إﻥ كنت مؤﺭخا فأنصف
مﻬما كانت اﺍلقضية فلا تمتنع عن سماع ﺍلرﺃﻱ ﺍلآخر ...
نشر في 28 أكتوبر 2015 .
الكل يبرهن على حسب قناعاته وخلفيته الثقافية، فصاحبي على الرغم من عقله المتفتح وفكره الوقاد لا تكاد تعرض عليه نصا إلا وينخله نخلا سواء كانت قضيتنا تاريخية أو سياسية أو حتى في تخصصك !! فتخرج منه إما مقتنعا برأيه أو مُتَنَصِّرا لقولك.
من الظلم أن نقرأ التاريخ كمصدر وحيد لا يُشَقُّ له غبار مكتفين بتفردنا بالمعلومة أو الحادثة على أنها حقيقة مطلقة في حين نمتنع عن سماع الآراء الناقدة والكتب المعارضة.
التاريخ لسان ناطق بإسم صاحبه، فالمؤرخ قد يتجنب توثيق أحداث معينة أو ينأى عن مثالب ومآخذ على شخصيات معروفة، وأيضا قد يغض الطرف عن ظلم الظالم ويذكر الجانب المشرق له والعكس صحيح، وهناك أسباب أخرى متعددة حتى لو كان المؤرخ أمين ومنصف، فقد تجده يميل إلى الإنتقائية في عرض الأحداث، وأحيانا يؤرخها بما يتوافق مع ثقافته ومجتمعه، ليس هذا فحسب بل أصبح هاجس الخوف من السلطة عامل مؤثر في تدوين التاريخ، وكذلك الضغط الحكومي لتنقيح وحذف بعض ما ورد في الطبعات الأولى تماشيا مع سياسة: اكتب التاريخ بما نراه مناسب، ولكن الأدهى من ذلك وأَمَرْ إذا لحق بتاريخنا التزوير.
أضف إلى هذا أن الوقائع التاريخية المثيرة للجدل يصوغها المؤرخ بالطريقة التي يرغب في توجيهها وعرضها على القارئ فضلا عن ابداء رأيه فيها، ولسنا بعيدين عن قول الشافعي :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
ولكن عين السخط تبدي المساويا
وبالمناسبة تستطيع تَبَنّي فِكْر أو تقتنع بقَوْل معين عند قراءة التاريخ وغيره من الكتب، وقد تملك حقائق مغايرة ومضادة لغيرك، ولكن لا تملك حق السيطرة على عقول الآخرين في ترسية رأي أو صفقة تاريخية على أنها هي الحقيقة التي تود من العالم سماعها !!
فما أتمناه هو حيادية صاحبي الذي دعاني لكتابة هذا المقال، ومصداقية المؤرخ في كتاباته المستقبلية وكتبه السابقة وفق قاعدة "إن كنت مدعيا فالدليل، وإن كنت ناقلا فالصحة"، وزد عليها - إن كنت مؤرخا فأنصف.
-
FAISAL ALMULLAمهتم في الاقتصاد ومحب للتفكير الناقد والإدارة