كيف أظهرت برامج المقالب الوجه الطبقي المتنمر للفنانين
كيف أظهرت برامج المقالب الوجه الطبقي المتنمر للفنانين
نشر في 01 مارس 2023 وآخر تعديل بتاريخ 05 مارس 2023 .
كتب: محمد شريف
"عندما يتوتر الشخص أو يٌستَفَز فإنه يٌظهر جزءًا من حقيقته التي يخفيها"..
أعتقد أن هذه هي الفكرة التي تقوم عليها معظم برامج المقالب، التي يكون هدفها الأساسي -وربما الوحيد- هو إضحاك المشاهدين الذين يستمتعون بمشاهدة نجومهم وهم على حقيقتهم، بدون الرتوش والابتسامات الزائفة والكلام المعسول الذي يُزَيِن لقاءاتهم أمام الكاميرات.
شهدت الشاشة الصغيرة في الألفية الجديدة، ومع انتشار القنوات الفضائية، عددًا لا بأس به من برامج المقالب (التي أستبعد منها برامج الممثل "رامز جلال" الملوثة بشبهة "الفبركة" وخداع المشاهدين).
من بين تلك البرامج كان ذلك البرنامج الذي حمل اسمًا خليجيًا لأن الشركة المنتجة له كانت كويتية، وهو برنامج "حيلهم بينهم" الذي حقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا لدرجة تقديم موسمين منه و ٣ برامج أخري تحمل نفس الاسم، أو أسماءًا مشابهة، وهي "حيلهم بينهم كمان وكمان" و"حيلهم بينهم من الآخر" عام ٢٠١٠، و"حيلهم بينهم الصلح خير" عام ٢٠١٢، وجميعها حققت نجاحًا لا بأس به، حتي وإن كان أقل من البرنامج الذي قدمه المذيع والممثل عمرو رمزي عام ٢٠٠٧.
اعتمد عمرو رمزي في "حيلهم بينهم" على استفزاز الضيوف فظهروا على حقيقتهم، فشاهدنا الفنان الراحل خالد صالح بأدبه المعهود وتواضعه المعروف لتظهر حلقته كوثيقة تُحسب له جعلت المشاهدين يترحمون عليه بعد وفاته، في حين ظهر فنانون آخرون في شكل غير لائق كان يستدعي منهم المطالبة بمنع عرض الحلقة لكي لا يظهروا بهذا الشكل المسيء، فشاهدنا الممثل الراحل ط.ز وهو يتبدل ويغير رأيه في الملحن عصام كاريكا الذي شارك في تنفيذ المقلب، فبعد أن وصفه ط.ز بأنه "شنكوتي" وغير متخصص، عاد وقال إنه موهوب ودارس، كما قال للمذيع مستنكرًاخلال الحلقة: "انت قاعد مع مِنَجّد؟" وهي بالطبع الجملة التي تحمل قدرًا كبيرًا من الطبقية والتعالي، وشاهدنا الكوميديان الراحل س.غ وهو يسخر من الجمهور ويقول للمذيع:"دي عيال من صفط اللبن ودرب اللبان ومش معاهم فلوس يرجعوا" بالإضافة إلى سخريته من طريقة تحدث أحدهم، كما سخرت الممثلة هالة فاخر من شكل واحد من الجمهور المشارك في المقلب وقالت له ساخرة: "يا عم روح بمناخيرك دي" وهو نفس ما فعله عصام كاريكا في حلقته التي ظهر فيها ضعفه وعدم ثقته في نفسه وعدم تقبله لأي نقد وكأنه فوق الجمهور.
مجموعة من الأسئلة وجدت نفسي أمامها عندما شاهدت بعض حلقات البرنامج الكوميدي:
لماذا لم يطالب هؤلاء الفنانون بمنع عرض الحلقة؟.. هل بسبب "السبوبة"؟ أو أنهم لا يجدون حرجًا من ظهورهم كمتنمرين؟! وهل السبوبة تجعلهم لا يهتمون بنظرة الجمهور لهم بشكل سيئ يجعلهم يخسرون سبوبة أخرى فيما بعد؟ هل الطمع في أجر الظهور في البرنامج أعماهم وجعلهم لا يرون أنفسهم كمتنمرين أم أنهم يعتبرون التنمر أمرًا عاديًا لا يعيبهم؟ وإذا كانوا لا يعتبرون التنمر والعبارات الطبقية من الأمور المخجلة، فما هو مستوى الفن المتوقع منهم؟
يمكن أن نعرف إجابة هذه الأسئلة بمشاهدة برامج رامز جلال -الملوثة بشبهة الفبركة كما ذكرت- فهؤلاء الفنانين قبلوا أن يظهروا معه ويراهم الجمهور وهم أمام نيران سخريته اللاذعة التي وصلت لحد الإهانة، قبلوا ذلك من أجل "السبوبة".
-
محمد شريفمونتير وصانع أفلام مستقل