في وداع الزنجي الناجح !
في وداع الزنجي الناجح !
نشر في 21 يناير 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
خرج أوباما من البيت الابيض والأمة الوحيدة التي تتهمه بالتردد والفشل هي أمة العرب لأن أمة العرب أمةٌ معتادة على الحاكم الشمولي الذي" يقدح من رأسه" والحاكم المتفرد الذي "يقدح من جيبه" ، تلك القدحات التي لاتستند على أي غطاء شعبي أو دستوري تذهب في طريق المغامرة الخاسرة إو المقامرة الفاشلة أو التنازل عن الكرامة مقابل الدولار أو دفع الدولار مقابل الحصول على الحد الأدنى من الكرامة !
في البيت الأبيض ليس هناك حكاماً من هذا النوع بل هناك ساسة يتبادلون الأدوار التي تخدم الأمة الأمريكية حيث يندفع هذا في حرب أستراتيجية ويأتي الذي بعده ليجمع مكاسب الحرب حتى يستقيم الأقتصاد وترتب الملفات ثم يتم تهيئة الوضع القادم للإدارة القادمة التي تحُاط كسابقاتها برجالات السياسة والإقتصاد وعلماء النفس والإجتماع وغيرهم من فرق التكنوقراط التي لايخرج الرئيس عن رأيها إلا في عملية ترتيب الأولويات !
في حرب سوريا وصراعات الشرق الأوسط خرجت أمريكا أوباما الدولة الرابحة وليس روسيا بوتن!
لقد أُستنزفت روسيا بالسلاح الأمريكي الذي يشُترى بإضعاف سعره ويبُاع لجميع الفصائل المقاتلة ، أما الأموال الإيرانية التي أفرج عنها أوبامافقد ذهبت لتغذية الصراع السوري عبر الكيان الصهيوني الذي أصبح الوسيط الآمن للصفقات بين نظام الأسد والولايات المتحدة خوفاً أن يغضب حلفاء أمريكا التقليديين !
أستخدمت إدارة أوباما دهاءها السياسي في ترويع حلفاءها التقليدين حين دفعت بإيران إلى ساحة الشرق الأوسط وأطلقت لها العنان لتفعل ماتشاء - لفرض الخارطة الديموغرافية الجديدة التي تسعى لأحاطة الكيان الصهيوني بمكوّن ديموغرافي غير سني وزرع كانتونات متنازعة كتلك التي صنعها قادة الحروب الصليبية في العصور الوسطى والتي كنسها صلاح الدين قبل بدء معركته الكبرى . كل ذلك جعل ميزانية التسليح ولوازم الحرب الرافد الأعظم لخزانة إدارة أوباما، وكذلك أصبحت ميزانية العراق تحت رهن جنرالات الحرب الأمريكان لأنه لولا حصول السيستاني على التصريح الأمريكي بحشد الميليشيات لحرب داعش لما تقدم جنديٌ واحد نحو الأنبار والفلوجة لأن قرار مدرسة باراك حسين يسبق فتوى مدرسة " ياهسين "! ، كل هذا تحقق بالوكالة وفي غياب تام للتوابيت القادمة من الفلوجة وقندهار إلى مطارات الولايات المتحدة !
يبقى الصمت الأمريكي عن روسيا - التي تسعى لتسوية سياسية سورية تحفظ لها ماء الوجه لعلمها التام بعجز الأسد وحلفاءه- فق كان يقابله صمتاً روسياً تاماً عن التمدد الأستراتيجي الأمريكي جنوبي بحر الصين وصولاً إلى الباسفيك حيث مواجهة التنين الصيني هناك !
أما مشروع أمريكا الكبير في الشرق الأوسط فقد نجحت إدارة أوباما في تشجيع الربيع العربي ظاهراً وذهبت لتفسده - باطناً - بأموال المتوجسين من الحرية وجنرالات الهوس السلطوي بدون أن تجرح مبادئها المعلنة بشطر كلمة !
ولكي تعدد مصادرالتعاون في مشروع الشرق الأوسط فقد أحتاجت إدارة أوباما إلى حلفاء غير الكيان الصهيوني فوجدت إيران لأستخدامها - طائفياً - في مشروع فرض الأقليات وتغيير الديموغرافيا، وأستخدمت تنظيم داعش - لشيطنة الإسلام السني - كجسر لهذا المشروع ثم أستدعت روسيا كقاتل غير أخلاقي في سوريا ،وأستطاع هذا الزنجي أن يقنع الخليجيين بأنهم حلفاء ولكن بدفع تكاليف قتال داعش تحت أشراف قاسم سليماني الأمر الذي أصبح فيه خصوم إيران في مكان ما، مجرد غطاء جوي لميليشياتها في مكانٍ آخر ، وإذا كانت السياسة فن الممكن فهل هناك فناً ممكناً يلعبه فنان متمكن كهذا ؟!
ذهب الزنجي الأكاديمي وجاء الأشقر "البزنس مان" الذي سيكون من أولوياته محاربة الأرهاب - العنوان الفضفاض لفصول الهيمنة المتجددة - كما فعل بوش الأبن الجمهوري بعد أن هيأ كلينتون الديموقراطي له الوضعَ لينطلق في مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي قطع أوباما الديموقراطي أهم فصوله وسيكمل ترامب الجمهوري مرحلته ماقبل الأخيرة قبل أن يأتي الرئيس المتردد القادم الذي ربما يكون من أصولٍ عربية لكي تُعلّم الولاياتُ المتحدة بقية الأمم بأنها الأمة القادرة على زرع الولاء الأمريكي في جميع الجينات مهما أختلفت الطوائف والأعراق !!
نواف بن جارالله.