عُمَر الذى بداخلك - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

عُمَر الذى بداخلك

فى سَبيِلِ وِلادة جديدة ..

  نشر في 12 أكتوبر 2015 .


حينما نودُ التحدُث عن أحد العظماء .. نرتبك ! .. لا نعلم ما الذى علينا قوله كى نصفهم كما كانوا فعلاً ، ..

أما إذا وجب علينا الحديث عن من نقتدى به .. فنحن نحاول قدر المُستطاع أن نُعطيه حقه كاملاً فيما نقول ..

حَمَلتُ قلمى و حاولت استرجاع كل العواطف التى شعرتُ بها حينما كنتُ أقرأ عن عُمر بن الخطاب .. فعجز القلمُ عن السرد إلا تلك السطور القليلة القادمة التى والله لن تُعطى أمير المؤمنين حقه أبدا ..

لم يُعطِ لنا التاريخُ أدلة او علامات نعرِف بها تاريخ ميلاد عُمر أو كيف وُلد .. حقيقةً لا يهم كثيرا أن نعرف تفاصيل ولادته البيولوجية !!

.. نولد عِدَّة مراتٍ .. مرة عندما نلج هذه الدنيا من بطون أمهاتنا ، و مرَّّة عندما عندما نستطيع أن نترك أثراً فيها .. بعضُ الناس يكتفون بالولادة ِ الأولى .. الولادة البيولوجية .. يعيشون ولكن لا يحيون حقاً .. يتنفسون .. يأكلون .. ينامون .. يتكاثرون .. ولكن لا يحيون .
.. و البعض لا يكتفى أبداً .. بل يولد عِدَّة مرات فى حياتِه ، ويكون لولاداته تلك أثرٌ فى ولادة عالمٍ جديد .. ولادة حضارة جديدة لعالم أفضل .

دَعونى أُخبركم عن ولادة عُمر الحقيقية .. تلك التى بُنى على إثرها حضارة عظيمة ..

أتوقفُ عند دُعاء المُصطفى صلى الله عليه وسلم وقد أودع عِزَّة الإسلام فى نَحِر رجُلين من أشد الرجال .. فقال " اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك ، عُمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام "

- وقد أثبت التاريخ أيهما أحبُّ إلى الله ! .

عمرو بن هشام هو ابو جهل .. رأى الرسول صلى الله عليه وسلم فيه وفى بن الخطاب صفةً مُشتركة .. صفةً يُعز بها الإسلام .. ألا وهى الإيمان !!

كان أبو جهل مؤمناً بكُفره .. بذل حياته كلها فى سبيل إيمانه بكُفره .. حتى أنه عندما حانت مَنيته لم يتراجع أبدا .. بل مات وهو مؤمنٌ أنه فعل الصواب ..

هكذا كان بن الخطاب رضى الله عنه ، كان شديد الحِرص على ما يؤمن به !

- عندما أراد عُمر أن يقول الشهادتين أمام الرسول صلى الله عليه وسلم و يُعلن إسلامه .. أو بمعنى أصح .. يُعلن ولادته الجديدة ، كان فى الأصل قد خرج من داره مُمسكاً بسيفه وقد أقسم على قتل النبى الكريم !! .. ولمَّا كان فى طريقه إليه وَشَى أحدهم له بأن أُخته و زوجها قد دخلا فى الإسلام .. لا أحد يستطيع أن يصف شعوره حينها ! .. ذهب إلى أُخته و لطمها .. وما كان ردها عليه إلا ثباتاً و تمسكاً بما هى عليه !!

كيف !!؟ عُمر الذى لا يعرف التردد أبداً .. وجد أشخاصاً أكثر ثباتاً منه !! .

طلب منها أن يقرأ فى القرآن ما كانت تُردده .. فقالت له تطهر أولاً .. فاستجاب لها !! .. إذاً فهو كان مؤمنٌ انه لا يصلح ان يَمس شيئاً طاهراً كالقُرآن .. كان يعلم فى قرارة نفسه أنه الحق ولكن .. شاء الله أن تكون بدايته بطريقة مُختلفة .

بعدما تطهر و أمسك بآيات القُرآن .. قرأ سورة طه .. قد يتهكم البعض و يقول أن إسلام عُمر ما هو إلا نتيجة تأثُر لحظى بالقرآن .. لكن لا ..

تفاعَل عُمر مع القرآن .. تفاعل مع آيات سورة طه و كأنه جزء منها .. كما تفاعل دوماً مع آيات القرآن على طريقته العُمرية وجعلها منهجاً له .. بنى بالآيات حضارته !

أَشهَر عُمر إسلامه .. على خلاف المُسلمين قبل الهجرة .. حيثُ كان الإسلام سِراً .. وحينما أتى موعد الهجرة .. تقلَّدَ بن الخطاب سيفه و طاف حول الكعبة .. ثم أتى المقام فصلى .. ثم وقف امام من كان واقفاً من جمع قُريش : " من أردا أن يُثكل أُمه او يؤتم ولده ، أو تُرمل زوجته فليلقنى وراء هذا الوادى ".

قالها صراحةً .. أنا مُسلم و أجهر بإسلامى .. ومن أراد مُعارضتى فليقابلنى وراء هذا الوادى !!! كم كنت قوياً يا أمير المؤمنين ! ..

رُبما قصد من فعلته تلك أن يقول لقريش أن الإسلام ليس بضعيف أبداً و أن المسلمون لا يفرون منهم أو يخافون ..

كان عُمر مُعزاً للإسلام بحق .

استخدم عمر فهمه للقرآن الكريم كبناء لأساس حضارته التى أقامها .. لم يتهاون فى تطبيق أحكامه حتى على أحب الناس إليه ! ..

فلما كان ابنه فى مِصر ..شَرِب خمرا ، وكانت عقوبة شارب الخمر هى الجلد .. وكان الوالى على مصر هو عمرو بن العاص .. فأقام الحد على بن عُمر فى الخفاء .. دون أن يشهد عذابه أحد .. فلما عرف عُمر بالأمر غضب و اعتبرها تفرقة !! المُجرم يُعاقب أمام الجميع ,, فأعاد ابنه إلى بلاده وجمع الناس و أقام الحد على ابنه .. !

عندما يكون الإسلام قضيتك حقاً . ليس كشعاراتٍ تُرددها .. أو كتب تقرؤها أو محاضرات ترتادها .. فإنه يصل لهذه الدرجة ..
درجة أنك تُفضل القضية على ولدك حرفياً .. وحدهم القادرون على هذا التفضيل يستطيعون أن يصنعوا الحضارة .. وحدهم المؤهلون للقضية .

... هكذا كان عُمر .. بل و أكثر .. هذا ما استطاع قلمى إيجازه فى تلك الكلمات التى لا تُعطى عُمراً جُزءاً من حقه حتى ..

أمّا عنّا فكى نسترد عُمر من جديد .. كى نقيم حضارة عادلة .. يجب أن نؤمن أولا.. نؤمن بقدرتنا على أن نكون .. على أن نسترد عُمر !

آن لنا أن نُخرج عُمر بن الخطاب من خانة كتب السيرة على رفوف المكتبة إلى مسيرتنا اليومية .. إلى حياتنا .. نحتاج إلى فهم عُمر ، إلى رأس عُمر ، إلى رؤية عُمر للخروج مما نحن فيه نحو مستقبل ناهض .. نحو القيام بما خُلقنا من أجله .
أهم فصل فى سيرة عُمر هو الفصل الذى لم يُكتب بعد ، رغم كونه فصلاً مِحورياً .. إنه فصل لم اكتبه أنا ، ولن يستطيع أى كاتبٍ أن يكتبه أيضاً ..
ولكن ستكتبه أنت .
و سيكون الفصل الأهم .. فصل انتقال عُمر من السيرة إلى مسيرتك الشخصية .. بعبارة أُخرى .. فصل استدردادك لعُمر .. استخراجه من داخلك !

إرفع رأسك ، و امدُد عُنقك ، فالإسلام ليس بمريض ..
لا تُمِت علينا ديننا أماتك الله !ّ .. إحى الدين أحياك الله .

" اللهم أعِزَّ بِنا الإسلام كما أعزّهُ عُمر بن الخطاب "

المراجع :-

استرداد عُمر لأحمد خيرى العُمرى

عبقرية عُمر لعباس العقاد


  • 6

   نشر في 12 أكتوبر 2015 .

التعليقات

0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا