لماذا دمشق هي كموسكو بالنسبة لبوتين...؟. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لماذا دمشق هي كموسكو بالنسبة لبوتين...؟.

روسيا حسمت الأمر في سورية..انتهى

  نشر في 10 فبراير 2016 .

تتصاعد الأحداث على الجبهة السورية على نحو مقلق ومثير للغاية، فيما يبدو أنه دنوا لمرحلة الاصطدام الوشيك بين –الكبار- حول الملف، خاصة بعد فشل كل الوصفات الدبلوماسية، و انسداد كل السبل الممكنة للوصول إلى الحل السياسي ، مادام أن كل طرف متشبث بمواقفه وبرؤيته الخاصة عن الحل والطريقة التي يجب أن يكون عليها..

وفي خضم الغليان السياسي والحركية الدبلوماسية التي تشهدها الساحة الاقليمية والدولية، والتي توحي معه أن الأمور ستكون أكثر تعقيدا خلال المرحلة المقبلة، إذ كل المؤشرات تدل على أنها تتجه نحو المواجهة العسكرية المباشرة فيما بين القوى المتورطة في الملف بدل -الحرب بالنيابة- التي عليها الآن.

وفي هذا الصدد لا تزال تطرح الكثير من الأسئلة والعديد من علامات الاستفهام عن سر الإصرار الروسي -المستميت- للدفاع عن نظام بشار الأسد، و عن دواعي كل هذا الحرص الشديد من نظام الكريملين للحيلولة دون سقوطه في يد أي طرف آخر، وهو المستعد من أجل ذلك للدخول في حرب إقليمية كبيرة وربما عالمية حتى لو تطلب الأمر ذلك.

لكن هل صحيح أن روسيا يهمها فعلا بقاء حليفها بشار الأسد من على كرسي الحكم؟، وهل هي مستعدة من أجل ذلك لخوض مواجهة عسكرية مع أي طرف كيفما كان بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها؟ أم أن الأمر بالنسبة لها شأن آخر وأن المسألة هي حسابات أخرى أكبر ربما من بشار ونظامه وأكبر حتى من إيران كآخر حليفين متبقيين له في المنطقة؟.

الملاحظ أن الأمور بالنسبة لروسيا أكثر تعقيدا من ذلك، كما نعتقد كذلك أن موقفها من الأزمة السورية غير مرتبط بالضرورة بشخص الأسد ولا حتى بحليفته إيران، بقدر ما أن موقف الساسة في الكريملين -الغير قابل للتزحزح- على الأقل في الوقت الراهن، أملته ضرورات جيو-إستراتيجية مرتبطة بشكل وثيق بدور وموقع روسيا المستقبلي من صناعة القرار السياسي العالمي والتأثير فيه.

فما لا يريد أن يفهمه الكثيرون بما فيهم الإخوة داخل العربية السعودية ولا حتى إيران نفسها –حتى وان تقاطعت في نفس الرؤية مع روسيا حول القضية-، هو أن الأخيرة ما كانت أن ترمي بكل ثقلها وتجعل من قضية بقاء نظام بشار الأسد قضية أمن قومي روسي، بل وقضية وجود لنظام بوتين نفسه، لولا أنها تعرف جيدا أن سقوط سورية سيشكل بالنسبة لها خسارة إستراتيجية لن تعوض، وان سقوطها في يد طرف آخر يعني سقوط (الحلم الروسي) باستعادة روسيا السوفياتية، وروسيا ما وراء الحدود الذي تبناه "بوتين" منذ اعتلائه الحكم.

فروسيا تعي جيدا أكثر من غيرها أن سقوط سورية بشار يعني سقوط آخر معقل للتواجد الروسي في -ما وراء البحار-، إذ باستثناء قاعدة عسكرية وحيدة في فيتنام فإن روسيا ستجد نفسها مكشوفة تماما أمام الغرب، و بدون أي عمق استراتيجي يمكنها من خلاله المناورة أو المساومة في أي صراع أو توزيع محتمل للنفوذ مع الولايات المتحدة على مختلف القضايا الإقليمية والعالمية المختلفة بعد ذلك.

فالتواجد الروسي الحالي في سورية من خلال قاعدة ميناء طرطوس البحرية، والقاعدة الجوية في اللاذقية، جعلها تملك أحد أهم الأوراق الإستراتيجية التي تمكنها من خلق نوع من التوازن الاستراتيجي النسبي مع الولايات المتحدة، وهذا ما يعني أن سقوط سورية في يد الغرب أو حلفائه في المنطقة، سيعني في جزء كبير منه نهاية الدور والتأثير الروسي على القضايا الهامة في العالم وفي الشرق الأوسط بالتحديد.

ومن هذا فإذا كانت روسيا من اجل ذلك كله، وقفت وجابهت الولايات المتحدة، خلال أكثر من مناسبة سابقة حتى قبل اندلاع -الثورة- على النظام داخل البلد، مغامرة بذلك باحتمالية حدوث مواجهة بين الطرفين لو أن الأولى كان لها رأي آخر مثلا غير المهادنة كما حاليا، أو حتى حدوث حوادث بين الطائرات الحربية للدولتين من التي تعج بهما سماء سورية..، فلا نعتقد أنها ستسمح لا للسعودية ولا حتى لتركيا أو أي دولة أخرى أن تقوم بذلك الأمر، فحتى إسرائيل مثلا الأكبر قوة والأكثر تأثيرا من السعودية على كل الأصعدة والنواحي، ولم تستطع إثناءها على الأمر فكيف يمكن أن تقوم الأخيرة بذلك إذا..؟؟ .

فما يجب أيضا أن يعرفه الأشقاء داخل العربية السعودية جيدا قبل الدخول في مقامرتهم الجديدة، هو أن نظام بشار الأسد لم يعد هو من يقرر ماذا يجب أن يقوم به أو ما يجب أن يكون أو لا يكون، و كتائبه لا تقاتل من اجل بقائه في السلطة كذلك ، فالأمور أكثر تعقيدا بكثير، وبشار لم يعد هو من يحكم ولا من يقرر مصير البلد، فلم يعد أي شيء بيده لأنه هو الآخر أصبح مجرد رقم داخل اللعبة الأكبر.

فروسيا حسمت الأمر في سورية، وهو ألا حل إلا بضمان مسبق أنها ستبقى في البلد وسيبقى البلد خاضعا لنطاق تأثيرها وحدها، غير ذلك فهي غير مستعدة حتى للحديث ولا النقاش في الأمر على الأقل في الوقت الراهن، ذلك ليس حبا في الأسد ولا حتى من اجل حليفها (الحربائي) إيران ، لكن دواعي ذلك هي من خلال ما ذكرناه سابقا.

ولعل توقيعها مؤخرا لاتفاقية عسكرية مع النظام السوري بامتيازات من شبه المستحيل أن تتأتى لأي دولة عظمى تريد أن يكون لها تواجد عسكري (قانوني) داخل بلد آخر ذو سيادة، فالاتفاقية ستمكنها من البقاء في البلد إلى الأبد ما دامت غير مقيدة بأجل محدد، ناهيك عن امتيازات -خيالية- للروس، ومنها إمكانية للعسكريين الروس والشحنات أن تمر داخل وخارج سوريا دون أن تخضع لأي ضوابط من قبل السلطات السورية، كما أن السوريين لا يمكنهم أن يدخلوا القواعد العسكرية الروسية دون إذن من روسيا.

يعني أنه حتى الحكومة السورية نفسها، لا يحق لها الدخول إلى أي مكان تتواجد فيه القوات والقواعد الجوية الروسية على أراضي سوريا، إلا إذا وافق القائد الروسي على دخولها.

زد عن كل هذا وذاك، فمصادر عديدة كشفت أن باشرت مؤخرًا ببناء مدينةٍ عسكريّةٍ كبيرةً جدًا على الأراضي السوريّة، إلى الجنوب من مدينة اللاذقيّة، وهذا يؤكّد على أنّ الجيش الروسيّ يعد نفسه ليبقى لسنواتٍ طويلةٍ على الأراضي السوريّة، ويوحي كذلك بأن روسيا مستعدة أن تكافح إلى آخر رمق من أجل الحفاظ على موقعها داخل البلد.

يعني من كل هذا وذاك فالقضية هي قضية وحسابات -طموحات- روسية بالدرجة الأولى، ومن يريد حلا للمشكل فعليه بذلك النظر مع ساسة الكريملين فهم من يملكون الجزء الأكبر من مفاتيح حل الملف، وعندما يتأتى ذلك عليهم بدرجة ثانية أن يحصلوا على بقية المفاتيح من ولاية الفقيه، لأنها هي الأخرى لها نفس الأسباب والدواعي الروسية في البلد، وهي الأخرى غير مستعدة لتحمل فقدان النفوذ في هذا البلد.

غير ذلك، فعلى العربية السعودية وحلفاؤها إذا أن تجهز نفسها للمواجهة المباشرة مع الدولتين الكبيرتين، ومعهما حلفائهما من الجماعات المسلحة وبقايا جيش النظام، وهو الشيء الذي لا نعتقد أنها تستطيع له ذلك، حتى وان كان معها بلدان أخرى من ذلك الحلف (السني) الذي سبق وان قامت بتشكيله، إذ إذا كان الحلف لم يستطع استعادة العاصمة اليمنية من الحوثيين(وليس حتى هزمهم)، فكيف بها أن تهزم نظام وحلفاء بشار مع أنه بالطبع لا مجال حتى للمقارنة على أي صعيد من الأصعدة .



   نشر في 10 فبراير 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا