من اول وهلة نسمع كلمة اللذة، فإن اول مايجول بخاطرنا من معنى يكون هو الاستمتاع.

إذا اتينا إلى تعريف اللذة باللغة العربية : فتعني التلذذ، والوصول إلى السعادة.

إن معنى اللذة باللغة الإنجليزية هو ( Pleasure ) والتي تعني السرور والفرح ولذة.

إن اللذة فيها تحقيق للسعادة، وكل شخص في الحياة يسعى للذة.

تنقسم اللذة إلى قسمين :

1- لذة مادية

2- لذة معنوية

اولاً : اللذة المادية :

تختلف اللذة المادية من شخص إلى اخر، ولكن هناك ثلاث انواع من اللذة المادية لا تختلف بين كائنين بشرين، وهم : أ- الاكل ، ب- الشرب ، جــ - الجنس

إن الاكل والشرب والجنس لا يختلف عليهما كائنين بشريين إنهما لذة مادية، وغيرهما تختلف باختلاف الشخص؛ فبعض الاشخاص لذته في امتلاك احدث السيارات، وبعضهم في امتلاك احدث الموبايلات.

ثانياً : اللذة المعنوية : اللذة المعنوية، او ما تسمى باللذة النفسية، والتي يحصل عليها نتيجة السمو الروحي، وعادةً ما تكون في الاديان، وممارسة الشعائر الدينية.

لا يمكن تحقيق السعادة الكاملة إلا عبر التوازن بين اللذة المادية، واللذة المعنوية.

ينكر انصار المادية ان هناك لذة معنوية، فهم يؤمنون باللذة المادية، كما إن المتصوفون يؤمنون اكثر باللذة المعنوية، وهم يحاولون الابتعاد عن اللذة المادية لانهم وكما يقولون تمنعنا من السمو بارواحنا نحو الكيان الاعلى وهو الإله.

إذا اتينا إلى الماديين فإنه وبكل صراحةً استحالة نفي، وإنكار اللذة الروحانية، والاعتماد على اللذة المادية فقط؛ فكم هناك من المشاهير، والاغنياء من انتهت حياتهم بالانتحار، مثل الكاتب المشهور في التنمية البشرية : دايل كارنيجي.

وإذا اتينا إلى فكر المتصوفين فإنه وبكل تأكيد لا يكون الحرمان لذة، فبالنظر إلى فلسفة الكلبيين مثلاً نجد ان حرمان نفسهم المتطرف من اللذات المادية لن يحقق لهم بكل تأكيد السعادة الكاملة؛ لانه يجب إشباع رغباتنا، ولكن في إطار الحصرالاجتماعي والذي يصنع المادة الاخلاقية.

ومن خلال هذا المنظور فإن التوازن بين اللذة المادية، واللذة الروحانية يحقق توازن، وسعادة.

.

من خلال ما اوردته سابقاً اردت ان اتكلم على موضوع لطالما سمعته من بعض الملحدين، او المسيحيين عن شهوانية المسلمين، او حصر رغبة المسلمين في الجنة لانهم يريدون ممارسة الجنس فقط.

لنفترض ان طفل اعطاه والده عدة اوامر يفعلها، فإذا لم يفعلها، عُوقب، وإن فعلها يتم مكأفاته؛ فبالتالي الله عزوجل اعطى اوامر، واعطى نواهي، فمن عمل بما اراد الله، وابتعد عما نهى الله يكافأ ( ولله المثل الاعلى في السماوات والارض ).

قال تعالى (( إن للمتقين مفازا(31) حدائق و أعنابا(32) و كواعب أترابا(33) و كأسا دِهاقا(34) لا يسمعون فيها لغوا و لا كِذَّابا(35) جزاءً من ربك عطاءً حسابا(36)}. الآيات من سورة "النبأ".

قال تعالى (( إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون(55) هم و أزواجهم في ظِلال على الأرائك متكئون(56) لهم فيها فاكهة و لهم ما يَدَّعون(57) سلام قولا من رب رحيم(58) )) . الآيات من سورة "يس".

قال تعالى (( إن المتقين في مُقام أمين(51) في جنات و عيون(52) يَلبَسون من سُندُسٍ و إِسْتَبْرَقٍ متقابلين(53) كذلك و زوجناهم بحور عين(54) يَدْعون فيها بكل فاكهة آمنين(55) لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى و وقاهم عذاب الجحيم(56) فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم(57) )) . الآيات من سورة "الدخان".

من الملاحظ في الآيات السابقة ان اللذات هي ( اكل وشرب وجنس )، وهي افضل، وارقى اللذات المادية.

قال تعالى (( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ {} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ )) { صدق الله العظيم }

عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ وهي الزيادة ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )

فبنظر اهل الجنة إلى وجه الله يزدادون نوراً، ويزدادون رضى، وشعور باللذة الروحانية، وبالتالي يحققون اللذة المادية واللذة الروحانية في الجنة، ويصلون إلى السعادة.