المصفق
ستندسّ يوما في جيبٍ من جيوب النسيان الكثيرة يا صديقي ، وحينها فقط تدرك معنى أن تكون بلا فكرة تملأ بها رأسك الخاوي ، لم تكن يوما سوى مصفقٍ كبير ، وها هي أصابعك المتورمة تشكو ، وحنجرتك المريضة لا تقوى على الصراخ ، وجهك المطبوع في صحف اليوم ليس وجهك ، امرأتك النائحة على جنازتك الأخيرة ليست سوى امرأةٍ عابرة ، وطأت جسدك يوما وستمرّ خلفها خيباتك الكثيرة كقطار بطيء يزحف على أرض رخوة ، أما قبضتك التي كنت تلوح بها أمام الضعفاء فها هي تنحني كقطعة ورق مبتلة بمطر دموعهم الساخنة ، وأنا من ثمّ أتسلق عتبات السلم بأناقة شاعر تمخض عن مئات القصائد ، لأصعد على سطح الحقيقة هاتفا وجدتها ، وأما التاريخ يا صديقي فسأعيد بناء حجارته من جديد ، وأختصر ما أمكن من الهزائم ، وفي سلة كبيرة أضع كل هرطقات المتفوهين أمثالك وعند أقرب مكبّ للنسيان سأدحرجها ، سأدحرجها ولا ألتفت أبدا ، لأني سأصعد حيث أريد ، حيث تحملني قدماي ، حتى آخر العتبات ، ألمس أحلام الشعراء المحلقة في اللانهائي ، وأغني .
-
نعمة حسن علوانكتابة الشعر الموزون والمنثور والميل إلى الإختصار والتكثيف في الفكرة وكتابة القصة القصيرة جدا بإسلوب السرد الشعري