ممارسة شنيعة ترتكب منذ القدم الى يومنا هذا. تُوأَدُ الموؤدة لا لشيء إلا لأنها أنثى، فيعترض أحد الوالدين او كلاهما على ذلك كُرهاً للأنثى أو خوفاً من مستقبل غير مشرف لها. وقد يُوأد الطفل الذكر خشية إملاق أو فقر. وإن كان أكثر الوأد لإناث يُرفض أن يُكتب لهن الحياة. فهذه الأعداد المهولة في الصين والهند حيث ملايين الإناث يتم وأدهن مبكراً وتكتب لهن النهاية بيد والد بلغت في قلبه القسوة مبلغاً صعباً، لا ضمير ولا حنان ولا شفقة.

هذا الفعل الشنيع يغضب الرب الواحد الخالق الذي برأ هذه النفس، فيجعل الله سبحانه وتعالى المحاسبة على هذا الفعل هو أول ما تُسأل عنه البشرية جمعاء. يجعله الله أول سؤال للبشرية قبل السؤال عن عبادته هو ذاته أو عن الشرك أو عن الكفر به، يجعله الله أول سؤال للبشرية لا أثناء العرض والسؤال والمحاسبة بل قبل الحشر المهول، وقبل أن يفر المرء من أخيه وبنيه وصاحبته وأمه وأبيه، قبل كل شيئ. بل يجعله الله هولا من أهوال يوم القيامة. يأتي السؤال عن المؤودة أثناء تتابع عرصات يوم القيامة وأهوالها.

إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11)وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ

تبدأ أهوال يوم القيامة بتكور الشمس وانكدار النجوم وتسيير الجبال وتسجير البحار وتعطيل العشار وحشر الوحوش ثم يأتي تزويج النفوس، يليه مباشرة سؤال المؤودة عن الذنب الذي وئدت بسببه "وإذا المؤودة سئلت". يأتي هذا السؤال في قلب أهوال يوم القيامة ثم تستمر الأهوال تترى فإذا بالصحف تنشر والسماء تكشط واذا بالجحيم تُسّعر وإذا بالجنة تُزلف.

يسأل الله الخالق عن المؤودة قبل أن يَسألَ عن الإيمان أو الشرك به، وقبل الصلاة والعبادة. قبل السؤال عن الكفر بربوبيته أو ألوهيته أو عصيانه. يأتي سؤال الله تعالى شأنه عن المؤودة التي خُلقت فقُتِلت تحدياً لله، قُتِلت في تحدٍ سافر لمشيئة الله الذي شاء لها أن تكون أنثى، ، قُتلت اعتراضاً على خلق الله واعتراضاً على مشيئتة سبحانه في تحديد جنس من يخلق.

ما أعظمك يا الله وما أعظم نفس هذه الانثى عندك التي لا حيلة لها، لتجعل السؤال عنها قبل كل شيء، وتجعله أول سؤال تُسأل عنه البشرية جمعاء، وتجعله هولاً من أهوال يوم القيامة يوازي انكدار النجوم وكشط السماء.