زمن التطبيع مع الرداءة محمد خلوقي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

زمن التطبيع مع الرداءة محمد خلوقي

الساكت عن الفوضى والرداءة شيطان أخرس.

  نشر في 30 أبريل 2021 .

الساكت عن الفوضى والرداءة

شيطان أخرس

✍️بقلم محمد خلوقي

******************

حين يَفْقد المرء حاسة الذوق والتذوق السليم ، تنعدِم عنده القدرة على التمييز ، ويتساوى عنده الماءُ الطاهرُ مع ماءِ مجاري ِالصَّرفِ الصحي .هذا ما صار عليه المتلقي العربي المعاصر ، من إقبال مَحموم ، ومسعور على تلقي وتقبل التفاهة والرداءة في كل المجالات ، دون ادنى ردة فعل معقولة وموزونة ، مما ساهم في زيادة نشاط وسائل التواصل بكل انواعها المرئية والمسموعة ، في إمطار السذج -من المستهلكين البالعين- ببرامجَ وافكارٍ ضلالية، ومواد من (الروتيني )اليومي ، ورقصات خليعة ، وأغاني منحطة . ويتسيَّد عملية الاسفاف والتدني ، بعض من اخطاء بشرية ، تخرَّجت بامتياز من مدرسة التفاهة والرداءة والنجاسة ، وبَنَت لها احلاما دنيئة ، فصارت تنشد نجومية وَهميَّة،وتسعى الى استرزاق غير شريف ، هذه الفئة الفاعلة نبَتَتْ في غفْلة من الرقابة التربوية للاسرة والمجتمع والقيم ، فهم اُناس لا وعي ، ولا ثقافة ،ولا مبادئ لهم ، سىوى شطحات حداثية مقلوبة ومشروخة، ممزوجة بوهم غريب ، وفهم عجيب ، يعتقدون معه بانهم يقدِّمون نفعا للمجتمع ،والحقيقة ان القوم ضلوا الطريق ، حتى بات يصدق عليهم قوله تعالى في سورة الكهف ( قلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً* الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الْحَياةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا*).

واعتقد ان العيب ليس في مسحوق الحِناَّء فقط ، بل كذلك في الاعضاء المُخضَّبة، والمشوهة أصلا ( اي اليد والكف والارجل ).

ولو تأملت ، ايها القارئ اللبيب ، ما حولك ستجد طغيان تفاهة سلوكية ،وانحرافات فكرية ، وتطرفات عقدية ومذهبية ، وانبطاحات سياسية ، وعُقد نفسية ، وتناحرات طائفية وعرقية .. وستلاحظ ان عليها اقبالا متزايدا ، دون تورع ، او نية في الإدبار .والننبجة ان صار شكل هذا الطَّلاء ،ونوعية الحِناء، مناسبا لمثل هذه الاكف المثقوبة ، والارجل المعطوبة ، بل يمكن ان يصدق عليهما المثل السائر ( وافق شنُّ طَبقة ).

نعم ان مستوى المتلقي والتلقي بلغ قمة الانحطاط والإسفاف ، والحُبِّ الجمِّ للتفاهة والرداءة ، والسبب كون هذا النوع من المتلقي العربي ،لم يأخذ نصيبه من التربية العقدية الصحيحة، المؤسسة على الفطرة السليمة ، و لم يحصل على التكوين الفكري العقلاني المتوازن والذي يستند في أبجدياته الى اصول التحليل و النقد ،والتمييز بين الصالح والطالح ، بين الغث والسمين ، بين الجودة والرداءة.

👈و اعتقد ان ما صرنا اليه وعليه ، يتحمل مسؤوليته الجميع ، بدء من الاسرة ،والمدرسة ، والمسجد ، مرورا بالاعلام ، والاحزاب ، وصولا الى الحكام والمسؤولين عن قيادة شعوبهم .

اننا اليوم ،امام تراجع خطير ، في المنظومة الاخلاقية والفكرية والقيمية والتربوية ، وان ايقاع التراجع والانحدار يَهوِي بنا نحو الحافرة وبسرعة مفرطة ومقلقة .

لهذا فكل واحد منا مطالب من موقعه ومسؤوليته وضميره، ان يعمل صادقا وجاهدا على محاربة هذه الفوضى والرداءة ، بكل ما يملك من موهبة، او كفاءة فكرية او فنية ، لابد للأقلام النائمة ان تستيقظ ، والاصوات الخجولة ان تصدح، وان تعمل على إشاعة الجمال واعادة النسق والنظام دون مبالاة او تخوفات من تزايد فطريات القبح والفوضى .لانه لا يصح الا الصحيح ، ولا يبقى ويدوم الا ما ينفع الناس .

👈ولهذا فمَن يملك فكرا نقيا ، و قلما سخيا ، عليه ان يمسح به خربشات الاوساخ ..

👈ومن يملك صوتا طروبا وشجيا عليه ان يقاوم به النشاز ..

👈ومن يملك موهبة الرسم او الموسيقى او التمثيل عليه ان ينخرط في هذه المعركة حتى يعلو صوت الجمال، وينبلج الحسن ،و يعم النسق ، ويندحر جيش القبح ،والفوضى ، بل يُهزم دون رجعة .

وإلا فان حالة سُكونَ الفرد، أوسكوته سيدخلانه ، لا محالة ، تحت التوصيف المذموم (الساكت ُعن عن الفوضى والرداءة ، شيطان أخرس )

✍️ محمد خلوقي



   نشر في 30 أبريل 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا