الحيوانات عند المغاربة
أمثلة لبعض الحيوانات في التصور الشعبي المغربي.
نشر في 19 يونيو 2019 .
ينظر المغاربة للحمار على أنه رمز البلادة و الغباء بامتياز، بينما يعتبر في الولايات المتحدة الأمريكية رمزا معروفا للحزب الديموقراطي عندهم. هكذا تكون اختلافات الأمم و الشعوب في نظرتها للحيوانات. تختلف اختلافا قد يصل إلى حد التضاد في ما يدل عليه كل حيوان. و قد أحببت أن أورد في هذا المقال نظرتنا في بلاد المغرب لبعض الحيوانات و ما تدل عليه عندنا من خير أو شر.
الحمار
هو أكبر رمز معروف عندنا في الغباء و البلادة، و قد ينافسه الضبع في هذه الصفة إلا أن الحمار تميز بجمعه في التصور الشعبي بين ضخامة الجسم و قوة البدن و بين الغباوة و الرقاعة فلم تغن عنه ضخامته من العقل شيئا، فلذلك كثر أن يشتم به من أضاف إلى عرض منكبيه وامتلاء جسمه قلة عقله و بلادة طبعه. و الحمار في الحقيقة ليس بذلك الغباء المتصور، بل هو أذكى من كثير من الحيوانات. ألا ترى كيف يمكنه أن يرجع وحده للحظيرة دون قائد يقوده أو سائق يسوقه. و لقد بلغت دلالة كلمة الحمار و مبالغتها في الذم عندنا أنه لا يتلفظ بها أحد إلا و أتبعها في الغالب بكلمة حاشاك أو حاشاكم تنزيها للمخاطبين من أن ينعتوا بهذه الصفة أو تتلوث أسماعهم عند ذكر هذه الكلمة، رغم أن الله سبحانه و تعالى قد ذكرها في القرآن الكريم و لم يتبعها بكلمة التنزيه هذه.
و يكفي لإظهار مدى الاحتقار و الازدراء الذي تدل عليه كلمة الحمار عندنا القولة الشعبية التي التي تفيد بأن "الحمار مجرد حمار".
الكلب
الكلب عند العرب في ما أعلم ليس مذموما، فقد كانوا يسمون كلبا و كَُلَيبا و كِلابا، و لكنه في التصور الشعبي عندنا مذموم محتقر. يدل على الخسة و الوضاعة و عدم الوفاء، رغم أنه على الحقيقة من أوفى الحيوانات بل أوفاها. و من الأمثلة الشعبية التي تذكر الكلب: "باش تسخر الكلب تجيبو"، و معناه في ما أرى أنك لكي ترسل الكلب في قضاء حاجتك فعليك أولا أن تحضره، فلو ذهبت بنفسك لقضاء حاجتك دون الاعتماد عليه لكان خيرا لك. و من الأمثلة أيضا قولهم "حتى تقوم الصيادة عاد يمشي الكلب يقضي حاجتو" و معناه أن الكلب لا يتذكر قضاء حاجته إلا عندما تنطلق رحلة الصيد و يكون الصياد في أمس الحاجة إليه. فهو في كلا المثلين رمز لكل شخص لا يعتمد عليه.
السلحفاة و الحلزون
هما رمزان للبطء الشديد في الحركة أو العمل، كما قد يدل الحلزون على الغباء. و من الأمثلة التي تذكر السلحفاة عندنا : "عضة فالفكرون و لا يهرب" و معناه: أن تدرك عضة في السلحفاة خير من تدعها تهرب و هو مثل يذكر في أن اغتنام الفرص و لو جزئيا خير من تركها تمر سدى.
الثعلب و الذئب
هما رمزان للحيلة و المكر و الخداع و الدهاء في الشر. فإذا قيل عن الرجل إنه ذئب فإن ذلك و إن كان اعترافا له بالذكاء و الفطنة، فإنه ذكاء في منكر، و فطنة في غير معروف.
الأسد
و يطلق عليه عندنا اسم السبع، و هو من الحيوانات التي قلما يختلف الناس في ما ترمز إليه من القوة و الشجاعة و الهيبة. و كثر أن يطلق على الزوج المهاب الذي إذا حضر كان بمثابة الحماية لأهله فلا يجرؤ أحد حتى على النظر إليهم بحضرته. و المغاربة يقولون أيضا "كن سبع و كلني" أي كن أسدا و كلني، و هو مثل يقال في من تجرأ على قول كلام أو اقتراف فعل غير مدعوم بقوة علمية أو عضلية، فيبقى مجرد كلام لا قيمة له أو فعل يعاقب عليه صاحبه بدل أن يكون في مستواه.
الحصان
الحصان عندنا رمز للعز و الخير و الغنى و الأبهة و الصحة و القوة. فيقال: "صحيح بحال العود" أي "قوي كحصان". و من الناس عندنا من إذا أحب أن ينادي صديقه الحميم باسم محبب ناداه ب"العود" و هو اسم الحصان في بلادنا. و من الأمثلة الشهيرة الموظفة للهوة السحيقة بين الحصان و الحمار قولهم: "آش دخل حمارك للتبوريضة" و معناه التقريبي ما الذي أتى بحمارك لساحة الخيل. و هو مثل يقال في حق من أدخل أنفه في ما لا قبل له به أو حشر نفسه في أمر من الأمور بغير مؤهل و لا صفة معتبرة.
خاتمة
و ما هذه إلا أمثلة قليلة لحيوانات لها رمزية سلبية أو إيجابية في أذهان المغاربة، و إلا فغيرها كثير كالأفعى رمز المرأة الشريرة، و الفأر رمز الرجل الجبان، و الفيلة رمز المرأة السمينة و القرد رمز الرجل السخيف و الخنزير البري رمز القوة مع الهمجية فيقال لمن اتصف بهاتين الصفتين: "حلوف صافي".
-
ياسين اشبانعبد من عباد الله و رجل من المسلمين