كاتب فاشل - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

كاتب فاشل

  نشر في 02 ديسمبر 2019  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

إنها رغبة الكتابة فقط..شيئ مجهول مصدره يأمر فأبدأ أوتوماتيكيا بالتنفيذ..

إن كنت مشغولا فلا تقرأ..

إن كنت على عجلة فلا تقرأ..

إن أثارك العنوان فقط فلا تقرأ..

إذا شعرت بالتردد فلا تقرأ..

إن كنت تبحث عن شيئ محدد فلا تقرأ..

شكرا سنبدأ الآن سرد و معالجة القلم و رغبتي في كتابة شيئ ما..

كثيرا ما أصاب بصداع في رأسي.. بشكل أسبوعي يأتي و ينغص علي يومي..فلا أجد مفرا من النوم..

كأنها لعنة و عذاب أرضي مستطير..

في صباح ذلك اليوم الشتوي البارد أصبت بصداع رهيب في رأسي.. فصبرت و تحملت حتى الثانية بعد الزوال لأغط في نوم عميق..

استيقضت بعدها لا أعرف أهو صباح أم مساء ..أنرت شاشة هاتفي لأجدها العاشرة ليلا..

لكن الأمر الجيد أن الصداع رحل..

تناولت العشاء و خرجت لأتجول في الشوارع الفارغة..

و أنا أتمشى كان الجو باردا منعشا ملهما للتفكير.. و كان عقلي صافيا لا تشوبه شوائب..

مررت بجانب حديقة فقررت أن أجلس قليلا...لقد كانت خالية تماما إلا من كلب يمارس نباحه المعتاد و الأبدي ضد المجهول..

قالوا أن الكلاب تنبح عند رؤية الشياطين.. و الجو المناسب للتجول عند الشياطين هو الليل..

تمنيت لو بإمكاني سماعهم أو رؤيتهم حتى..

لأسمع نقاشهم حول بورصة الوسوسة و أسهم كل شيطان..و مستجدات قادمة من قلب السعير..

سحبني من تفكيري إحدى المصابيح ذات الإضاءة البيضاء الخافتة و هي تنطفئ تارة و تشتعل تارة كأنها تغمز و تعطي إشارة لبدء شيئ ما لا أدري ماهيته.. أو ربما ترتجف من البرد هي الأخرى..

رفعت رأسي فرأيتها قادمة.. بها وشمين واحد أخضر و آخر أحمر.. يقولون أن الأخضر يرمز للأرض و الأحمر يرمز لدماء الأجداد..

نعم رموز ذات دلالة و قوة.. أ عرفتموها ! إنها سيارة الشرطة.. الأمن الوطني بين آلاف الأقواس.. لأنه لم أعد أعرف ماهية هذا الأمن المخلوط بعدم الاحترام و القمع و الإهانة.. ( الحُكرَة)..

هل هو في خدمتنا حقا..أم نحن في خدمته ..أم هو و نحن في خدمة كيان آخر ..

بعد مرورها بصقت على الأرض و بصقت أيضا التفكير في الأمر من عقلي.. فالوضعية الآنية ببلدي تثير اشمئزازي و غضبي.. فأخاف تعكر صفوي ..

سحبت نفسا عميقا و ذبت على الكرسي كالجبن على الفطائر .. و سرت أتأمل السماء بنجومها و قمرها المضيئ ..

ما أوسع هذا الفضاء حقا..إنه لكون شاسع لا يعدو كوكبنا فيه حبة تراب..

و نحن محتجزون في هذه الرقعة البئيسة من هذا الكوكب مقيدون بشروط برضانا أو بدونه..

إنسان يطحن أخاه الإنسان باسم الحضارة و التقدم و الثقافة و مسميات أخرى لا تعد و لا تحصى أصبحت فارغة من المعنى و المحتوى ..فتبا تبا

نظلم كثيرا الحيوانات .. و نتأفف من سماع قانون الغاب..

نعم في الغاب القوي يأكل الضعيف..و للضرورة فقط ..إما جوعا أو دفاعا عن الأرض..

أما نحن رأس الهرم أصحاب العقل و التحضر فالقوي يأكل الضعيف ..و يأكل الضعيف و يأكل الضعيف ثلاث مرات فينهشه و يطحنه حتى بعد الشبع و الاكتفاء... بسبب الطمع و الجشع الذي يحرق كل شيئ جميل أمامه..و لا يتوقف إلا بموت صاحبه..

الإنسان أصبح سما لأخيه الإنسان .. بل للكوكب و مخلوقاته ككل..

و يتم طمس و تسويف و تضليل الأمر بمسميات كثيرة لا تنتهي .. كرعاية الطفولة و الحفاظ على البيئة و الديمقراطية ..الخ

و الوجهة هي طريق تنصح بها الشياطين.. فما أكثر المنزلقين في هذه الدوامة القوية و لكن لا يطول الأمر و ينتهي ..إنها مسألة وقت فقط.. فحتى الجحيم أيضا يحتاج إلى قادة و كوادر تبث اليأس في نفوس الأجيال القادمة..

أرادوا أن يحاصروا الله بأفعالم ناسين أن الله لا يحاصر..

تبا رجعت لأفكر بمأساوية و بؤس مجددا.. و بدأ بعض الصداع بالرجوع..

نحن البشر نبحث عن السعادة و نريدها بشدة و لكن لا نفكر سوى بالبؤس و لا نبحث في هاته الحياة إلا عن معانيه..

رغم الرؤية الصعبة لمحت ذلك الشيئ الأبيض الساقط على الأرض ..

لم تكن سوى سيجارة من نوع غريب.. أمسكتها متأملا إياها جيدا..

تبدو جامدة لا تتحرك و مسالمة جدا .. حتى أنها تحترق من أجل مدخنيها دون أن تنبس ببنت شفة..

و لأني أبحث عن سعادة أشعلتها.. و سحبت نفسا عميقا مارس ضغطا على خلايا عقلي و هيج أعصابي..

دخنت نصفها و رميتها مع كثيرات من أخواتها يزين أرضيات الحدائق و الشوارع ببلدي..

ذكرتني هذه السيجارة بامرأة عجوز شعرها أحمر بالحناء كانت تدخن خفية عن أولادها... أتذكر جيدا و أنا طفل يوم نادت علي و أعطتني بعض النقود و طلبت مني أن ابتاع لها سيجارتين و أكدت علي أن يقوم صاحب الدكان بلفهم في ورقة و أن يكون الأمر في سرية تامة..

طبعا كانت تعطيني بقشيشا يضمن السرية التامة..

لعله مشاكل زوجات أولادها أرقتها أو ربما مشاكل لا أعلم عنها شيئا..

كما قال محمد شكري.. " أنا إنسان عاش التشرد و أكل من القمامة..فهل ينتظرون مني أن أكتب لهم عن الفراشات "

معضم الكتاب في العالم عاشوا طفولة سيئة على الغالب..

فكيف لشخص عاش طفولته في نعيم أن يكتب كلمات تلامس أشد الأماكن ظلمة من عقلنا و أحاسيسنا..

طبعا مستبعد لأن النسبة الكبيرة شعبية ..و إذا قلت شعبية فأنا أقصد ما أقول..

فالكثير أصبح يتداول كلمة شعب و شعبي دون وعي تاريخي و سياسي بها ..

سحبني من شرودي مجددا ذلك الكلب و هو ينبح مجددا.. لدي مفتاح و هاتف و قطعة علكة في جيبي.. لا أعرف إن كان يحب العلكة لأعطيه إياها ..لعله ينشغل بمضغها و يعطيني بعض الهدوء..

نعم هدوء و صمت مطبق.. و ما أحوجنا للصراخ تنفيسا عن غضب عارم و أحاسيس لا نعرف كيفية حل معادلتها حقا..

لقد كانت حقا لحظات من التفكير المطول و العميق.. لدرجة أني نسيت أنني جالس في حديقة و أن البرودة قد ازدادت..

إنه منتصف الليل.. علي أن أغادر على ما أضن..

قبل أن أذهب أود أن أخبركم شيئا .." فشلكم في شيئ محدد لا يعني فشلكم في الحياة.. و إياكم و الاستسلام... فأول عدو للإنسان هو نفسه".


  • 1

   نشر في 02 ديسمبر 2019  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا