مشاعر رقمية... - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مشاعر رقمية...

  نشر في 25 مارس 2017 .

في زخم المتسارعات و التقدم المهول لمتلازمات وجودنا في سياقنا الزمني الحالي ،قد يلمس المرء تغيرا على مستوى الخصائص الانسانية ذاتها ،من بينها واقع المشاعر التي تأثرت بموجة التقدم فتغيرت حلتها الانسانية المحضة لتلبس حلة جديدة تنفي سابقتها إلى عوالم التساؤل وهي حلة رقمية محضة.

تحول فيها واقع العلاقات البشرية إلى لوائح في عوالم افتراضية ،و لم يعد عنصر العلاقات البشرية كامنا في خاصية التبادل او النقاش او المعاملة الانسانية ،بقدر ماصار الامر مجرد كبسة زر لاضافة احدهم كعنوان على الترحيب او فقط زر الحذف كدليل على عدم القبول، صار واقع الاحساس اكثر بؤسا فصار الفرح ايقونات تنشر على المواقع الاجتماعية لاغير ،حتى الغضب صار مجرد وجع عبوس ينقر عليه كدليل على عدم الرضى ، الحزن والموت صارا كذلك صور سوداء نضعها في صورنا الشخصية .

لم نعد اشخاصا يتكلمون بطريقة مباشرة صار كل شيء مرموزا إليه ،كأننا صرنا نعيش شقين من الحياة ،حياة واقعية و اخرى افتراضية تضيع انسانيتنا في الوصل بينهما ،فقدنا فيه القدرة ان نتحول من ذوات قادرة على الفعل والحراك و اكتفينا بواقع المنشورات والرموز ، واقع افتراضي اكثر بؤسا من نظيره الحقيقي منشورات حزن هنا وهناك و رسائل ملغومة و امة ضائعة بين هو وهي ومسلسل البحث عن الانصاف ، استهتار كلي بثوابت الهوية وتمرد على الهوية ، حتى محاولات تصحيح الهرء او الغير سليم من العادات الموروثة او التقاليد البالية لايتم بطريقة عقلانية كل ماهنالك خروج عن المألوف لاغير في نوع من المغامرة التي تذوب فيه هوية مجتمع باكمله فلا تشبتت بماض وقومت إختلالاته ولا قاربت مستقبلا ووضعت نفسها في سكة التقدم ،ببساطة تكريس مطلق لمنطق التقليد والاستهلاك في شتى صوره الفكرية والاجتماعية وهلم جرا جل نواحي الحياة .

علينا الخروج من عزلة العوالم الرقمية وان بدت بوابة مفتوحة حول العالم فهي عزل كلي عن اقرب العوالم وهي الاسرة والمجتمع ، على المشاعر ان تكتسي حلتها الانسانية من جديد ويتحول التضامن بالمنشورات و الهاشتاغات الى عمل ميداني واقعي فيه ما فيه من حسن ظن ،وان تتحول صور الحزن و المنشورات المقززة لواقع الكآبة إلى نظر جلي للذات وانها مرهونة بعمر زمني لايتوقف عن حدود المآسي او مسيرة السقوط والنهوض قدر انساني ،وعليه المضي قدما لتطوير الذات اكثر من حبسها رهينة افكار سوداوية لا تسمن ولاتغني من جوع ، كذلك حين يتحول واقع الايقونات الى عمل على ارض الواقع و ان لايكون المرء مكتفيا بزر الاعجاب من عدمه وان يتجه لتصحيح ما لايعجبه ، حين يتم يتجاوز واقع العبث والتفاهة التي تصور على انها ترفيه ليدرك ان العقل ملكة كرمنا بها لايصح وأدها بنسق التفاهة .


  • 13

   نشر في 25 مارس 2017 .

التعليقات

المشاعر الرقمية تبقى ضمن عالمها الافتراضي لا تتجاوزه وبذلك لا جدوى منها لانها لن تصنع شيئا في الواقع الذي نعيشه ولكن ان تتحول من مشاعر رقمية الى واقعية بذلك يمكن ان تحدث تغييرا ملموسا .
مقال رائع
1
أحمد أكرتيم
تماما وليس فقط المشاعر فهي مجرد جزء من الذات،والاهم تحقيق انتقال الذات من الافتراضي نحو الواقعي ،شكرا لمرورك
ريما R منذ 6 سنة
رائع جدا
تحيتي لك
4
Amin Almitwaliy منذ 7 سنة
رائع جدا أحسنت الوصف
2
بين الواقع والافتراض خيط رفيع كما بين الحقيقة و الوهم ... مقال يبرز فيه البحث والاجتهاد ، غير أني أراه لم يغص في الأسباب بقدر ما صور بؤس الحالة ..أرجو تقبل رأيي بصدر رحب
3
محمود بشارة
اعتقد انه لا مانع من التواصل في المواقع ولكن يجب ان لا تكون على حساب الأرض الحقيقية ، واعتقد بأن الحب الحقيقي او المشاعر ليست فقط بالرموز ، ولكن قد تكون الرموز اسهل في الاستعمال وترك انطباع اسرع للاخرين .

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا