اللاشيء واللاوجود... - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

اللاشيء واللاوجود...

مشكلتين عويصتين " اللاشيء واللاوجود"

  نشر في 31 يناير 2016 .

أستهل كلامي بتوضيح المعنى كما يمكن تصوره بشكل عام ، اللاشيء كان عادة يطلق على عدم وجود الشيء ، فبالمعنى الفلسفي القديم الأدق كان يطلق "اللاوجود" ، واللاوجود أو اللاشيء القديم لا وصف له ولا معنى له ، حتى أن فلاسفة الوجود القدامى رفضوا معنى اللاوجود فاعتبروا الوجود متتابعاً وأن الوجود قديم لهذا السبب ، يتابع بعضه بعضا في دورة قائمة أزلية ، فلا معنى للماضي ، بل هو حاضر أزلي ، بالفعل هي معضلة عندما نعطي الوجود نقطة بداية تسمى "اللاوجود" ، إنها أكبر معضلات العقل البشري على الإطلاق ، لذلك حارب معناها الكثير ، ذلك لأن مبدأ عدم التناقض المنطقي كان يحكم القضية ، خلافاً لبعض الفلاسفة الطبيعيين ، إذ يرون اجتماع الضدين ، فيمكنك أن تطلق عن الشيء موجود ولا موجود من وجهة أخرى ، وتلك لفتة جيدة ، لكن هذا لم يكن علما بقدر ما كان اعتقاداً ، فلا يظن أحدكم أنها كانت عبقرية وبداية لظهور ميكانيكا الكم مثلا ، تظل مشكلة المعنى قائما ما دام نقص العلم بمعنى الوجود قائماً ، إن ما ندرسه هو الوجود فما هو اللاوجود ، دعنا الآن نهجر كلمة " اللاوجود لنذهب إلى معنى آخر في العصر الحديث" هو "اللاشيء" ، عندما وُلدت ميكانيكا الكم ، ثم ترعرعت على أيدي جهابذة من العلماء حتى مضت قدماً ،ولا سبيل إلا الإيمان بوجودها ،إنها تمضي كالسهم ، فبات الآن الإيمان بوجودها ، نأتي لما ألقته علينا تلك الفيزياء الكمومية من معنى : إن "اللاشي في تلك العقيدة الكمومية لا يعني العدم ، ولكنه صورة من صور الوجود ، إنها مسألة صعبة الإدراك بالفعل ، كأنها تخبرنا بأن كل شيء كائن وكل لا شيء شيء ، ولكن هذا الأمر نسبي ، اللاشيء قد يكون أمراً لا تستطيع رصده لعدم توفر إمكانيات الرصد لهذا اللاشيء ، إذا اللاشيء هنا لا يعني اللاوجود ، ولكن ما معنى العدم؟؟ ، قد نخفق كثيراً في الجواب على تلك المسائل ، ولذلك فإن ميكانيكا الكموم تتجه دائما نحو الفلسفة الطبيعية إنه ترجع عقيدة الطبيعة القديمة ، بصورة حديثة منمقة ، كل شيء موجود ، اللاشيء هو شيء ، لا معنى للاوجود ، حتى في تفسيرهم لوجود الكون ، فإنه توجد أكوان متناهية وكوننا واحد منها ، حسنا تلك مسائل يمكن مناقشتها فلسفيا بصورة حادة ، لكني على يقين تام بأن ما يميز ميكانيكا الكموم ، هو تخلصها من الحتمية واتجاهها للشك والإحتمالية ، "هذا هو جوهر العلم البشري" ، لا ينبغي أن نصنع له القداسة بنسبة 100% ، إن ميكانيكا الكموم تعلمنا مبدأ الشك ، لكننا سنظل دائما نسأل السؤال اللاهوتي بطبعه ، إنه يمس العقيدة بالفعل كما ندعي ، كيف أوجدنا الله من العدم؟؟ ،إن كان للعدم معنى فهو ملازم لوجود الله ، فإنه لا يمكن أن يصبح قديماً ،ربما لن نعرف إجابة هذا السؤال أبداً لأنه لا معنى له أبداً عندنا ، ستظل تلك المسألة دينية ، فمسألة الخالق الأزلي الموجود الأول الذي كان موجود وهو موجود دائما ، وهو العلة الاولى لكل شيء ربما لن نفهمها أبداً ، لكن الطبيعة أمامنا بما تحمله من عمق ، يمكننا تفسير الأمور بشكل بسيط ، النتيجة ، لن نتحصل إلا على علم بسيط في النهاية بمعنى وجودنا ، إذا لماذا تفكر في اللاوجود فكر فقط فيما تستطيع استنباطه. أعلم أن هذا الأمر مسألة عقيدة ، لكنه لا يهمني أن تخبرني أنني خٌلقت من العدم ، فقد لا أفهم هذا الأمر أبداً ، دعني فقط أنظر إلى معنى الوجود ، ما أستطيع فقط أن أؤمن به شخصياً ، أن الطبيعة لم تكن علة أولى ، إنها علة جزئية جاءت من علة أعلى ، ولذلك فإنك إن فسرت الكون بأنه كون لا متناهي ، عظيم هذا شأن علمك يشكل ما ، تلك نسبة يقينك البشرية ، والعلم علمنا مبدأ "اللاتحديد" ، أو "اللادقة" ، إن أردت أن تؤمن بالعلة الأولى أنها الطبيعة ، فلتعلم إذا أنك علة أولى ، وإن أردت أن تؤمن بأن الطبيعة علة ثانيا ، فلتعلم أنك علة ثانية.



  • Mahmoud Mohamed Mahmoud Helmy
    محمود محمد محمود حلمي طالب بكلية العلوم قسم الفيزياء والرياضيات بجامعة الأزهر ، لدي ميول عديدة في الحياة ، فالتطلع للكون كان ولا يزال غايتي الأولى ، ومن ثم كان التعبير عما أشعر به تجاه الكون واجباً ، فهويت الكتابة والقرا ...
   نشر في 31 يناير 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا