سقوط جدار العصر أمام طوفان الأقصى

**هيام فؤاد ضمرة**

هل هو التخطيط السليم للمقاومة الفلسطينية في عمليتها الذكية والقوية والجريئة إلى درجة أعلى مراتب البطولة والتي حملت عنوان طوفان الأقصى، أم هي ضربة حظ في كون المقاتلين الشجعان تمكنوا من كشف عورة العدو بتمزيق ورقة التين الوحيدة عن مجمل أسرارها العسكرية والإدارية المهمة والتي تعد من الأسرار العميقة للدولة، من الممكن أن تعري دولة الاحتلال تماماً وتجعلها نهبا سهلاً لمن يستحقها من أهلها الحقيقيون،

كانت هذه الضربة القوية أشد إيلاما للعدو على الإطلاق فقد أسقطت المقاومة أسطورة القوة التي لا تقهر والقبة الحديدية تلك التي فشلت بكل بساطة وبأبسط الأدوات، مما صنعها المقاوم الصنديد بأقل تكلفة من المعادن الخردة نفسها من مخلفات المعارك الماضية، مما جلجل صوت الصفعة بأذن حلفاء اسرائيل فانتفضوا ملبين صرخة الاستنجاد من النتن: "إلحقوني لقد فقدت كل شيء وانهار الجدار وانهارت القبة الحديدية وانهارت أركان قوة الدولة".

لم تكن الصرخة إلا نتيجة صدمة هائلة تشبه انفجار كوكب ضخم، خلخلت عقل وكيان النتن ياهو وأخرجته عن مداره الطبيعي فتاه تفكيره، وكطفل فقد لعبته مع أول تسونامي هائل، فراح يبكي مستنجدا بمرضعته أمريكا وأذيالها من الحلفاء، فلبت أمريكا بصورة أكثر جنونا حين أرسلت أكبر بارجاتها وأحدثها تكنولوجيا حاملة للطائرات الحربية بكامل حمولتها إلى البحر الأبيض المتوسط لتربض في مقابل الشواطئ الفلسطينية على أهبة الإستعداد لأي طارئ يقتضي تدخلها، فلا يمكن أن تتخلى عن مدللتها وهي صاحبة الفضل الأعظم بعد بريطانيا في زراعتها بأرض فلسطين وتنشئتها على أكل الحلى والدسم.

تبعتها في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا ليتوالى وصول فرقاطاتهم، وهم يتحسبون لحظة مواجهة مع الغريم الأول روسيا، وبارجتها وحاملة طائراتها ترسو منذ زمن قبالة الشواطى السورية، فالمصلحة الأمريكية وحليفاتها تتطلب حصولها على حصة لها بالمنطقة، والحلم الأمريكي أن تجر روسيا والصين وكوريا إلى أرض ليست أرضها لتمارس حرب عالمية شعواء جديدة، تحرق الأخضر واليابس، وتقضي على دول المسلمين والإسلام، على أن العرب وقودها، ودول الخليج تدفع فاتورة هذه المعركة التي ستجرب فيها كافة الأسلحة الحديثة على شعوب المنطقة غير المرغوب فيهم، تدفع من محفظة دول الخليج، هذا إن كانت دول الخليح تريد فعلاً المحافظة على مصادر نفطها وناطحاتها الضخمة الخيالية سالمة، ومشاريعها السياحية الفخمة دون ضرر.

سيناريو شيطاني مخيف ورهيب ذلك الذي ترسمه أمريكا ودولة الاحتلال والحلفاء، للسيطرة على كافة المنطقة والسماح لإسرائيل التمدد بالمساحة حتى أرض الرافدين بالعراق وسوريا ولبنان والأردن وجزء من مصر ونهر النيل.

الآن مع تعاطف الشعوب العربية في كل مكان من العالم مع أهل غزة وفلسطين وتعبيرهم بالخروج إلى الشوراع والاعتصام تعبيرا عن غضبهم، فيما هناك مهمة من الضروري ممارستها ليشعر الشباب بقوة الأثر الذي تركوه وتسبببالخسارات الاقصادية للشركات المصنعة التي تعبر عن تضامنها مع العدوغير آبهين بل إنهم يجاهرون بذلك بذلك علنا.

فيا أيها المعتصمون النشطاء على هونكم ألم تلاحظوا أن اعتصاماتكم ووقوفكم بالساعات ليس بكافٍ لدعم قضية فلسطين والقطاع، أمام الكلاب المسعورة التي حان وقت إطلاق رصاصة الرحمة على رؤوسها لخلاصها من الحياة وخلاص الأبرياء المنكوبين بضررها.

فإن كنتم ترغبون حقاً بعون متضرري قطاع غزة وفلسطين وأن تشاركوهم بشكل ما بالحرب ضد جميع الأعداء، إسرائيل والحلفاء المجرمين بالطريقة الصحيحة والمنطقية..

فخذوا هذه الطريقة التي ستجعل أعداءكم يشطون وينطون كالمجانين وعيونهم تقدح شرارا، فلا تزعجوا وترهقوا شبابنا النشامى رجال الأمن الحُماة الذين يتركون منازلهم وشؤون حياتهم لتأمين سلامتكم وسلامة الممتلكات الرسمية والمدنية في بلادكم، ولا تجهدوهم بالبحث عن المندسين الشياطين المخربين لمقاصد إثارة الفتن.

فالأولى أن تمارسوا عملاً مؤثراً بل عميق الأثر في هز كيان حكومات الغرب الذين آثروا الوقوف في جبهة العدو ودعم أزره ومنحه الضوء الأخضر بالأعتداء الوحشي على المدنيين الغزاويين انتقاما، ليس لأن المناضلين كشفوا حقيقة هشاشة دفاعاته أمام مقاتلين أشاوش يتسلحون بقوة الإيمان والعزيمة الصادقة لا يهابون الموت أمام الواجب الأعظم.

فشل دفاعات العدو المتطورة، إضافة إلى جبن أفراد جيشه أمام شباب متسلح بالعزم والدين، وبأبسط الأسلحة المصنعة بالداخل الغزي من قطع الخردة، وذكاء التخطيط المتقن فقد أدهشوا العالم كله، فلم يجد النتن بدا من خلق الأكاذيب لتحسين صورته وصورة جيشه المنهار معنويا، إلا أن يزوِّر الأحداث والصور والفيديوهات، باثاً الأكاذيب المفتعلة أمام آلة إعلام إجنبية قوية ومنحازة.

لا يهم الأخذ بالبعد الحضاري وفق حسابات الديموقراطية المفتعله، فقد عرفنا أن هذه المصطلحات تستعمل فقط للاستعراض الكاذب، بعد أن تكررت الخدع والأكاذيب ووجدنا حكام الدول المستعمرة يقيسون بموازين مختلفة بعيدا عن العدالة وإحقاق الحق، ويغطون زيفهم وأكاذيبهم باعتذار سخيف دون أن يرتدعوا فيرتدوا، فقد تبين أنهم من صنف البشر الفاقد للضمير البشري والشعور الإنساني.

فيما العمل الذي يمكن القيام به بكل هدوء وحرفية هو مقاطعة كافة البضائع الأجنبية من الشركات والمصانع الضخمة، تلك التي أعلنت دعمها للعدو المجرم ومدَتهُ بالمال والدعم اللوجستي، وقيام المتطوعين بتوعية الناس بأثر هذا العمل البسيط على الإضرار بهاي الشركات حتى لا ندفع أموالنا لقتل أنفسنا بيد عدو بلا أخلاق، ومراقبة السوق لكشف التجاوزات، والتبليغ عن حالات التجاوز للجهات المسؤولة، لا لخلق المشاكل لكن لضبط عملية المقاطعة الايجابية بكل تعامل لطيف.

إن توحيد الصفوف بالعمل الجماعي التطوعي العقلاني غير المتهور وبوعي متمكن وبأسلوب لطيف هو اجراء ناجح، لأن المقتنع بالمبدأ لا يحتاج رقيب عليه، فيما الأسلوب العنيف يولد العناد والتصرف من وراء المراقبين.

ومن الأفضل إعطاء التجار فرصة لتنتهي البضائع التي كان تم شراءها مسبقا قبل إعلان المقاطعة، لأن لا يجب تحميل التجار الخسارات والأسواق تعاني الكساد.

فالمقاطعة أداة ضغط مهمة تساهم بتحقيق أهداف وطنية ودولية من خلال الدفاع عن حقوق الإنسان والمطالبة بتحقيق العدالة ، كذلك هي آداة ضغط للحصول على مكاسب بالسياسات، تعزز قيمة المنتج المحلي البديل وتدعم الاقتصاد المحلي من خلال زيادة الانتاج وتخلق فرص عمل، كذلك تعزز الوعي الوطني، الموازنة بضمان الأمن الغذاء والاقتصادي وتوسيع رقعة الزراعة، والأمر الأهم أن مقاطعة هذه الشركات تلعب دور كبير في دعم السيادة الوطنية والانتماء الوطني.