أنا كده - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أنا كده

عن اللامبالاة

  نشر في 22 مارس 2017 .

( أنا كده . شخص فوضوي .
مش بعرف أقول كلام حلو . سخيف في ردودي .
مش مهتم بحد . معنديش رغبة في التعلم أو العمل أو مجرد الصحيان بدري حتى .
اللي عايز يتعامل معي يتعامل على الأساس ده . اللي بيحبني بس اللي هيتحملني ) .

أصبحت أسمع هذه الجملة كثيراً من الشباب في الآونة الأخيرة , و أصبحت هذه الجملة مبرراً لهم لفعل أي شيء يريدونه .. أو بالأصح لعدم فعل أي شيء لا يريدونه .. لعدم فعل أشي شيء على الإطلاق ..

فجأة إكتشف جميع الشباب – أو معظمهم على الأقل – أنه لا شيء يستحق العناء , ولا شخص يستحق الإهتمام , و أن هذه الحياة بلا قيمة , و أن الأحلام حتماً ستموت ... إكتشفوا أن العالم لا يليق بهم .. و قرروا إهمال كل شيء كأنهم يعاقبون العالم على عدم إعتنائه بهم .

و لم يتوقف الأمر عند اللامبالاة , بل تحوّل إلى عنف في الفعل و رد الفعل مع الناس بدعوى أن (ربني خلقني كده و اللي بيحبني بس اللي هيتحمّل معاملتي) .

بل حوّلوا هذه اللامبالاة إلى هدفٍ سامٍ و جهاد مُقدّس يريح النفس من شرور هذا العالم .

ولا أنكر أنني قد إعتنقت مبدأ اللامبالاة لفترة من الوقت – فترة دراستي الجامعية – فأهملت كل شيء .. دراستي , أصدقائي , أهلي , صحتي .. و ظننت أن هذا هو الجهاد الأعظم الذي سيمنحني راحة البال التي أسعى إليها دائماً .. و ظللت على هذا الحال طوال سنوات الجامعة حتي وصلت أخيراً إلى ... إحم إحم ... إلى لا شيء .

نعم .. عندما وصلت للشهر الأخير في دراستي الجامعية , إكتشفت أنني لما أحقق شيئاً من وراء جهادي الزائف هذا , بل وجدت نفسي على حافة الهاوية : درجاتي الدراسية منخفضة , علاقاتي بالناس ضعيفة , مهاراتي الشخصية ضائعة .. إكتشفت أن هناك الكثير من الأشياء التي فوّتها على نفسي و لم أفعلها قبل أن أترك الجامعة .

لم أسافر كثيراً , لم أتعرّف على الكثير من الناس , لم أكوّن شبكة علاقات قوية , لم أستفد بالإمتيازات التي يمنحها لي كارنيه الكلية .. لم أفعل شيئاً على الإطلاق .

ما أغربها النهايات , يتذكّر فيه الإنسان ما فاته من فرص ..

قد يقول قائل : أن اللامبالاة تجلب راحة النفس , فراحة النفس في خوائها , و ...

عفوا صديقي لا تكمل أرجوك فهذا كذب محض , النفس لا يمكن أن تكون خاوية أبداً بل هي في حالة شغل مستمر , لذلك جاءت النصيحة الرائعة (نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية) , النفس ستظل مشغولة دائماً , فالأفضل لك أن تشغلها بما تحبه أنت بدلاً من أن تشغلك بما تحبه هي .

و صدقني اللامبالاة لا تحتاج إلى جهاد كما يصور لك البعض , فقط تحتاج منك أن تضع السماعات في أذنيك و تغمض عينيك عما يحدث .. أما الذي يستحق الجهاد حقاً فهو الإهتمام , أن تهتم بأحبابك , بحلمك ... كما قال مارلون براندو في رائعة الأب الروحي : ( لقد قضيت عمري كله محاولاً ألا أكون لامبالياً) .


لا بأس أن تلقي همومك عن كاهلك لبعض الوقت جتى تلتقط أنفاسك , أما أن تختار اللامبالاة منهاجاً لك و تظن أنك بذلك تريح نفسك من الهموم فصدقني ستعاقبك نفسك بما هو أسوأ من تلك الهموم ...


  • 15

  • عمرو يسري
    مهندس مصري يهتم بقراءة التاريخ وسِيَر القدماء. أرى أن تغيير الحاضر، والانطلاق نحو المستقبل يبدأ من فهم الماضي.
   نشر في 22 مارس 2017 .

التعليقات

حقيقة مرة
وعاصرتها مع احد المقربين ( جدا) منى فادعوا الله ان يهدينا جميعا اخي الفاضل عمرو
2
عمرو يسري
فعلاً أمر صعب أن نعيش هذه التجربة مع أحد المقربين منا .
ربنا يهدينا جميعاً .
Salsabil Djaou منذ 7 سنة
ومن لا يحب صعود الجبال يعش ابد الدهر بين الحفر
مقالك هادف ارجو ان يقرأه كل الشباب مزيد من التالق
3
عمرو يسري
شكرا علي مرورك الكريم .
creator writer منذ 7 سنة
ذكرتني بآخر فصل دراسي لي في الجامعة -فصل التخرج - ،
لم أكن ادخل المحاضرات ولم أدرس أي مادة دراسية، ودخلت جميع الامتحانات من دون ان أدرس أي كلمة ، كان شعورا رائعا ،
صحيح بأن معدلي كان امتياز و أصبح جيد جدا لكني لم أشعر بتأنيب الضمير لأنني كنت بالفعل بحاجة الى بعض اللامبالاة لتعيد لي الحياة من جديد .
2
عمرو يسري
انا ايضا في اخر عام جامعي كان عندي لامبالاه كبيره تجاه المذاكره , لأني كنت زهقت من الجامعه :)
اللامبالاه فعلا مثل ما قلتي مطلوبه احيانا عند زياده الضغوط لكن للاسف بعض الاشخاص حولوها لأسلوب حياه و دي المشكله
ألا ترى معي اخ عمرو ان السبب وراء حالة عدم المبالاة عند الشباب تبدأ منذ المراهقة، حين يتربى الشاب او الفتاة على الميوعة وعدم المسؤولية بحجة انه مراهق. ولم يعلم ان المراهقة في الاسلام تنتهي مع البلوغ، فكم من شاب صغير حكم وقاد جيوش وتولى القضاءوهو ما دون العشرين، فاذا اردت ان تفهم حالة المبالاة عند الشباب ففتش عن التربية.
دمت بعافية
3
عمرو يسري
بالفعل يا دكتورة الامر يبدأ من الصغر بسبب التنشئه الخاطئه
شكرا لمرورك المميز
بسمة منذ 8 سنة
لا اعلم من أين تنبت لك هذه الأفكار والمواضيع ؟!! قمة التميز في الطرح ،
دام قلمك أخ عمرو .
2
عمرو يسري
شكرا على مرورك الكريم يا بسمه :)
So منذ 8 سنة
مقال رائع... أتى كالصفعة لكن بعد فوات أوان الكثير من الأمور... لكن رغم ذلك سنجتهد للحاق بما قد فاتنا... وتحقيق ما يمكن تحقيقه بما تبقى من مرحلة الشباب على الأقل...
بالتوفيق
2
عمرو يسري
فعلا , رغم كل شيء لازال هناك وقت لتصحيح الأخطاء
شكرا لتعليقك :)

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا