.
ولىّ زمن الرجال
قصّ عليّ أحد كبار السن بأن حياة الماضي أدهى وأمرّ من الحياة في الوقت الحاضر ! حيث ذكر لي الكثير من المواقف ومما يعانيه الجيل السابق ( جدي وجدك ) !
وعندما أقول له ماهو الفرق بين الجيلين السابق والحاضر !
لا أجد جواباً شافياً غير أنهم يعيشون في فقر حيث أن المملكة العربية منذ تأسيسها على يد المغفور له الملك عبد العزيز " طيب الله ثراه " أستتب الأمن في الجزيرة العربية وأنتهى زمن الجاهلية والقتل !
ولذلك لم يكن هناك أقسى من الفقر يواجهه كل من عاش في حياة البادية !
ولكن في هذا الجيل تحديداً نقول أهلاً وسهلاً بالفقر إذا كانت الحياة تعود إلى طبيعتها السابقة !
حياة حُب وودّ ، حياة التراحم والأخوة ، حياة الغيرة على أبناء العمومة ، حياة التجمع والتسامر على فنجال قهوه لا أكثر من ذلك ، حياة الكرم والشهامه ، حياة النخوة والرجولة ، حياة حب أفراد القبيلة لبعضهم البعض ، كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام "(( مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى ))
في هذا الجيل تحديداً مع احترامي لمن لا يزال متمسكاً بتلك التقاليد القديمة ولكن طغت على العامه عكس ماذكرت مسبقاً ، وازداد التدهور الإجتماعي عن السابق !
نعم ! ننعم بحياة الرخاء من حيث الصحة و المأكل والمشرب ولكن غابت عن حياتنا الإجتماعية التواصل مع بعضنا البعض ، وأنقسمت البيوت وأنقسم الأخوان وأنقسم أبناء العمومه !
فهذا يكره هذا وذاك يكره ذاك ! لايكيد له المكيده ولكن لا يحب أن يسمع عنه أي خبرٍ سار ، يحب أن يسمع كل ماهو سيء في ذاك وذاك ، وإذا سمع بخبرٍ سيء ينفث الشيطان في قلبه سمومه بحيث يشعره بالطمأنينه والراحة لما سمعه عنه !
أصبح الناس لايكترثوا لبعضهم البعض ولايهتموا بأي شخص كان ، حتى لو كانوا هؤلاء أشقاء !
أصبحنا نتميز بكثير من الإنقسامات ويعيش كل منا حياته بعيداً عن أخوانه وأبناء عمومته ، ولانتواجه إلا في المناسبات الكبيرة كالأفراح ومع ذلك تنتهي المواجهه لمدة خمسة ثواني من السلام والكل يذهب إلى مكان يجلس فيه بعيداً عن الآخر ، أصبحنا لانعرف من هذا ! أو هذا الطفل إبن من ؟ ويصادف أن هذا الطفل إبن أخيه أو إبن عمه !
أجيالاً أزدادت أعدادها ولكن لابركة فيها " مع احترامي للجميع " ولكن هذا هو الواقع ، تجد في القرية الواحده أربع إلى خمسة إنقسامات ، هذا من " ذوي فلان " وهذا من " ذوي فلان " والمشكلة أنهم يعودون إلى رجلٌ واحد رحمه الله !
في الوقت الحاضر أنتهى زمن الرجل ! حيث لارجولة فيه إلا ماندر " بالأسباب التي ذكرتها مسبقاً " وصعدت علاقة المرأة إجتماعياً إلى المراتب العلياً !
المرأة هي التي تقوم بجمع الرجال وتفرق الرجال عن بعضهم البعض حسب حبها لهذه المرأة أو كرهها لتلك ! أصبح الشخص يتبع زوجته أينما قررت أن تذهب ، ويجلس مع رجال من قبيلة آخرى لايكاد يعرفون عن بعضهم البعض الكثير سوى أنه زوج فلانه صديقة زوجتي !
ولهذا أيتها الأجيال السابقة تحت الثرى " لقد أخذتكم المنيّة وانتم قرباء من بعض ! وقلوبكم مهما كان فيها شيء من فلان أو فلان إلاّ أنها لاتؤثر في تواصلكم الإجتماعي وصداقتكم وحبكم وغيرتكم لبعض !
ماتت الأنفس الزكية بطهارة القلوب وبقي جيلٌ سبب لنا الإنقسام وتسبب في قطع صلة الأرحام !
- شوف ذاك اللي جالس هناك فالزاوية !
- وش فيه ؟
- ياخي أكرهه ؟
- ليش ؟
- كذا مارتحت له ، من الله ياخي !!!!!!!! شوف شوف يناظر فيني ويبتسم " قطع هالوجه "
- تراه من ذوي فلان !
- ايييه أعوذ بالله ! ياخي ما أدانيهم كلهم ! شايفين نفسهم !
- ايو الله صادق !
والله انت وياه اللي شايفين أنفسكم ! والا ذاك يمكن أنه أفضل منكم أخلاق وأقلّها يبتسم لكم وأنتم تحقّرونه ! أخذ الحسنه وأخذتوا السيئة !
هاذي هي العقول اللي دهورت علاقة أبناء العمومه مع بعضهم البعض وقطعت صلة الرحم والتواصل الإجتماعي !
بقلم / هاني العضيله
Twitter : Hanialodailah