في كل منبر، في كل مرقاة، نجد سياسيين و رجال اقتصاد و خبراء و محللين يتحدثون عن مشاكل الشباب التي تتلخص لديهم في البطالة و المتربة و الحال أن العقبة تكمن في كون الإنسان اغترب عن نفسه، ذهل عن روحه ذلك القبس الإلهي المهيب فأضحى عبدا لما صنعه من أشياء.
نحن نحيا في مجتمع يبحث عن نسبك و لا يأبه لخلقك، يسأل عن مالك و لا يهتم لروحك ، أي لا يهتم لروحه فهل أضحى الشيئ أهم
من الجوهر.
فحين نلحظ إنسانا يغمص أليفا له خلقه الله من جذوة روحه الجليلة لإملاقه لضنكه أو لعلته ، فإننا نشهد موت الإنسان فيه، فيكون حينئذ قد لفظ روحه على قارعة الأشياء فإذ شنأ أخاه فقد شنأ نفسه ألم تولد كل الأرواح من شغف الله بأبنائه.
ذرأ الله ضرمة الحب في ابنه الإنسان ، حبا يتلظى فيه مذ أن غادرت روحه روح الجليل،ناح الآدمي وحشة و جوى، بيد أن صوت الإله في طويته ذكره أن الحب يسري في الروح و لا يهجرها .
إشتعلت في الله نيران عظيمة من الحب فطفق معجزة الخلق المهيب
أبرأ الأشجار و الثمار ومن ثمة درأ البهيمة
نظر إلى رواء خليقته و قال
لي فلذات روح حان ميلادهم
فماعساني أجديهم
تلظت روح الإله وجدا و احتدم بها زخيخ الحب و من ثمة ولد الإنسان رائعا مليحا
ثم طفقت رحلته لاجتناء الأنوار
آنسته فيها شمس ينير لظاها و قمر يمتحق و يبدر يضئ فيؤنس
ألفته الأشجار و جذلت به البحار
أحب الله الإنسان فأتم خلقه من روحه السامية و أجداه الكون
فليحب الآدمي أخاه و فليحل فيه حلول اللاهوت بالناسوت.