من منا لم يكن مسافرا وجلس بجواره شخص لا يكف عن الكلام عن حياته الشخصية وعن صحته وزواجه وعمله... أكيد قابلت شخصا كهذا ،وليس من الضروري أن تسافر يمكن أن تقابله في المواصلات العادية ويبدأ الكلام بينكم بسؤالك عن الأجرة أو أي شيء أخر ثم يبدأ في الرغي والحديث عن حياته وأحيانا بالتفاصيل المملة!
يقول عالم الاجتماع في جامعة هارفورد "ماريو لويس" أننا نثق في الغرباء أكثر مما ندرك أو نعتقد ، النظريات القديمة كلها تقول أنك لن تتكلم عن حياتك الشخصية ومشاكلك إلا لأصدقائك المقربين أو عائلتك أو شريك حياتك أو شخص تحبه وتثق فيه ولكن عندما قام "لويس" بطرح هذه المسألة كانت الإجابات مفاجئة... حيث أن أكثر من نصف الإجابات كانت أنه عندما يقابل مشكلة أو عائق في حياته يمكن أن يحكيه لشخص غير مهم بالنسبة له مثل الحلاق أو السائق أو الكوافير عند السيدات وهذا موضوع منتشر جداً أو شخص بالصدفة أصابته اللعنة وجلس بجوارك في طائرة أو قطار لمدة 6 ساعات وأنت لا تتوقف عن الكلام.
للأسف يمكن أن تكون أنت هذا الشخص... والسؤال هنا هل عندما يكون الإنسان يائس أو مكتئب من شيء ما يريد أن يتحدث لأي شخص يسمعه حتى وأن لم يكن يعرفه؟ ببساطة نحن أحيانا لا شعوريا نبحث عن شخص غير قريب نحكى له عن مشاكلنا لأننا بذلك سوف نتجنب مشكلات أكبر مثلا إذا كانت المشكلة مادية إذا قلتها لأخ أو أخت من المحتمل جدا أن ينقلها لبقية أفراد العائلة بمعنى أكثر دقة نحن نخاف من المقارنة الاجتماعية بالآخرين خاصة إذا كنا نظن أنفسنا أفضل من الآخرين , ودائما تفكر ماذا سيقولون عني؟
ولكن هذه العادة في الحقيقة لها فائدة هامة جدا أن ما لا يعرفك لن يضطر إلى أن يجاملك بل سيكون مثل مرآة لك لترى نفسك على حقيقتها سيكون مثل المعالج النفسي ويطرح عليك أسئلة سخيفة من وجهه نظرك ولكنها تكشف لك الحقيقة ،وليس مثل الصديق الذي سيحاول أن يطمئنك أو يملي عليك اقتراحات بقول هذه العبارة الساذجة "لو كنت مكانك كنت فعلت كذا وكذا..." وطبعا يحدث ذلك بحسن نية ولكنه غير مفيد لك.
وربما تكون حماقتنا في الثقة بالغرباء هي تأكيد لنظرية في علم الاجتماع تسمى "قوة الروابط الضعيفة" ، مثلا معظم المنافع التي نحصل عليها ليس من الناس المقربين بل هي من علاقاتنا الاجتماعية الضعيفة مثل الحصول على وظيفة ، كثير منا حصل على وظيفة جيدة من شخص معرفة أو شخص قابله صدفة في المواصلات أو في حفلة أو في النادي... على أيه حال أدعك وأتوقف عن الكلام قليلا أظن أننا على وشك الوصول.
التعليقات
اظنه صعب الوصول ما لم تفصحي عما في قلبك آلاء...
أم العكس ولايهم إن كان الوقت ولا حتى المكان مناسبين، المهم أن يفضفض ويرتاااح وانتهى الأمر...تبقى هذه وجهة نظر...مشكورة على المقالة الجميلة...سلمت