ان الاحتلال المحمود للجزائر سيشكل في نظر بيجو خطرا على فرنسا لذلك السبب لم يكن يرغب الا في احتلال شامل ومطلق، ورضوخ تام للبلد، يجب أن يرفرف العلم الفرنسي فوق تلك الأرض.

يصرح الصحفي والرجل السياسي بريفوست بارادول( Paradol Paradol)، 1870-1829 في وقت لاحق ما يلي:

ستصبح الجزائر منبعا أساسيا لفرنسا وقاعدة لعظمتها في المستقبل ،ستمكننا من دخول القارة السمراء ،حيث لن تفكر أي قوة من اليوم فصاعدا في الاستقرار هنالك دون أن تضع حسابها تجاهنا، والمقصود بهذا التلميح هي بريطانيا العظمى التي كانت ترغب بصفة غير مباشرة في الاستيلاء على البحر المتوسط.

نالت الحرب الصليبية أهمية أوروبية واستدعى الأمر أن تعالج المسألة على مستوى القوى كلها دون اللجوء الى تقديم توضيحات منعزلة لكل دولة على انفراد : دعا شارل العاشر عشية انطلاق الأسطول في 12 ماي 1830 حلفاءه وهو متمسك بموقفه للاستعداد لندوة دولية ستبث في مصير الجزائر وذلك لمصلحة المسيحية العظمى.

لم تلقى الحملة التي شنت على الجزائر أي اقتراح من أوروبا المسيحية باستثناء المعارضة البريطانية ، فقد منح القيصر نيكولا (Nicolas) موافقته دون تحفظ، وصرحت روسيا أنها ستراقب فرنسا بارتياح ، وهي ترسي في الجزائر منشأة على جانب من الأهمية لضمان أمن الملاحة البحرية الى الأبد واخفاق ملاحة إنجلترا في البرح المتوسط " ان الخير الأعظم بي الثامن (Pie VII) الذي يملك حق الرجوع الى التدخل الفرنسي لم يستطع منع استعمال موانئه خدمة للمسيحية، ترك ملك نابولي ،فرانسوا الأول (Francois 1er) الحرية للتجار في تزويد الجيش الفرنسي بما يحتاجونه من قوارب.

قررت الدولة العثمانية بعد التحريضات الخانقة التي مارستها عليها إنجلترا اللجوء الى حقها في الولاية ،فقامت بإرسال باشا الى الجزائر لتنبيه الداي حسين ومنح فرنسا ما يرضيها من مبتغيات ، وهو ما يعني إزالة أي ذريعة مبررة للحملة الفرنسية ،و بالتالي جعل الغلبة في صالح غيرة إنجلترا الدفينة، وبما ان الحصار كان مضروبا على مدينة الجزائر ،فما كان من الوزير الفرنسي للبحرية ، بعد اطلاعه في الوقت المناسب على المبادرة التي أقدمت عليها إنجلترا الا منع دخول أي مركب كان الى الميناء.

لم تعر فرنسا ذلك المرسول أي اهتمام، حيث استمرت الى عبور البحر المتوسط باتجاه الجزائر، وفي الليلة الموافقة لـ 13 و 14 جوان 1830،على الساعة الرابعة صباحا، ألقى الأسطول الفرنسي مراسيه على شاطئ سيدي فرج (سيدي فرش بالنسبة للفرنسيين).

يروي حمدان خوجة أن "حسين داي" كان قد كتب أيضا الى باي وهران يوصيه بتحصين مكانه والبقاء على أهبة الاستعداد ،كما نبه باي قسنطينة بتحصين ميناء بونة(عنابة ) ، كما أصدر الباشا أمرا بإحصاء عمال مدينة الجزائر وتوجيه القادرين نحو الحصون من أجل تهيئتهم لعمل المدفعية ، وتعيين مسؤول على رأس كل فرقة .

يظهر لنا التاريخ أن الأغا إبراهيم كان على دراية واسعة جدا بالاستراتيجية التي سينتهجها جيش الاحتلال الفرنسي، تم ارسال الخطة التي رسمتها فرنسا الى إبراهيم ،ذلك مع افادته بموضوع نزولهم، الى جانب عدد المراكب والجنود التي يتألف منها الجيش ، على الرغم من ذلك الاشعار المنفذ الا أنه لم يحضر شيئا ، ولم يتخذ أي اجراء ولم يصدر أي امر، كان يريد محاربة فرنسا دون تنظيم الجيش ودون ذخيرة ودون مؤونة ودون شعير للخيول ودون امتلاك القدرة الضرورية للقيام بالحرب.

وقع الداي  لخيانة ناجمة عن عدم كفاءة صهره إبراهيم، الذي قام بتعيينه على رأس القوات ، و قد يكون مردها تواطؤ ذلك الصهر مع العدو ، وقد أدرك أتباع الداي أن الأغا إبراهيم لم يكن أبدا " جنرالا " ذا سمعة جيدة ، وأنه يجهل استراتيجيات القتال العسكري جهلا مطلقا ..

يتبع ........