بينما كنت أقرأ مقالات من يكتبون في هذا الموقع ؛ فإذا بالموضوع يشد ، وإذا القصة تجر ، ولكن ما إن قرأت لهم حتى راحت الشدة ، وبعد أن جرتنا أطلقتنا .
حرف يذهب وحرف يعود ، وإن الحروف قد أصبحت كالقتيل المضرج بدمائه ، وكاليتيم بلا أب يدافع عنه ، ولا أمٍّ تحفزه ، ولا أخٌ يدفع عن أخيه الضرر والضنك .
ورأيت كأن الحروف قد قبضت وعلامات الترقيم قد نسفت ، وشروط الكتابة قد نُقضت ، فهل لنا اليوم من يثأر لحرفنا ويدافع عن لغتنا وعن قواعدها وعن إعرابها وعن بلاغتها ؟ حتى أصبح أبناء العرب يكتبون العامية بلا مبالاة وعلى حساب فصحتنا تدوم عاميتهم ، وأنا لست ضد العامية ولكن ضد أن تكتب وأن تدون ، وأن قواعد الكلام هي التي تثبته ، وأن العابث ليس له من اللهو إلا أن يعبث ، وهذا لعجزه وسفهه ، وإن الأخطاء الكتابية قد تغفر أمام من يكتب بالعامية وهو راضٍ عنها ، وساخط لفصحة لغتنا وفصاحتها ، فإن كنت كاتبا فالتزم بالكتابة ما أمكن وإن كنت عابثاً فاعبث بغير مكان ، وإن كنت سفيها فاجعل سفهك على نفسك ، وإن كنت حليماً فلا بد أن تتعلم وأن تصحح ما أخطأت به وما تماديت فيه .
لقد شددت في قولي إذ أن القوم قد زاغوا عن القواعد والقوانين ، والقانون في اللغة كالقانون في البلد إن أخطأت عدلك وإن تماديت ردعك وإن إحترمته نفعك ...