كلُ ما يعبرُ من هنا، لا يعبرُ إلا وقدْ مرّ مني كأني جسدٌ فارغُ الجدران تخترقهُ أشباحُ الكونّ، الواحدَ تلو الآخر لتسدّ الفراغّ الموجودَ على مستوى الكيّان فيه، أعمدتهُ الواقفةُ على طرفي منصاتهِ لم تعد بتلك الصلابةِ التي كانتْ عليها منذ تأسيسهْ وأرضيتهُ هشةٌ لا تصلحُ لإعادةِ الإعمار، سقفهُ المهشمُ تتغللهُ
أمطارُ الكآبةِ تحدثُ بقعرهِ بحراً ونّهَراً، إن جدّ الجد تم الإختراقْ وإلا فليكنْ أحدّ الفارينّ من أجنبي غريبِ الهيكلِ والصورة ..
كأنّ الذي أعيشهُ يعيشني، يتخذّ لهُ مساحةً كبيرةً فِيْ يتحرقُ شوقاً لكبسِ زرِ الإطفاءْ المعلقِ بداخلي، إنهُ لا يريدُ البقاءَ طويلاً فالعيشُ في الظلالِ فترةً أطولْ يفقدُ اللذةَ حلاوتها، والحياةَ خفايا سعادتها، الأمرُ أشبهُ بأُكلةٍ تتسمُ بالمرارة
تسممُ أعضاءَ الروحِ الحيويةَ... تنخرُ ما بقيّ راسخاً في الأذهانِ قبلَ القُبّيْل ..
كأنِي بيتٌ قديم، عتيقُ المظهر بأتمِ صفاتهْ و رواعِبه يزورهُ فقطْ من رغِب بالرحيل.. يفتحُ البابْ يلقي عليه نظرةً
واو على أطلالهِ !!؛ يتفقدها ثانيةً يتفحصها بسرعة ثم يغلقُ البابْ إلى أن يصبحَ ما بالداخلِ خاوياً تماماً فهو الآن يغادرْ يحمل ذكرياتِ ما تبقى من هذا المتحفّ الأثري المُسنْ وقد خرجْ..
حتماً يوجدُ كثّرٌ في هذا العالمِ من هُمْ مثلي أو حتى فِيمَن يرغبونّ في تقليدي، أعتذرُ منكمُ جميعاً ليكنْ في علمكمْ أنا كتابٌ كُتبّ في عنوانهِ " النفور " لا داعي للتقليدْ أو المغالاةِ في تتبُعِ أثري إنكَ بلا ريبٍ تريدُ أن تفشلْ ... وإن فزتْ هذي معاناةُ السوادِ التي لا تقدرُ بقيدِ أنملةَ عشها بكاملِ فزعها وروعها فأنت هو الخاسرُ الأعظم قد كسبتَ ما لم يكسبهُ أحدٌ قبلك إنهُ " الخسرانُ المبين " ..
كأني طيفٌ خرافي أرائكهُ مطليةٌ بالكلسْ أتى هنا لأجل هدفٍ واحدْ هو أن يكونّ أحدّ الأحياءِ التي لا تُرى بأيِ مجهر .... .
-
Abdelmalek Ziriأفضلُ ما يقال عن الخيال أنهُ النارُ التي تختبئُ وراء الخيام ... النظر من بعيدٍ يقربُ الرؤيةَ من الوضوح .