بين عالم الأكاذيب وعام الجنون - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

بين عالم الأكاذيب وعام الجنون

هيام فؤاد ضمرة

  نشر في 28 مارس 2020 .

بين عالم الأكاذيب وعام الجنون

..هيام فؤاد ضمرة..


إن كان حقيقة ذلك الخبر الذي انتشر كالهشيم، حول كون فايروس كورونا ما هو إلا غاز وليس فايروس وأن كل ما ورد خلال الأشهر الماضية ليس سوى ادعاءاً كاذباً لا يقاربه الصدق، فهل علينا أن نهمله ونغلق أذنينا وعقلنا دونه؟.. أعتقد إن فعلنا هذا فقد ارتكبنا خطأ فادحاً، في وقت نعيش فيه حالة طوارئ عالمية تطول غالبية دول العالم أمام انتشار جانحة فايروس الانفلونزا كورونا المتحول العابر لحدود المنشأ، والذي كان ظهر فجأة دون أيّ مقدمات، ومن وقتها إلى هذه اللحظات لا يعرف له سبباً مؤكداً، ولا علاجاً محكماً، ولا تطعيماً يقي هجماته المتسارعة، وكأنما هو شيء ولد من لا شيء حقاً، لينطلق الجميع في وضع التخمينات، وتوقع الفرضيات، وبناء الأحكام على جملة تحليلات بين فكرية وعلمية وعادات إنسانية، وجميعها غير مكتملة وغير مؤكدة، وليس بمقدور أحد التخمين بموعد توقف هجمات الفايروس، وكم سيأخذ معه من الأرواح قبل أن يغادر هذا الكوكب الذي بات نهباً للنكبات بين الطبيعية والسببية بالفعل البشري.

هل حقاً كورونا مجرد وهم؟.. وهل حقيقي أنها مجرد تجربة لغاز السارين المصنع مخبرياً في مختبر بيولوجي أمريكي في أفغانستان؟ إذن لماذا لم تكن أفغانستان منبعاً لتفجره بدل الصين؟.. ولماذا بدأ مهده في مدينة ووهان الصينية بالذات؟.. أليس هو نفس الغاز الذي استخدم في غوطة دمشق بسوريا وقتل حوالي 1400 شخص خلال ساعات غالبيتهم من الأطفال والشيوخ والمرضى، لكنه والحقيقة لم يترك ذلك الغاز آثاراً مرضية تتفشى وتسري كما الماء المنساب على منحدر، ليس بمقدور أحد وقف انسيابه.. وهل حقاً أجبرت الصين على تزييف الحقيقة بضغط من أمريكا؟.. إذن ما الذي جعل ترامب والصين يحددان شهر ابريل موعداً لانتهاء الوباء؟.. ما الذي سينهيه طالما أن من خصائصه سرعة الانتشار، وها هو انتقل عبر الحدود إلى كل دول العالم دون أن يستثني أي منها؟.. هل حقا تم تحديد هذا التوقيت بناءعلى أسس تتنبأ المدة المتوقعة لتفشي الغاز في فضاء الكون وانتهاء مفعوله داخل محيط الأرض؟ والتي تحددت بثلاثة أشهر إلى أربعة أشهر على وجه التقريب؟

فالحقيقة ستظل طي الكتمان إلى وقت الاعتراف بها رسميا من جهة ما، فيما بالوقت الحالي سوف تظل في طور التخمينات ووضع الافتراضات والتوقعات، وسيتسابق المتسابقون لاستعراض حصولهم على المعلومة الصحيحة وما هي بالصحيحة، ولأن الشبكة الألكترونية باتت مصدراً لاستقاء الأخبار، وفي الوقت ذاته مسرحاً للمزيفيين والمرضى النفسيين، والمعاديين، والذباب الألكتروني القذر، فإن الخبر المزيف والفيديو المفبرك والصورة المركبة صارت فايروس آخر يتفشى بجنون وبأسلوب متدني، ويصيب العقول بالتجهيل والوهم، ويبرمج العقول بعكس ما هو مفترض لها..

الجميع اليوم صار خبيراً، وصار معلماً بغير اختصاصه وخبيرا بغير خبرة، وصار مالكاً للحقيقة، وأيضاً تملكه الاعتقاد بأنه مصدرا مهما وموثوقا لنقل الخبر اليقين، وبأنه جهينة عصره الفريد، وأستطيع القول أن التسجيلات الشخصية بالصوت والصورة وتسجيلات الصوت، رشمت صفحات التواصل الاجتماعي كنقش خطوات الدجاج، ما عدت تعرف بأي الاتجاهات سارت كل دجاجة، وبلغ تعدادها المئات وربما أكثر من ذلك كثيرا، فصار الخبر جملة أخبار وباتت الحقيقة ضائعة وسط ظلمات المزيفين والمتدخلين الواهمين امتلاكهم لآذان الجمهور وقدرتهم على تسييره وفق أمزجتهم،

وبالعودة إلى خبر زيف الفايروس وتكذيب الحقيقة التي تابعناها وتابعنا مآسيها، فإن أول المدعين بهذه الحكاية كان موقع (شيء من كل شيء) التي نشرت هذا في 18مارس 2020م ولم تنسبه لأي جهة رسمية، حيث قالت أن الحكاية بدأت بتجربة لغاز السارين العديم اللون والرائحة والطعم في مختبر بيولوجي أمريكي في أفغانستان، حين فقدوا السيطرة عليه فتأثر به 67 جندي أمريكي، سبحان الله كيف لخطأ في مختبر لا يصيب علماء المختبر ولا موظفيه ولا حتى شعب أفغانستان والتفشي نشأ في بلادهم، وكيف لهذا الغاز أن يختار هذا العدد من الجنود فقط، ورغم كونهم تنشقوا الكمية الخطيرة منه لم يموتوا كما مات ضحايا غوطة دمشق، وانتظرت الاعراض لا تظهر عليهم حتى انهوا مهمتهم في الصين بعد أن تم احتيارهم لمهمة المشاركة بالاستعراض العسكري في ووهان بقصد نشر الوباء، ثم عادوا إلى بلادهم دون أن يسمع عنهم أي تصريح ولا حتى لأهلهم وماتوا هناك بصمت، وإن المخابرات الأمريكية سرعان ما قررت استغلال الحادثة لتجني الفائدة الاقتصادية التي تخرجها من محنتها الاقتصادية، وتعطل بذات الوقت تقدم اقتصاد الصين، فتتخذ القيادة قرار إرسالهم للمشاركة باستعراض عسكري في ووهان، بقصد نشر الفايروس.

إن السينما الأمريكية عودتنا على اتقان حبكة أفلامها ومسلسلاتها حتى لتكاد تظن الخيال واقعاً لا لبس فيه، وبات الإخراج السينمائي يمتلك برامجاً وفي الذكاء الصناعي الألكتروني ما يفوق بأدائه قدرات العقل البشري وهذه البرامج صار سهلاً على الجميع استخدامها بمجرد دخول عالم جوجل واختيار الخيارات المناسبة.. إذن أما كان الأجدر  بالقيادات الأمريكية اتقان حبكة رواية كهذه قبل أن تقدمها للعالم؟

إن ممارسة التزييف بالأخبار والأحداث بالصورة والصوت التي يتناقلها الناس داخل العالم الافتراضي وشبكات التواصل الاجتماعي، إن هو إلا ممارسة خطيرة لا يمكن أن تكون من باب التسلية لأهل العقول المريضة، بل هو ما يعتبر مقدمة للتهديد الأمني الوشيك، تخلق حقائق بديلة عما هي بالصورة الحقيقية، أو هو مؤشر لتوقع إساءة محتملة من قبل الأفراد أو الجماعات التي تمتلك أجندة خاصة، وخطأ من يعتبره مجرد تزييف هزيل وضرره محدود، إنه يقوض ثقة الناس في المعروض من الأخبار والصور والفيديوهات وما ينطقه المتحدثون فيها، وقد يغير من مواقف الناس تجاه الحدث أو تجاه الشخص بعينه، خاصة حين يراد من هذا التزييف التأثير على مواقف الجمهور وقلب رؤيته وتغيير أفكاره وردود مواقفه، ومما يزيد الأمر خطورة حين هذه السيناريوهات المحتملة يراد منها التلاعب السياسي وقلب الحقائق، حينها تصبح الغايات مرعبة تماماً كما حصل لعدة دول، أن كانت هذه السيناريوهات المزيفة أداة لتحطيمها وتخريبها وقتل شعبها وتشريده، صحيح أن الحقيقة بالغالب تظهر بعد حين، لكنها تظهر بعد فوات الأوان، وبعد أن يكون وقر بالعقول الأثر السلبي وتم تجاهل الحقيقة الدامغة، وتم التخريب والدمار.

ونرى كمتابعين أن هناك متطلب بات هام جداً، بقيام هيئة دولية بتقديم حل نهائي لهذه المشكلة المدمرة من خلال وضع منظومة أخلاقية تنظم هذه الفوضى وتوقف تدفقها ويتم وضع بنود لقوانين دولية على غرار قوانين الحقوق الإنسانية واتفاقياتها، وتحرم التزييف لشدة إضراره بالبشر والكون معاً.


  • 4

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 28 مارس 2020 .

التعليقات

Dallash منذ 4 سنة
احسنت جدا
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا