براءة مجنون - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

براءة مجنون

قصة قصيرة حقيقية

  نشر في 28 مارس 2016  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .


فجأة

تقمصت دور العجوز الكئيب

اخذت دفتري الصغير وركبت حافلة المغتربين نحو المجهول, وصلت عند مقهى قديم, جلست عند باب المقهى المغلق

أنظر الى السيارات الواحدة تلو الاخرى

لم يكن التقاطع مزدحماً بل كان كثيفاً

ككثافة سيل النظرات التي تتوافد ألي من السائقين بغرابة

كنت كغريباً يدخل غابة

يخيفني كل شيء يتحرك, حتى مشاعري التي تتحرك بكل لمحة شوقٍ او حنين

جلست على سياج قصير

أمامي شرطيٌ يرمقني بعينيه كأني له صيد يسير

دفتري على حجري, قلمي بيدي اليمنى

ويدي اليسرى تصافح سيجارتي, وتبايعها على

قتل قلبي الصغير...

كلما أكملت سيجارة رميتها ببطئ شديد

قبل أن تصل االأرض أوقد أخرى

ليكتب لها عمر جديد ....

وعلى حين غفلة مر من أمامي مجنون طاعن في السن

نظر إليه بكل براءة مجنون او عساه

جنون بريئ....

يخاطب عيني المجحوظة من السهر الطويل

تكلم وهو صامت وكأنه قيل

"ترى أيا من تخال نفسك عاقلاً"

"من فينا هو العاقل؟ ومن هو المجنون؟"

ألقى علي سؤاله وخطى

وجوابي ظل في خافقي ما مضى

إنتهى به المسير عند الركن المقابل للمقهى حيث كنت أنا جالساً

وقف هناك لم يكن بعيداً

تصرفاته الغريبة, شعره الاشعث, ملابسه القذرة, قدماه العار يتين

كانوا رائعين .....

احببت ان اعيش دور الانسانية

فأخذت اتمشى نحوه بكل حزم وجدية

فتحت محفظتي الصغيرة واخرجت منها بعض النقود الكافية

لأطعامه وجبة فطور صباحية

إقتربت منه كفاية

لم أعلم كيف أبدي معه الحكاية.

رفع رأسه قليلاً ونظر اليّ, كانت عيناه تخاطبني بكل عصبية وكأنها تقول:

ما الذي رماك عليّ ايها المجنون؟ ألم تكتفي الدنيا مني بالعطايا؟!!

شعرت بالرعب من تلك الجملة, رجعت خطوة الى الامام

وأعلنت للحرب جملة, فقلت له اعلم ما الذي دفعني اليك ثم احكم عليّ

أعطيته النقود ومعها إبتسامة سخية, خذها أيها العم لك هذه الهدية

نظر اليّ بعين الغضب, أقسم انني كدتُ اموت من الرعب

مرت دقائق من النظرات الجامحة, وفشلت كل محاولاتي التي كنت اظنها ناجحة

لأجباره على الكلام.

وأخيراً تكلم بحذارة, وقال"ابعد عني هذه القذارة"

تبسمتُ من شدة الفزع باكياً....

نظرت اليه بأستصغار وقلت له:

-هه, وماذا تعرف عن القذارة !!

-أعرف انها كومة نقود يتنافس عليها الحاكمين

على حساب كومة شعوب مظلومين

أعرف انه بسبب هذه القذارة اللعينة

أمست الحرة العفيفة في سجون البغي سجينة

وأعرف أنه بسبب تلك النقود

عادت حضارتنا الى الوراء الاف العقود

أصابني هول واحتوتني الحيرة بسبب توبييخاته المثيرة

اختصرت الكلام واخترت السكوت ابلغ الكلم

استمر الصمت لبضع دقائق.

انطلقت بسرعة الشجاعة وكسرت حاجز الصمت العميق وقلت له:

-لك الحق فيما قلتَهُ, وعليّ واجب في سحب ما قلتهُ

إذن إعتبر هذه النقود كهدية, قال لي:

-أنا متعفف عن أخذ الهدايا

-إذن اعتبرها كعربون صداقة

إنفجر المجنون في وجهي غاضباً:

-ويحك!! أتظن إنك بمال تستطيع أن تشتري الصداقة؟!!

ويحك من مجنون ويحك!

من تظن نفسك عاقلاً

الأن أعلمت من فينا المجنون؟........



من كتابي (بقايا رمق)



   نشر في 28 مارس 2016  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا