حين يزول خوفهم ... تبقى النثائج تحت رحمة الله - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حين يزول خوفهم ... تبقى النثائج تحت رحمة الله

و قد زال خوفهم

  نشر في 07 يونيو 2016  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

طبيعيا و فطريا يخاف الناس من عصى الجلاد و تبدو لهم مرعبة، و حالما تتذوق جماعة من البشر مرارتها، إلا و يختفي ذلك الخوف من قلوبهم،  مهما بلغت خسائرهم المادية من القتل و التعذيب و الجرح و الجوع و الحرمان و التشريد و التنكيل و غير ذلك، فتتعود نفوسهم على أن ذلك  لا ينقص من عزيمتهم شيئا بل و لا يستحق حتى الخوض من أجله، لانه يبقى ماديا سطحيا أمام الدفاع عن قضيتهم الجوهرية الروحية الإيمانية.  غالبا ما ستقسو القلوب حال اختفاء ذلك الخوف الذي كان، و سيدخل هؤلاء ذلك بعد ذلك في زمن جديد تنقش دماؤهم تفاصيله في الأرض و الجدران، و يحكي عنه الناس و يصير كلاما يُقال و ربما يكتبه أحد من مؤرخي ذلك الزمان فيغدو محفوظا أبد الآبدين.
يكون جل اولائك الناس في ذلك العهد الجديد مناضلين من أجل القضايا التي يتفق عليها رأيهم العام على أنها عادلة، و لا يخشون من العقاب ثانيا لأنهم قد ذاقوا جحيمه من قبل، و لا ضير في تكرار ذلك مرة أخرى لأن الخوف قد زال.
فبعدما كان الإعلام يصور نساء سوريا في مسلسلات العشق و التراث و التاريخ بأنهن يفتن بجمالهن و بأن أكبر مشاغلهن هو الحياة و اقتناء مواد التجميل و الأزياء ، صرن اليوم رمزا للمقاومة و الصمود، من أجل الحرية و حقوق الناس و لا يبالين لا ببرد الشتاء ولا بشمس الصيف الحارقة ولا بجيش جبان يخضع لأوامر فاجر أناني أعمى القلب قبل العينين.
و تشهد بلادنا المغرب نمو جيل جديد من المواطنين، فطلبة الطب مثلا لم يرتح لهم البال إلا أن أخذوا نصيبهم من الحقوق و لم يكن أحد ينتظر منهم وقفة الرجل الواحد و اتحادهم على كلمة واحدة، فصمدوا في الساحات ضد كلاب الدولة المسعورة المتعطشة إلى آلام الشعب.
هكذا يموت الخوف و يدفن في قلوب الناس فيصيرون أفراد و جماعات، ينكرون ذواتهم و ذووا شرف عازمين لا يخشون لأنهم ذاقوا مرارة الظلم مرة، و عزيمة نفوسهم تدفعهم و تضخ فيهم دماء تتجدد لحظة الإحساس بهذا الظلم، فينقلبون على أُسسه التي تتجسد لنا في أفعال الحاكمين الجائرين، في حين أن مفهوم الدولة أُقيم أساسا للخروج من قانون الغاب و صيانة حقوق الضعفاء قبل الأقوياء و ليس عكس ذلك.
فما يحدث اليوم في العالم العربي أقوى مثال لتخلص الناس من القيود النفسية، التي كونتها الأنظمة التي امتدت خيوطها من القرن الماضي. فبعدما فقد الرجل أبناءه و زوجته و أمه و أباه تحت الأنقاض أو نثيجة البندقية الظالمة و القصف الروسي الجائر، سوف يأخد على عاتقه بشكل صائب طبيعي أنه لن يترك سرطان الظلم ينخر في أجساد أبرياء آخرين. فلا الأسد يقدر على حصره و لا روسيا تستطيع إلقاء قنبلة عليه ولا أمريكا عازمة على أسر يديه و لا أوربا تتمكن من إخماده بتأشيرة سفر إلى أراضيها و لا المجتمع الدولي قاطبة قادر على الوقوف أمامه. شكل هذا الفرد شكل هؤلاء المظلومين قاطبة، فصارت النتائج تحت رحمة الإله وحده.


  • 1

   نشر في 07 يونيو 2016  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا