ليست مراهقة متأخرة و لا طفولة مسلوبة..و لا مسالة اختلاف في الاجيال و المفاهيم..إنها أحزان جيل الحرب..
بمعاركها التي تدور فوق راسه..وتحت وسادته .. و أمام عينيه..
احزان تراكمت شيئا فشيئا في قلبه الصغير ..
و كانت دائما حاضرا يعيشه في عالمه ولم تتحول ابدا لمجرد ماض في احلامه فيفلح معها النسيان ..
تلك الاحزان التي صنعت هويته الضائعة..
عمر مثقوب..هربت منه كل الثوابت الطبيعية و عوامل الاستقرار..
زمن عجيب..كبر أطفاله بسرعة و عاشوا الحياة بالمقلوب..
وطن غريب..لا يأبه بك و لا يكترث لأمرك.. تعيش فيه كالغريب..و تغادره لتعيش كالغريب أيضا.. فجواز مرورك للحياة ليس تذكرة سفر..و إنما ثروة لم تكن يوما لك و لن تؤول ابدا اليك..
شطار ,شياطين.. كانوا و سيبقون أسرع منك دائما ..
باعة متجولون في كل العصور..يبيعون ما يشتهيه سكان المدينة ..و يعرضون قلوبهم و أرواحهم و ألسنتهم الرخيصة على عرباتهم القذرة و يتذللون للسلطان..
و انت تتشبث بجذورك..بكبريائك..و تقف شامخا بعنفوانك كشجرة قديمة ترفض مغادرة أرضها.. و أرضها رمال متحركة لن تتشبث بك ..
لا تحاول أن تفهم نفسك.. أو تثور على الظلم الواقع على جيلك..و على من يشبهونك من أجيال اخرى..انت تعرف ما الذي يجب أن تفعله !!!
ابدأ كل يوم و كأنك تبدأ من جديد..من قبل البداية..من قبل الصفر..
تخلص من ذكرياتك الاستثنائية يوميا و اتركها على قارعة أي رصيف ..
انت صنف آخر من البشر يا صديقي..
إذا لم تستطع أن تكون بائعا متجولا..فلا تكن شجرة عنيدة..تغرس نفسها عنوة في الرمال المتحركة.. وسط الاعاصير..
في وسعك أن تختار مصيرا اخر ..وتكون ورقة حرة بلا تاريخ ..تاخذها الرياح اينما تشاء ..و رغم انها لا تعرف وجهتها لكنها تستمتع بالحياة ، بالرحلة و المجهول.