لماذا خُلقتُ أنثى !!
لا يمكنني فهم السبب .. وأنا أدرك بأن الله الذي خلق كل شيء هو أعظم من أن يوصف بالظلم - حاشاه - .. ولأنني أؤمنُ بذلك .. فأنا أسأل : لماذا خلقني أنثى ولم يخلقني رجل ؟!
على مرّ التاريخ , ومنذ أقدم العصور , كان الرجلُ دائمًا هو الفاتحُ وهو المقاتل , هو العالم والمخترع والمكتشف , هو أساس كل شيء ..
فالطبيب الأول رجل , والرياضي الأول رجل , من حاول الطيران كان رجلًا , ومن وضع الفلسفة كان رجلًا .. الدورُ الوحيد الذي استطاعت المرأة التميز به هو الإنجاب لا غير .. وحتى وإن صارت عالمة أو طبيبة أو برزت في مجالٍ ما , فهي قد برزت فيه بعدما أسّس له رجل , وبالتالي هي تابعةٌ له مهما بلغت من مرتبة ومهما علت بعلمها وإنجازاتها.
ولنلتفت للحضارة الغربية , التي يعتقد البعضُ أن دحض كلامي يكون بالنظر إلى واقع الغرب , فلننظر مثلًا لعصر النهضة الأوروبية والثورة الصناعية التي غيرت مجرى تاريخهم , من قام بالثورة رجال , من اكتشفوا واخترعوا وصنعوا رجال , من ثاروا على الظلم وقادوا الانتفاضات رجال , من دافعوا عن حقوق السودِ وساووا بينهم وبين البيض وعلا صوتُهم في هذا المنحى هم رجال , أما النساء , فمكانهم الوحيد كان خلف آلات المصانع , سويةً مع الأطفال , ولا يخفى على أحد أنهم صاروا اليد العاملة في المصانع في تلك الفترة لأن الرجال منشغلون بتغيير مجرى التاريخ فضلًا عن أن أجور النساء زهيدة ولا تكلف أصحابَ المصانع شيئًا , كما أنها الأضعف جسديًا فيسهل استغلالُها.
أما عن رواياتهم وقصصهم وأشعارهم ومدينة الأفلام العالمية "هوليوود" التي صارت جزء لا يتجزّأ من الصورة العامة للقرن العشرين والواحد والعشرين , جعلوا من السوبر مخلوق رجلًا , وسمّوه سوبر مان , والوطواط الذي ضحّى بنفسه وبسمعته وقرر إنقاذ العالم من خلف الكواليس , أيضًا جعلوه رجل. هالك , كان رجل , سبايدرمان رجل , هاري بوتر رجل , أبطال سيد الخواتم رجال , والهوبيت والذي ساعد الهوبيت أيضًا كانوا رجالًا. كل من أنقذ العالم أو الوطن أو المدينة أو المنزل أو حتى أنقذ نفسه , كان رجلًا. حتى قصص الأطفال : الطفل الذي لا يكبر , والطفل الذي صعد عبر شجرة البازيلاء فوق الغيوم ليكتشف وجود العمالقة , الطفل الذي حلم بالصعود إلى الفضاء , الطفل الذي صنع أول صاروخ , الطفل الذي كبر حجمُه فجأة , الطفل الذي سُرق من العائلة الغنية .. جميعهم رجالًا وذكور.
أما المرأة , فقد كانت سندريلا التي تخلصت من الظلم الواقع عليها لحظة تعرفها على الأمير شارل "أيضا المنقذ كان رجل" وتحققت سعادتها بزواجها من الأمير , والأميرة فلة التي حماها الأقزام السبعة "رجال" وانتهت مأساتُها بقبلة من الأمير الذي ساعدها وتخلص من الملكة الشريرة "المنقذ رجل" وتحققت سعادتها بزواجها من الأمير. كانت الفقيرة التي تزوجت الوحش لإنقاذ والدها وتحققت سعادتها بتحول الوحش لأمير جميل وزواجها من هذا الأمير. لنتوقف هنا .. لن أستطيع ذكر المزيد من الأمثلة عن الإناث اللواتي تحققت سعادتهن بزواجهنّ .. أعتقد أن لدى كل منا رصيدٌ وافرٌ من الأمثلة والتي تمثل للبعض حقيقة مطلقة.
ماذا لو فكرت المرأة أن تصبح عالمة أو مخترعة أو مكتشفة , أو أن تبرز في مجال ما .. ما سيحدث ببساطة أنها لن تتمكن من تأسيس بيت وعائلة , أيضًا تاريخنا وحاضرنا وافرٌ بهذه الأمثلة .. لا يوجد امرأة استطاعت أن تبرز على مستوى العالم في مجالٍ ما بجانب مجال البيت والعائلة. أما بالنسبة للرجل , فنحن نرى العالم الذي تجاوز عمرُه السبعين , والذي لا يعيش خارج حدود مكتبته , أو المخترع الذي لا يخرج من مختبره , أو الطبيب الذي يقطن في مشفاه , أو رجل المخابرات الذي يقطن في مبنى العمل , يزاولُ كلٌّ منهم عمله بحرية وإتقان , ويمتلكون منزلًا وعائلة وأطفال , تشرفُ عليهم زوجاتهم اللواتي قرّرن بذل حياتهن وجهودهنّ لتربية أطفالهم الذكور كي يكبروا ويصبحوا رجالًا ينقذون العالم ويكتشفون الكواكب ويخترعون الأدوية مثل آبائهم , وتربية بناتهم لكي يتزوجن في المستقبل وينجبن أبناءً يكرّرن معهم العملية نفسها التي قامت بها الأمهات , على الرغم من أن العائلات لا تخبر جميعُها بناتهم أن مهمتهن الوحيدة في العالم هي الإنجاب والتربية , إلا أنه المستقبل الحتمي الذي ينتظرهم , ولو قررت إحداهن أن تنحرف عن هذا المسار فستُحرم من أن تكون أمًّا إلى الأبد.
منذ طفولتي عوّدتني عائلتي أن أذهب لمحاضراتٍ مختلفة دينية وثقافية وعلمية , كنت أتعلم فيهم دائمًا ان عليّ أن أكون عنصرًا فعالًا ومنتجًا .. علي أن أساعد في نشر الدين الصحيح لأن طريق الناس إلى الجنة , علي أن أتعلم وأنشر العلم وأعلّمه للآخرين , علي أن أساهم في تغيير نفسي والمجتمع والعالم إلى الأفضل. ليتني لم أستمع لتلك المحاضرات يومًا .. ليتني لم أقرأ في القرآن الآيات التي تحث الجميع على التعلم وبناء الأرض وعمارتها , فقد علمتُ حين كبرتُ , أن الواقع أمرٌ مختلف , وأن العمارة والبناء والعلم كلها أمورٌ يجيدها الرجل , أما أنا .. فمصيري واحدٌ معلومٌ , ومهما حاولت تغييره , لن أستطيع في يوم أن أتجاوز الرجل لو بخطوة واحدة.
للأسف , كان خيالي واسعًا جدًا جدًا .. كنتُ أقتنع بأن علي أن أضع بصمة قبل مغادرة هذا العالم , لقد قررتُ أن أصبح عالمة ! وأن أصنع شيئًا في هذا العالم أماثل فيه عظماء التاريخ , من قادة وفاتحي دول وصانعي تاريخ وحضارة .. ولكن هيهات هيهات .. هو طموحٌ يصلح للرجال فحسب .. أما أنا .. فأين أنا منه , وأين أنا من العظمة أصلًا !
كيف بإمكاني أن أغير دولًا وأنا امرأة ! كيف بإمكاني أن أنشر دينًا وعقيدةً وفكرًا وأنا امرأة ! كيف بإمكاني أن أسطّر تاريخًا وأنا امرأة !
كيف بإمكاني أن أصبح عالمة وأنا امرأة ! أين سأجد رجلًا يقبل بما أريد ويؤيدني فيه ويحثني عليه .. ويسعد لكوني أتعلم لكي أصبح عالمة .. ومن ثم أبني بيتًا وأنجب أطفالًا معه ! لا يوجد شيء كهذا .. فأنا إما أن أقرر أن أكون عالمة , أو أن أكون زوجةً وأمًّا ..
يقول البعض, على المرأة أن لا تفكر بالرجل وأن ترفض وجوده في حياتها .. أين المنطق في هذا ! ألستُ مخلوقةً ذا مشاعر بحاجة للحب وللحنان وللعواطف ! بحاجة لعلاقة جنسية مع زوجها الرجل ! لماذا على المرأة أن تضحي دائمًا ! لماذا عليها أن تتخلى عن حاجاتها الجنسية أو العاطفية مقابل حاجاتها العلمية والثقافية , أو أن تتخلى عن حاجاتها العلمية والثقافية لأجل حاجاتها الجنسية والعاطفية !
على الرغم من أنها في كلتي الحالتين , لن تجد الرجل الوفي وفاء أبديًا .. فقد صار واضحًا أمام الجميع , وفي عصرنا هذا , أن جميع الرجال خونة بطريقة أو بأخرى .. مهما وقعوا في الحب مع الزوجة ومهما حاولوا أن يخلصوا لها , في مرحلة ما .. سيشعرون بالملل .. وأمام أول امرأة مثيرة ترتدي الأحمر القصير والكاشف لجماليات جسدها سيسيلُ لعابُه وسينسى (أو يتناسى) أن في المنزل امرأة حمقاء وهبت حياتها ووقتها وعمرها لأجله ولأجل بيته ولأجل أولاده .. تنتظره!
هذا هو الرجل الذي حاربت كل احتياجاتها لأجله ولأجل راحته , هذا هو الرجل الذي قررت أن تتوقف عن الطموح حالًا لأجل إرضاء غريزته وكبريائه , هذا هو الرجل الذي دعست على نفسها لأجله , لم تعلم أنه هو أيضًا سيشاركها في الدعس وسيدعسُ عليها بكلتي قدميه !
ولكن ما العمل ! هي حاجة أبدية تتأصل في ذات كل مرأة .. حاجتها للرجل .. واستعدادها الدائم للتضحية بكل شيء .. أو بأهم الأشياء في حياتها من أجله.
إنني لا أتكلم عن مجتمع , ولا عن ديانة أو ثقافة , إنني أتكلم عن حالة تشمل جميع النساء في كل مكان في العالم , ولمن يشكك في كلامي ويظنّ أن المرأة في الغرب تحظى برفاهية أعلى وتستطيع أن تساوي الرجل أو أن تتعدّاه وتستطيع أن تكون رقم واحد في مجالها وتبرز في كل شيء وتخترع وتكتشف ما لم يكن سابقًا , فليقرأ أكثر, وليتعلم أكثر , مجتمعهم لا يختلف عن مجتمعنا إلا في أن معظمهم ربما يعرفون المشكلة ويلاحظونها جيدًا.
ولمن بدأ يبحث عن أمثلة نساء صنعوا التاريخ .. هم ثلاثة أسماء أو أربعة , النساء اللواتي برزن في الحضارات السابقة والحالية , ولا زلنا نكرّر أسماءهم دائمًا حتى حفظناهم .. لأنه ببساطة .. لا يوجد غيرهنّ!
أخيرًا .. أودّ أن أعرف .. ما الذي كسبته المرأة لكونها امرأة ؟ ما الذي فازت به لكونها امرأة ؟ هل يوجد سببٌ حقيقي يجعلنا ندّعي بأنها لم تُظلم حينما خُلقت امرأة ؟ هل عليها أن تكون سعيدة لأجل ذلك ؟
وإن لم يكن في الدنيا .. هل ستكسب في آخرتها ما يجعلها تشكر أنها امرأة ؟ أم أن الآخرة أيضًا .. مخصصة للرجل ؟
حينها .. لماذا خُلقتُ أنثى .. ؟ والله لا يظلم أحدًا
التعليقات
قد يحدث التغيير على يد فرد فلا تضعفنّ عزيمتك و لتكن لبنات جنسك فيك أسوة حسنة.