إتحادنا بالغربة وطن - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

إتحادنا بالغربة وطن

وطننا اللآخر

  نشر في 15 يوليوز 2023 .

لا غرابةَ في أن يتحرى كل امرئ قبل أن يرسلَ ولده وفلذة كبده لبلادِ المهجر للدراسة، أن تذر ابنك وحيداً يتخبطُ في بلد غريبة ليس بالأمر السهل! كان هذا فيما سبق..

لربما حتى اليوم، ما يزالُ أناسٌ كُثر يجهلون دور الاتحادات الطلابية وما تقدمه لكل طالبٍ في غربته، ومن قرأ لربما قرأ التعريف العام، في أن الاتحادات إنما تكون عبر اجتماع عدد من الطلاب لتشكيل كيان وانتخاب هيئة تُمثلهم وتتحدث نيابةً عنهم في الجامعة.

لكن قد يُهملُ كثيرون، الدور الذي يمثِلُ -من وجهة نظري- أهميةً عظمى لكل طالب مبتَعث، ألا وهو المحيط الآمن، والملجأ الوطني الأصيل الخالص، فأن يصل دور الاتحاد ليمثل بلده ودولته أمام مؤسسات الدولة التي هاجروا إليها حاملين همَّ بلدهم وطرح ومناقشة قضاياه، فهذا ما لم يرد في تاريخ الاتحادات الطلابية! وأن يكون الطلاب عائلة كبيرة، جسداً واحداً يتداعى بعضهم لبعض، فهذه والله الغنيمة!

في أواخر الخمسينيات من القرن المنصرم، يلتقي مجموعة من الطلاب في مصر.. أم الدنيا آنذاك عن حقٍ وحقيقة، ليجتمعوا مؤسسين أول اتحادٍ يمني طلابي، لَما كان هدفهم الرئيسي هو تلقي تعليمهم الأكاديمي والعودة لخدمة بلدهم وفي جعبتهم تجارب رأوها وعاشوها..

وعلى تباعد مدنهم، وجهلهم ببعضهم البعض، كُلٌ من مدينة وكلٌ من منطقة.. بالرغم من ذلك: أسَّسوا أول اتحادٍ طلابي يمني.

كانت اليمن، أمهم وبلدهم اليمن تحت حكم الإمامة المستبد؛ وكان ممكناً جداً.. أن يتعلم الطلاب، وينتهوا من تعليمهم دون أن يحدثوا كثيراً أو قليل -كما فعل مَن قبلهم! – كان من الممكن أن يجعلوا همهم أنفسهم، ويتعللوا بالعلم، ليتناسوا الواقع المرير الذي تعيشه اليمن، إلا أنه غلبَ عليهم الحب، وأذعنوا للإيمان والضمير، استجابةً لكل يمني، وتلبيةً لوطنهم.. تركوا كل فكرٍ ضيق، واتسع مرآهم ليشملَ كلَ مستطاع! لخدمة هذا البلد.

بدأوا بالانضمام للمؤتمرات التي ضمتها القاهرة، طرحت القضايا العربية الكبرى آنذاك، قضية فلسطين، التعريب، وغيرها.. وأحسنَ الاتحاد اليمني استغلال تلك المؤتمرات أحسنَ استغلال، فطرحوا ملف القضية المنية، وطلبوا الدعم العربي...

ثم قاموا بمجهودٍ جبار في التنسيق مع الداخل والخارج ضدَّ الإمامة لكسر شوكتها وتحطيم كهنوتها، وبالفعل.. كان ذلك.

خرج الناس من كل فجٍ عميق، ولم يلبث أن أُسقِطَ حُكم الإمامة الغاشمِ المستبد، واستُبدِلَ بالحكم الجمهوري..

بلا شك أنه هنالك أحداث وعوامل كثيرة ساعدة لنجاح الثورة وإشعال نار الشعب المظلوم في وجه استبداد الإمامة، لكن الأمرُ أن الشرارة الأولى، والتي غيرت من مصير بلد وأمة، كان شرفها لاتحاد الطلبة اليمني!

وها هو اليوم، الاتحاد اليمني يصنعُ تاريخهُ المجيد في أرض الأناضول، مركز الدولة العثمانية "تركيا"

منذ أن اتخذ الطلاب اليمنيين تركيا وجهةً لهم، وجعلوا لهم فيها مستقراً وقدما، بدأوا بتأسيس وطنهم المُصغّر "الإتحاد اليمني في تركيا" عام 2016.

ومن اللحظة الأولى بدأ الاتحاد اليمني بالمشاركة الفاعلة سواء بالخدمات الطلابية، أو بتمثيل المجتمع اليمني ونقل الصورة الإيجابية للمجتمع التركي، وجميع المؤوسسات الخاصة والحكومية مما عزز العلاقات الثنائية، اليمنية التركية..

وقد حظيت تلك الجهود المباركة بالامتنان التركي عموماً، وانطبعت في الأذهان الصورة اليمنية الأصيلة، تلك الصورة الحسنة البهية الصادقة التي يتمتع بها المجتمع اليمني، قام بتمثيلها الاتحاد اليمني للطلبة خير تمثيل؛ وتوسعت دائرة العلاقات شيئاً فشيئاً إلى أن أصبحت علاقة مباشرة مع البلديات.. ثُم طالت وزارة الداخلية التركية.

إن طلاب الإتحاد اليمني يعيشون في تركيا أحداث اليمنِ لحظةً بلحظة، يفرحون بفرح أهلهم هناك، ويحتفلون بمناسباتهم وأعيادهم الوطنية، يرتدون لباسهم التقليدي الشعبي، ويُرقصون رقصاتهم الشعبية، ويدعون جميع الأجناس لمشاركتهم الفرحة والثقافة اليمنية! مما أثار إعجاباً ملحوظاً من قِبلِ جميع الجاليات الموجودة في تركيا، بل وساعد على نقل ِصورة بهيةٍ عن ثقافة المجتمع اليمني العريق..

أيضاً، يعيشُ طلاب الإتحاد اليمني أحزانَ اليمن كما يعيشها أهلهم، وبالرغم من إمكانيّاتهم البسيطة، إلّا أنهم يقفونَ كالجسدِ الواحد متى ما وجدوا الفرصة للوقوف.. فتارةً تجدهم قد ساهموا في حملةٍ لدعم المتضررين من النزوح، وتارةً تراهم يقومونَ بالحملات الكبيرة والصغيرة لكِسوة الأُسر الفقيرة في اليمن، والجميلُ في الأمر.. أنهم حتى ذلك الجندي في الجبهات، لم ينسوه من لفتاتِهم المخلصة الصادقة..

وما انتهى أمرهم إلى هنا وحسب!

فعندما شاءت حكمة الله و قُدّرَ لتُركيا أن يضربها الزلزال، بادر الاتحاد اليمني وسعى لتشكيلِ لجنة التنسيق والطوارئ، وبشكل عاجل شُكِّلَتّ فِرَق الإنقاذ وأُرسلت من فورها للأماكن المتضررة.. وقد ساهموا خير مساهمة إلى جانب فِرَق الإنقاذ الأخرى في المناطق المتضررة.

وسرعان ما قاموا بعد ذلك بإنشاء حملة بالتنسيق مع السفارة اليمنية والجالية والجمعيات والترتيب لقافلة يمنية مكونة من عشرِ حافلات حوت ما حوت من المعونات اللازمة، وانطلقت من فورها..

نعم كلُ تِلكَ الأدوار التي ذُكِرَت آنفاً، والتي ما اتسع المجال لذكرها، لم تقم بها دولة! إنما "اتحاد الطلبة اليمنيين"

ومتى ما كان شعارنا "اتحادنا في الغربة وطن" فإنما نعني ما نقوله حرفياً.



   نشر في 15 يوليوز 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا