التساؤل مغزى الحياة. لذلك علينا أن نخضع كل مناحي حياتنا إلى تساؤل هام جداً ، و يجب أن تكون الإجابة عليه متوافقة مع قواعد العقل والنقل، وذلك السؤال هو: لماذا؟؟؟
لماذا خلقنا بشرآ ولم نخلق ملائكة فطرت على الطاعة؟. لماذا هبط آدم وزوجهمن السماء إلى الأرض؟، هل بسبب خطيئته الأولى أم أنه خلق لها؟. لماذا جعلنا الله مخيرين ولسنا مسيرين؟. لماذا أصبحنا مسلمين أو مسيحيين أو غيرها من ديانات أخرى.
نجد أن إجابة كل تلك الأسئلة تكمن وتنبع من تميزنا ومفردات بنعمة العقل.
فبالعقل فضلنا عن الملائكة وجعلنا خلائف الله على أرضه. وبالعقل نجد أن هبوط آدم وحواء من السماء إلى الأرض ليس اقترافآ عن ذنب أو خطيئة، لأن الله جعل توبته عليهم قبل الهبوط، كما أنه بالتدبر في محكم آيات الله عند تحدثه مع ملائكته قبل خلق آدم قال لهم :(إني جاعل في الأرض خليفة)، أي أن آدم وحواء خلقا لتلك المهمة وليس هبوطهما عن ذنب أو تكفير عن إثم.
وبإعمال العقل والتفكر والتدبر نرى أن الله اكسبنا هبة التخيير لأنه منحنا عقلآ فضلنا به عن سائر مخلوقاته، فبدون العقل يسقط التكليف والجزاء، فكيف نحاسب على شئ سيرنا عليه.
أما من حيث خلقنا مسلمون أو مسيحيون أو غيرها من ديانات أخرى، نجد أن تلك القضية شائكة جدآ عند خضوعها للفحص والتفكير، و ذلك للصبغة القدسية التي تصطبغ بها كل تلك الديانات لدى نفوس المؤمنين بها، وكأن التقديس - لديهم - يمنع ويحجب التفكير.
إلا أن خضوع الديانات السماوية للتحليل العقلي من أهم أسباب الاقتناع بها والخضوع تحت إمرتها والإسلام لها والإيمان بها. والدليل على ذلك عند قول المؤمنين لرسولنا محمد الكريم: إن آمنا، قال لهم لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا، وذلك لأن الإسلام هو التوجه إلى الله، أما الإيمان فهو ما وقر في القلب وصدقه العمل، وهذا العمل لن يتأتى أو يصدق إلا بالعقل والتدبر والتفكر والتفقه، لذلك علينا التساؤل: كيف يتنافى التقديس مع التفكير؟
ولنا في حجة الإسلام الإمام الغزالي خير مثال ونموذج، حيث لم تمنعه قدسية الدين الإسلامي من تناول وطرح تلك القضية للمناقشة والبحث لديه، فلم يكتف بقول: هذا ما وجدنا عليه آبائنا ، بل إنه أخضع إيمانه إلى التدبر لكي يكون إيمانآ قوياً راسخآ لدى النفس قائماً على العقل والمنطق ثم الفهم الصحيح للدين وتعاليمه، وليس قائماً على توارث وتبعية العقائد من الآباء أو ثقافة السابقين.
لذلك تفكروا تنعموا برضا الله، وتغنموا بنعيم الجنة، وتتجنبوا سخط عذاب النار.
بقلم د / فاتن ناظر
-
دكتورة فاتن ناظرإذا كان في الكتابة حياة ففي القراءة حيوات
التعليقات
أظن أن السبب الرئيسي للجمود و رفض الناس للتفكير في الدين ليس بسبب تقديسنا للأديان و رفضنا المساس بها كما ندّعي بل بسبب كسلنا عن البحث عن الحقيقة , فمن منا مستعد أن يجوب العالم بحثاً عن الحقيقة مثلما فعل الغزالي مثلاً , لذلك نكتفي بالتمسّك بما ورثنا عن آبائنا و الدفاع عنه دون تفكير .