوا مدينة أريحا ثم مدينة الخليل وبعدها بثماني سنوات احتلوا مدينة القدس عن طريق أقبية مجرى ماء النبع التي تدخل من تحت سور القدس قادمة من قرية سلواد جنوبها، وكرت مسبحة الاحتلال والبطش بالفلسطينيين العرب، ووصف النبي داوود الفاتح كتب تاريخ اليهود أنه كان موغلاً بحبه لقتل العرب وكان لا يهنأ له بال إلا بارتكاب المجازر فيهم.


  • 1

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 01 يناير 2018  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا